[right]ـ النظرية التقليدية
حسب المادة 98 من القانون المدني " كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل على غير ذلك.
و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه ".
- لهذا نلاحظ أن حسب المادة 98 للسبب شرطين
الشرط الأول : أن يكون السبب موجودا :
مثلا : إذا أكره شخص على توقيع تعهد بدين ، كان التعهد بغير سبب و من ثم باطلا .
- كذلك الحال في سندات المجاملة ، إذا لا سبب لها فيما يخص المتعاقدين
- أو تعاهد في تجديد دين ، في حين أن هذا الدين باطلا أو كان قد انقضى.
الشرط الثاني : أن يكون السبب مشروعا :
أي لم يخالف النظام العام و الآداب .
فإذا كان السبب غير مشروع ، وقع العقد باطلا.
مثال ذلك : دفع مبلغ مقابل ارتكاب جريمة أو الامتناع عن ارتكاب جريمة .
- يجب الملاحظة أن بعض الفقهاء ( ) انتقدوا هذه النظرية التقليدية للسبب و يقولون أنها غير صحيحة و يمكن الاستغناء عنها ، و اكتفاء بالركنيين الأخريين ، أي المحل و الرضا.
- أما القضاء فقد اشترط أن يكون الباعث مشروعا ، حماية للنظام العام و الآداب ، و هذه النظرية تسمى بالنظرية الحديثة في السبب.
2- النظرية الحديثة للسبب أو نظرية الباعث :
- هذه النظرية تأخذ بعين الاعتبار " الباعث " و لا تكتفي بمجرد الغرض المباشر.
- و هذا الباعث يجب ألا يخالف النظام العام و الآداب و إلا وقع العقد باطلا ، و ذلك بشرط علم الطرفين معا بهذا الباعث سواء في المعاوضات و التبرعات و الهدف هنا هو استقرار المعاملات .
- هذه النظرية الحديثة أوسع من النظرية التقليدية ، لكن لا تحل محلها و إنما تكملها بحيث تصبح النظرية الحديثة للسبب عاملا من العوامل التي تكفل حماية النظام العام و الآداب.
- و البعض يتكلم عن نظرية ازدواج السبب و يقولون أن :
من جهة 1 للسبب الالتزام -يقصد به حماية المتعاقد نفسه من تحمل التزام بدون سبب ، تحقيقا للعدالة ، و يحقق هنا مصلحة فردية .
من جهة أخرى 2 سبب العقد - يقصد به حماية المجتمع من إبرام عقود مخالفة للنظام العام و الآداب و يحقق هنا مصلحة جماعية .
3- إثبـــــــــات السبب
حسب المادة 98-1 من القانون المدني " كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ، ما لم يقم الدليل على غير ذلك ."
و الفقرة الثانية من المادة تضيف أن " و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك ، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه "
- بعد دراسة أركان العقد ( الرضى ، المحل و السبب ) يجب القول في النهاية أنه إذا فقد العقد ركنا من أركانه ، فالجزاء هو البطلان.
الباب الثالث : البطلان
( أنظر المواد 99 إلى 105 من القانون المدني )
تعريف : بطلان العقد هو الجزاء القانوني على عدم استجماع العقود لشروط صحتها أن هذا البطلان يسبب انعدام أثرها .
- يجوز للعمل الحقيقي أن يكون مشوبا بنوعين من البطلان المطلق ،و البطلان النسبي .
البطلان المطلق : يكون العقد باطلا مطلقا إذا فقد أحد أركان تكوينه الأساسية ( أي الرضا ، و المحل ،و السبب )، و متى كان من العقود الرسمية ( أو الشكلية ) إذا لم تراع الشروط الشكلية التي يتطلبها انعقاده أو متى كان مخالفا للنظام العام و الآداب العامة . و لا يرتب القانون أثر لمثل هذا العقد.
البطلان النسبي : و يكون العقد أيضا باطلا بطلانا نسبيا و بمعنى آخر قابلا للإبطال .أن الأسباب الرئيسية التي تحمل على البطلان هي :
1- عدم أهلية أحد المتعاقدين.
2- عيوب الرضى : أي الغلط ، التدليس ، أو الغبن .
- فهو عقد موجود يترتب له القانون كل أثاره ، حتى يقضي بالبطلان لمصلحة ناقص الأهلية ، أو من شاب إرادته عيب ، أو يتراضى عليه الطرفان .
- لكن بعض الفقهاء يضيف نوع ثالث و هو الانعدام ، في حالة عدم وجود ركن من أركان العقد و هي : الرضى ، المحل ، و السبب ، فالعقد هنا منعدم و يقولون : إذا أختل ركن المحل، أو السبب فقط -فالعقد باطلا بطلانا مطلقا.
أما إذا أختل ركن الرضا وحده ، فالعقد باطلا بطلانا نسبيا.
- و يجب تمييز البطلان عن أوضاع مقاربة
1-البطلان والفسخ :
البطلان يرجع إلى عيب أصاب العقد في إحدى أركانه.
أما الفسخ فيرجع إلى عدم تنفيذ ، أحد المتعاقدين لالتزاماته في العقد الملزم للجانبين ( الصحيح).
2- البطلان و الانحلال :
يجمع البطلان و الانحلال أنه يترتب عليهما زوال العقد.
لكن :
- الانحلال يرد على عقد نشأ صحيحا، ثم ينحل .
- و قد ينحل العقد باتفاق الطرفين
- أو عن طريق الرجوع فيه بالإرادة المنفردة لأحد العاقدين
- و في هذه الأحوال ، لا يكون للإلغاء أثر رجعي
3- البطلان و عدم السريان على الغير :
- البطلان يكون في علاقة المتعاقدين ، هو الجزاء على عدم توافر أركان العقد ، أو شروط صحته.
- أما عدم السريان على الغير فإنه يكون بالنسبة للغير، أي للأجنبي عن العقد و هذا أمر طبيعي نظرا لقاعدة نسبية أثر العقد.
الفصل الأول : أحكام البطلان بنوعيه
الاختلافات بين حالات البطلان المطلق و حالات البطلان النسبي :
- العقد الباطل بطلانا مطلقا ليس له وجود قانوني.
- أما العقد الباطل بطلانا نسبيا ( أو القابل للإبطال ) فله وجوده القانوني حتى يتقرر إبطاله ، فيبطل بأثر رجعي .
- يترتب على ذلك ما يلي :
1- أن العقد الباطل بطلانا مطلقا لا ينتج أثر ما
أما العقد الباطل بطلانا نسبيا فينتج كل أثره.
2- لا يستطيع الاحتجاج بالبطلان النسبي إلا الشخص الذي قصد القانون حمايته و هذه طبقا للمادة 99 من القانون المدني التي تنص أن
" إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق ".
-بينما يستطيع كل ذي مصلحة أن يحتج بالبطلان المطلق كذلك العقد الباطل بطلانا لا يحتاج إلى حكم يقرر بطلانه ، و تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها
و هذا طبقا للمادة 102 من القانون المدني التي تنص أن " إذا كان العقد باطلا بطلانا مطلقا جاز
لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان و للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها و لا يزول البطلان بالإجازة ".
يزول البطلان النسبي بإجازة ( أو بتصديق ) من قرر البطلان لمصلحته أي أن الشخص الذي أراد القانون حمايته يجوز له ، عند زوال العيب ،إجازة العقد ، أي إعطاءه كل قوته ، و ذلك بالتنازل عن التمسك بالبطلان كل هذا حسب المادة 100 من القانون المدني التي تنص أن : "يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية ، و تسديد الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ، دون إخلال بحقوق الغير ".
- بينما البطلان المطلق لا يزول بإجازة ( أو بتصديق ) أحد أصحاب العلاقة
4- البطلان المطلق الذي لا يزول بالإجازة ، لا يتقادم أيضا يمضي مدة.
- بينما العقد الباطل بطلانا نسبيا فتلحقه الإجازة ، و يصححه التقادم و هذا طبقا للمادة 101 من القانون المدني التي تنص أن " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال عشر سنوات .
و يبدأ سريان هذه المدة ، في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه، هذا السبب و في حالة الغلط أو التدليس من اليوم الذي يكشف فيه ، و في حالة الإكراه ، من يوم انقطاعه غير أنه لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمسة عشرة سنة من وقت تمام العقد ".
أثر العقد الباطل بطلانا مطلقا و العقد الباطل بطلانا نسبيا :
- العقد الباطل بطلانا مطلقا لا أثر له بوصفه قانونيا ( و لكنه واقعة مادية ، و قد يكون له أثر بهذا الوصف ).
- أما العقد الباطل بطلانا نسبيا فهو عقد صحيح ، و لكنه قابل للإبطال كما وصفه القانون المدني .
فقبل أن يتكرر إبطاله هو عقد تام الصحة ، و إذا ما أبطل أصبح كأي عقد باطل ، و يزول بأثر رجعي.
- بعبارة أخرى يمكن القول أن العقد الباطل بطلانا نسبيا هو عقد صحيح حتى يتقرر بطلانه .
1- أثر العقد الباطل ، فيما بين العاقدين : هو رد العاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد.
مثلا : فإن كان العقد بيعا : رد المشتري المبيع ( و ثماره من يوم المطالبة القضائية )، كما تزول كل أثار العقد حسب المادة 103 الفقرة 1 من القانون المدني التي تنص أن : " يعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله ، فإن كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض معادل ".
- لكن : لقاعدة رد العاقدين إلى حالتهما قبل التعاقد يستثني حالة الإبطال لنقص الأهلية في الفقرة "2" للمادة 103 من القانون المدني التي تنص أن :" غير أنه يلزم ناقص الأهلية ، إذا بطل العقد لنقص أهليته ، أن يرد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد ".
2- أثار العقد الباطل ، بالنسبة للغير :
- القاعدة العامة : هي زوال العقد بالنسبة للمتعاقدين و للغير.
-لكن القانون و القضاء قبل ببعض الإستثناءات حفاظا على استقرار المعاملات و على حق الغير الحسن النية ، رغم زوال حق المتصرف
- أنظر مثلا فيما يخص هذه الإستثناءات المواد :
468 من القانون المدني : بالنسبة لعقود إدارة الأموال
835 من القانون المدني : بالنسبة للحياز
885 من القانون المدني : بالنسبة لصحة الرهن لمصلحة الدائن المرتهن الحسن النية وقت إبرام عقد الرهن في حالة إبطال أو فسخ أو إلغاء سند الملكية
837 من القانون المدني : بالنسبة للحايز الذي يكسب ما يقبضه من ..
"النية الغلط الشائع يقوم القانون " ، يذهب القضاء مثلا إلى عدم سقوط صفات الوارث الظاهر و هذه حماية الغير الحسن النية ضمانا للاستقرار المعاملات
المبحث الأول : الإجازة
ملاحظة : لا تلحق الإجازة إلى العقد الباطل بطلانا نسبيا أي العقد القابل للإبطال .
فيزول حق الإبطال بالإجازة الصريحة أو الممضية
- أما العقد الباطل بطلانا مطلقا ، لا سبيل إلى تصحيحه بل لابد من إبرام عقد جديد.
تعريف : الإجازة هي تصرف قانوني من جانب واحد يزيل به أحد العاقدين العيب الذي لحق العقد ، و من ثم فيلزم أن تتوافر فيه شروط التصرف ( من حيث الأهلية ، و سلامة الإرادة من العيوب ).
- يجب التفريق بين الإجازة ، و الإقرار : حيث أن
- الإقرار هو تصرف قانوني من جانب واحد أيضا ( كالإجازة )
إلا أن الإقرار يصدر من أجنبي عن عقد ، به يضيف هذا الأجنبي أثر العقد إلى نفسه ( مثلا إقرار المالك للبيع في حالة بيع ملك للغير )
-شروط الإجازة : الشروط الموضوعية للإجازة هي :
1- أن تصدر ممن له حق التمسك بالإبطال ( مثلا ناقص الأهلية بعد بلوغه ).
2- أن تكون بصدد عقد باطلا نسبيا( ).
3- أن يكون المجيز على علم بالعيب و قاصد النزول عنه.
4- و أن تصدر الإجازة بعد زوال العيب
مثلا : لا إجازة و العاقد ما زال قاصر ( سن الرشد
لا إجازة و الإكراه ما زال قائما( ).
لا إجازة إلا بعد كشف الغلط أو التدليس و زوال الظرف الذي أفسد إرادة العاقد الواقع تحت الاستغلال من طيش ، أو هوى ، إلا كانت الإجازة نفسها مشوبة بعيب من عيوب الإرادة
- الإجازة ممكن أن تكون صريحة ، أو ضمنية .
- و عبء إثبات الإجازة على من يذيعها .
- مثال للإجازة الصريحة : بعض القوانين تشترط أن تكون الإجازة الصريحة مكتوبة ، و أن تشير إلى العقد المراد إجازته ، و العيب الذي لحقه . . . .
-مثال للإجازة الضمنية : تنفيذ العاقد للعقد و لو كان هذا التنفيذ جزئيا أو استعمال الشيء موضوع العقد من طرف 'العدالة'
- فيما يخص أثر الإجازة فيما بين العاقدين : يجب القول أن الإجازة لا تصحح العقد الذي كان قابل للإبطال فقط ، لأنه عقد صحيحا قبل هذه الإجازة التي تبعد ( فقط ) خطر الإبطال الذي كان يهدد العقد.
-فيما يخص أثر الإجازة بالنسبة للغير : تنص الفقرة 2 من المادة 100 من القانون المدني أن
" الإجازة تستند إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ، دون إخلال بحقوق الغير ".
المبحـــــــــث الثـــــاني : التقادم
1- فيما يخص العقد بطلانا مطلقا : يجب القول أن المادة102 الفقرة 2 من القانون المدني تنص أن " دعوى البطلان تسقط بمضي 15 سنة من وقت إبرام العقد ".
- لكن إذا كانت دعوى البطلان تسقط بالتقادم (15) ، هذا التقادم يصحح البطلان المطلق.
2- فيما يخص العقد الباطل بطلانا نسبيا:
حسب المادة 101 الفقرة 1 من القانون المدني تنص أن : " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال عشر سنوات "
- و مدة التقادم هذه ( 10 سنوات ) توقف و تنقطع وفقا للقواعد العامة :
- في النهاية : فإذا سقط حق التمسك بالبطلان بالتقادم و البطلان و أستقر الوجود القانوني للعقد بعد أن كان مهددا بالزوال ، و أصبح العقد يثبت وجوده منذ صدوره أو انعقاده ( و ليس من يوم تمام مدة التقادم )، إذا للتقادم أثر رجعي كما للإجازة.
المبحـــــــــث الثالــــــــث : دعوى البطلان
1- فيما يخص العقد الباطل بطلانا مطلقا :
ما دام العقد الباطل بطلانا مطلقا ليس له وجود قانوني ، فلا حاجة إذن لصدور حكم بقرر بطلانه ( أو انعدامه ( أو بعبارة أخرى لا ضرورة للحكم بالعدم على شيء معدوم )).
- و يمكن لكل ذي من له مصلحة أن يتمسك ببطلانه .
- كما يمكن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
2-فيما يخص العقد الباطل بطلانا نسبيا :
-هذا العقد له وجود قانوني ، إلى أن يتقرر بطلانه.
- لذلك لا بد في تقرير البطلان من التراضي أو التقاضي.
- التراضي ( أو الاتفاق ) يتم المتعاقدين المعنيين ، و يعتبر بمقتضاه ، العقد باطل دون حاجة إلى العلم بذلك.
-فإذا لم يتم الاتفاق ، فالعقد يعتبر صحيحا حتى يرفع من تقرير البطلان في مصلحته دعوى البطلان و يحصل على حكم بذلك ، إذن فالحكم هو الذي يبطل العقد في البطلان النسبي ( ملاحظة : غير ممكن للمحكمة أن تقضي بالبطلان النسبي من تلقاء نفسها ).
- في النهاية يجب القول أن العقد الباطل بطلانا نسبيا لا يتقرر بطلانه بالاتفاق ( التراضي ) ، أو بحكم القضاء.
الفصل الثاني : أثار تقرير البطلان
فإذا تقرر بطلان العقد ( و كان البطلان مطلقا ) ، فقد تبين أن هذا لم يكن له وجود قانوني ، و لم يترتب عليه أثر .
- أما إذا كان البطلان نسبيا ، فإن العقد يزول ، و ينعدم وجوده القانوني و يكون ذلك بأثر رجعي.
إذن : فالقاعدة العامة : أنه متى تقرر بطلان العقد أعتبر كان لم يكن وزالت أثاره ، سوءا كان ذلك فيما بين المتعاقدين ، أو بالنسبة للغير.
-لكن في بعض الحالات يعطي القانون أثار عريضة للعقد الباطل بوصفه واقعة مادية.
-كما يعطي أثار جوهرية أو أصلية للعقد بإعتباره قائما حكما و ذلك لاستقرار المعاملات ( أو لحماية " الظاهر ")
الآثار العرضية : ليست هي الآثار المباشر التي قصد إليها المتعاقدين و لم تكن هي التي يتوقع
أنها وقت التعاقد مثال ذلك التي تنتج عن عقد الزواج بين المحارم ، فهو عقد باطل ، إنما ينتج
أثار عرضية كوجوب المهر ، بعد الدخول و العدة ، و ثبوت النسبة مثلا : العقد الباطل للتدليس أو الإكراه يوجب التعويض على أساس المسؤولية التقصرية عن الفعل غير مشروع( و لا على أساس المسؤولية العقدية إذا أن العقد باطل ، لا أثر له).
و إذا كان يبدوا غريبا أن عقدا باطلا ، ليس له وجود قانوني ، ينتج مع ذلك أثر قانونيا ، فإن هذه الغرابة تزول إذا علمنا أن العقد الباطل في بعض الأحوال ينتج الأثر القانوني بإعتباره
واقعة مادية.
- لكن كعقد أو عمل قانوني لا ينتج أثره لأنه باطلا ليس له وجود قانوني .
- و لكنه كواقعة قانونية لها وجود فعلي ، قد ينتج بعض الآثار العرضية و في بعض الأحوال ينتج العقد الباطل أثارا جوهرية تترتب عليه بإعتباره عقدا.
- و بعض الفقهاء يأخذون بنظرية الخطأ عند تكوين العقد و أساس المسؤولية العقدية.
- أما البعض الآخر من الفقهاء و بعد التشريعات فأخذ بنظريتا : انتقاض العقد ، و تحول العقد - وهكذا تنص المادة 104 من القانون المدني أن : " إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال ، فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ، إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا ، أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله ".
- أما المادة 105 فتنص أن " إذا كان العقد باطلا أو قابلا للإبطال وتورث فيه أركان عقد آخر فإن يكون صحيحا بإعتباره العقد الذي توفرت أركانه ، إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد ".
2- الآثار الجوهرية ( أو الأصلية ) للعقد الباطل :
مثلا : الشركة الواقعة ، هي شركة تجارية باطلة لعدم احترام بعض الإجراءات .
القسم الثــــاني : أحكام العقد
-بعد دراسة أركان العقد و شروط صحته في القسم الأول
- ندرس في القسم الثاني : أحكام العقد.
- في الفرع الأول : نتكلم على قوة العقد الملزمة.
- في الفرع الثاني : نتكلم على جزاء الإخلال بقانون العقد.
الفرع الأول : قوة العقد الملزمة ( أو أثار العقد )
إذا قام العقد صحيحا ترتبت عليه أثاره القانونية التي تقتصر على العاقدين فقط :
لأن احترام حرية الأفراد يقتضي أن تقتصر أثار العقد على طرفيه.
فالعقد إذن نسبي في أثره على أن العقد ، إذا كان يقتصر في أثره على العاقدين ، فإنه يعتبر بينهما في حدود هذا الأثر ، بمثابة القانون ، بحيث يلتزمان بتنفيذه ، كما يلتزمان بتنفيذ القانون.
- فيتعين أن ندرس في :
الباب الأول : نسبية أثر العقد
أو قوة العقد الملزمة بالنسبة للأشخاص.
- و الباب الثاني : القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع ( أو مدى أثر العقد
البـــاب الأول : نسبية أثر العقد :
أو : قوة العقد الملزمة بالنسبة للأشخاص :
- يهيمن على القوة الملزمة للعقد بالنسبة للأشخاص مبدأ نسبية أثر العقد ، يقضي بأن " أثر العقد يقتصر على طرفيه " بمعنى أن الالتزامات الناشئة و الحقوق المتولدة عنه لا تنصرف إلا إلى العاقدين.
( لكن نرى أن هذا المبدأ يحتمل استثناء فيما يتعلق بالحقوق المتولدة عن العقد و هكذا تنص المادة 113 من القانون المدني أن " لا يرتب العقد التزاما في ذمة ، و لكن يجوز أن يكسبه
حقا ".
- و يقضي بهذا المبدأ الاعتراف باستقلال الأفراد ، و ضرورة احترام حريتهم فالإثارة التي ينشئها العقد هي وليدة إرادة العاقدين دون غيرهما ، و لا يمكن من ثم ، أن تنصرف إلا إليهما ( أي للعاقدين ).
ملاحظة هامة :
- لكن لا يقصد بالعاقدين طرفا العقد وحدهما ،ليتقصر أثر العقد عليهما ، لأن الفرد بتعاقد لنفسه ،كذلك لوارثة ( أو خلفه العام ) ، فلا تقسيم المعاملات إذا انقضى أثر العقد ( حق أو التزام ) بوفاة الدائن أو المدين ، بل يتعين انتقاله إلى " خلفه العام ".
و كذلك قد يتعلق العقد بشيء معين يملكه العاقد ، و لا يتصل بشخصه ، و تقتضي طبيعته أن ينتقل أثر العقد ، مع الشيء الذي يتعلق به ، إلى من ينتقل هذا الشيء إليه ، و الذي يسمى با " لخلف الخاص "
- فأثر العقد ينصرف إلى العاقدين و من يمثلانه في إبرامه : و العاقد يمثل في تعاقده " خلفه العام " و قد يمثل " خلفه الخاص " ، و على ذلك ينصرف أثره إلى العقدين و إلى " الخلف العام " و قد ينصرف أيضا إلى " الخلف الخاص ".
-فإذا قلنا أن أثر العقد لا ينصرف إلى غير العاقدين ، فلا يعتبر " الخلف العام " ،و لا " الخلف الخاص " ، ( في حدود معينة ) ، من " الغير " اللذين لا ينصرف إليهم أثره .
الفـــصل الأول : أثر العقد بالنسبة إلى العاقدين
-أنظر فيما يخص الخلف العام : المادة 108 من القانون المدني .
- فيما يخص الخلف الخاص : المادة 109 من القانون المدني.
الفصل الثـــاني : أثار العقد بالنسبة للغير
أنظر المادة : 114 التعهد عن الغير
116 الاشتراط لمصلحة الغير
118 الاشتراط لمصلحة الغير
البـــــاب الثــــاني : مدى أثر العقد أو : القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع
- للعقد ( في حدود موضوعيه ) قوة ملزمة تساوي قوة القانون ، فيجب على كل عاقد تنفيذ الالتزامات التي ترتبت في ذمته بمقتضاه ، و إلا كان مسؤولا عن عدم تنفيذها فيتعين ، من ثم تحديد موضوع العقد أو مضمونه لنرى إلى أي حد يلتزم العاقدين بهذا المضمون و يتعين الجزاء الذي يترتب على إخلال أحد العاقدين بتنفيذ ما التزم به وفقا له.
- و قد يقتضي تعيين مضمون العقد تفسيره.
الفصل الأول : تفسير العــــقد
- إن تفسير العقد يعني شرح و معنى نطاق العبارات الواردة فيه ، أن مهمة تفسير العقود
( عند اختلاف الأطراف المتعاقدين ) ، تعود إلى السلطة القضائية .
- و يتولى القاضي تفسير العقد ليصل إلى تحديد الالتزامات التي أنشأها عن طريق الكشف عن إرادة العاقدين و تطبيق نصوص القانون ، و يتعين على القاضي الذي عرض عليه النزاع بين العاقدين أن يبحث على الإرادة المشتركة للعاقدين للفصل في النزاع.
-فإذا كانت عبارات العقد واضحة : يكون تفسيرها يسيرا إلى حد يمكن القول معه بأنه يمر غير ملحوظ ، بحيث لا يكون على القاضي سوى تطبيقه ، و أخذ العاقدين بحكمه.
- أما إذا كانت عبارات العقد غير واضحة : تعين على القاضي تفسيرها عن طريق الكشف عن الإرادة المشتركة للعاقدين.
- فإذا قام لدى القاضي ، شك في التعرف على هذه الإرادة المشتركة ، فسر الشك لمصلحة المدين في غير عقود الإذعان - أين ( حسب المادة 112 يفسر الشك فيها لمصلحة المذعن ).
- و على هذا يكون لتفسير العقد ، حالات ثلاث :
1- حالة العبارات الواضحة
2- حالة العبارات الغير واضحة.
3- حالة قيام شك في تبين الإرادة المشتركة للعاقدين.
الفصــــل الثــــاني : تحديد نطاق العقد
بعد أن يفسر القاضي بنود العقد للكشف عن النية المشتركة للعاقدين ، ينتقل إلى تحديد النطاق (أو أثار ) العقد ، غير مكتف ، في هذا التحديد ، بما ورد فيه وفقا لتلك النية المشتركة ، بل يجاوزه إلى ما يعتبر من " مستلزماته " طبقا للقانون و العرف و العدالة و هذا حسب المادة 107 من القانون المدني التي تنص " يجب تنفيذ العقد طبقا لما أشتمل عليه و بحسن نية ".
و لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب ، بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة ، بحسب طبيعة الالتزام.
غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها و ترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي ، و أن لم يصبح مستحيلا ، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فإذا جاز للقاضي تبعا للظروف و بعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، و يقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك .
الفــــصل الثـــالث : مدى التزام العاقدين بتنفيذ العقد
حسب المادة 106من القانون المدني تنص أن " العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ، و لاتعديله إلا باتفاق الطرفين ، أو للأسباب التي يقررها القانون ".
- و تطبيقا للفقرة 1 للمادة107 "... يجب تنفيذ العقد لما أشتمل عليه و بحسن نية..."
- ( نلاحظ أن مبدأ حسن النية و مبدأ " العقد : شريعة المتعاقدين " من المبادىء الأساسية التي بنيا عليها تشريع العقد ).
- لكن المشرع أورد إستثناءين على هذا المبدأ العام ، تقرر فيهما للمحكمة سلطة تعديل العقد :
1- أولهما يتعلق بعقود اللاذعان ( المادة 110 ) و الشروط التعسفية .
2- و ثانيهما تقضي به نظرية الظروف الطارئة ( المادة107 -3 ) .
الفرع الثـــاني : جزاء الإخلال بالعقد
- إذا نشأ العقد صحيحا ، يكون واجب التنفيذ ، بحيث يتعين على المدين أن ينفذ الالتزامات الناشئة عنه على الوجه المتفق عليه فيه ، و إلا كان للدائن أن يسأل المدين عن عدم تنفيذها ، و تقوم مسؤولية هذا الأخير عنه ، ما لم يثبت رجوعه إلى سبب أجنبي لا بد له فيه ، فيحكم عليه بتعويض الضرر الذي لحق الدائن نتيجة له.
-فالمسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بتنفيذ التزام ناشئ عن العقد.
- لكنها ليست جزاءه الوحيد إذا كان العقد الذي ولده ملزما للجانبين ، بل يضاف إليها ( في نطاقه ) جزاءات أخرى : مثلا إذا أخل أحد العاقدين ، في عقد ملزم للجانبين ، بالتزاماته ، جاز للعاقد الآخر أن يطلب فسخ ( ) العقد ، لتنحل الرابطة القانونية التي ولدها ، و يتخلص ، بانحلالها ، عن التزاماته .
- كما يجوز له أن رأى الأبناء ، رغم ذلك على العقد أن يكتفي بوقف تنفيذ التزاماته إلى أن يقوم العاقد الأخر بتنفيذ التزاماته ، بمقتضى الدفع بعدم التنفيذ الذي تقرر له إلى جانب الفسخ .
- و هكذا نخصص :
الباب الأول : للمسؤولية العقدية و هي المبادىء العامة في جزاء الإخلال بالعقد ( أي جزاء عام كل العقود ) .
و نكسر : الباب الثاني : للفسخ و الدفع بعدم التنفيذ ( اللذين تتمثل فيهما القواعد الخاصة بالعقد الملزم للجانبين ) ( أي الفسخ هو جزاء خاص بالعقود الملزمة للجانبين و يقوم إلى المسؤولية العقدية ).
الباب الأول : المسؤولية العقدية
للدائن ، في القاعدة العامة ، أن يقتضي من المدين تنفيذ التزاماته عينا ، أو في عبارة أخرى ، على النحو المتفق عليه بينهما في العقد.
و تقوم المسؤولية العقدية في حالة عدم تنفيذ الالتزام على النحو المتفق عليه و لو نفذ الالتزام جزئيا ، أو بعد الوقت المعين له ، أو على غير الوجه المحدد له.
- فالمسؤولية العقدية ، باختصار ، هي جزاء إخلال أحد العاقدين بالتزام ناشئ عن العقد الذي أبرمه .
- و عناصر المسؤولية العقدية هي :
1- الخطأ : من طرف المدين أو أن يكون عدم تنفيذ التزام المدين راجعا إلى أخطائه .
2- الضرر : الذي يصيب الدائن و الناجم عن إخلال المدين بالتزامه .
3- و علاقة السببية بين الخطأ و الضرر .
ملاحظة : لما كانت هذه العناصر ( أو الأركان ) الثلاثة هي بذاتها عناصر المسؤولية التقصيرية ، فإننا نقتصر ( في هذا الباب ) على ما يميز المسؤولية العقدية في هذه العناصر،( ونخلف دراسة كل ما هو مشترك بين نوعي المسؤولية المدنية إلى الجزء الثاني بالمسؤولية التقصيرية.
الفصـــل الأول : الخطأ العقدي
تعريف: الخطأ العقدي هو تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد على
الوجه الوارد فيه .سواء كان عدم تنفيذه كليا أو حقيقيا أو جزئيا ( و يدخل في هذه الصورة الأخيرة : التأخر في تنفيذه ).
و حسب المادة 176 من القانون المدني أن " إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه ، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا بد له فيه ، و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه ".
- فالمدين الذي لا ينفذ الالتزام الذي رتبه العقد في ذمته يرتكب الخطأ ، لعدم تنفيذه للعقد الذي يعتبره بالنسبة له ، بمثابة القانون .
- و أن محل الالتزام العقدي يكون تحقيق نتيجة أو بدل عناية.
و لهذا فعدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه خطأ العاقد يتخذ حسب طبيعة الالتزام صورتين :
1- إما عدم تحقيق النتيجة .
2- أو القصور عن بذل العناية .
- و هكذا إذا كان الالتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين ، التزاما بتحقيق نتيجة ، يتوافر الخطأ في جانبه بمجرد عدم تحقيق هذه النتيجة لأنه أخل بالتعهد الذي أخذه في العقد على نفسه ، و لم ينجز ما التزم به وفقا له ( للالتزام ).
- و لا يجوز للمدين أن يقيم الدليل على انعدام الخطأ في جانبه ، لأنه هذا الخطأ وقع فعلا بعدم تنفيذه لالتزامه.
- أما إذا كان الالتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين إلتزامايبذل عناية ، لا يتوافر الخطأ في جانبه إلا إذا قصر عن العناية المطلوبة منه ( قانونا أو اتفاقا ) في اتخاذ الوسيلة التي تؤدي إلى الغاية التي أرادها العاقدين.
- فذلك القصور ( لا عدم تحقيق هذه الغاية ) هو عدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه الخطأ.
- لأن المدين يكون قد وفى بالتزامه إذا بذل القدر المطلوب من العناية ، و لو لم تتحقق تلك الغاية .
- و على ذلك لا يقوم خطأ المدين بمجرد عدم تحقيق الغاية لأن محل التزامه بذل هذه العناية ، و لا يظهر الخطأ إلا بتقدير سلوك المدين و مقارنته بسلوك " الشخص العادي " و هذا حسب المادة 172 التي تنص أن :" في الالتزام بعمل ، إذا كان المطلوب من المدين أن يحافظ على شيء ، أو أن يقوم بإرادته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزام فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، و لو لم يتحقق الغرض المقصود ، و هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك ".
و على كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم . ( أو بعبارة أخرى : يتكون خطأ المدين من الإهمال أو عدم الاحتياط ).
- فيما يخص جسامة الخطأ العقدي ، يجب الملاحظة أن لما كان الخطأ العقدي هو الإخلال بتنفيذ الالتزام أو ، في عبارة أخرى ، عدم تنفيذه على الوجه المتفق عليه في العقد ، سواء كان عدم التنفيذ كليا ، أو جزئيا ( كالتنفيذ المتأخر و التنفيذ العيب ) فلا يكون للأسباب ، أو البواعث التي أدت إليه ، أو الظروف التي لابسته ، أية أهمية في تقدير وجوده ، طالما لم ينشأ سبب أجنبي لا بد للمدين فيه.
- فيما يخص إثبات الخطأ العقدي ، يجب التمييز بين ثلاثة مسائل :
1- إثبات وجود الالتزام : هذا الإثبات يقع على عاتق الدائن .
2- إثبات عدم التنفيذ العيني : في هذه الحالة يجب على المدين أن يثبت قيامه بالتنفيذ
( لكن فبعض الحالات ، يجب على الدائن إثبات أن النتيجة لم تتحقق ( إذا كان الالتزام بتحقيق غاية ) أو أن المدين لم يبذل العناية التي فرضها العقد بإثبات الإهمال أو عدم الاحتياط من طرف المدين ( إذا كان الالتزام ببذل عناية ).
3- أما علاقة السببية : فتنحصر في أنه إذا أثبت الدائن وجود الالتزام و عدم تنفيذه قامت مسؤولية المدين و لا يتخلص منها إلا إذا ثبت " السبب الأجنبي ".
الفصـــل الثـــاني : الضرر
- لقيام المسؤولية العقدية ، لا يكفي ثبوت خطأ في جانب المدين ، بل يجب أن ينجم عن هذا الخطأ ضرر في جانب الدائن.
- و للضرر نوعان : * مادي
* أو معنوي ( أو أدبي )
- و كلاهما يجب التعويض عنه.
- ولا فرق بينهما من حيث الشروط التي يترتب عنها حق التعويض عن الضرر.
- لكن المشرع ، و في حالة معينة ،حدد الأشخاص اللذين لهم حق المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي.
- فيما يخص التعويض عن الضرر يجب القول أن الدائن يستحق تعويضا عن الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه كليا أو جزئيا ، أو من تأخره في التنفيذ.
- ويترتب عادة على الإخلال بتنفيذ الالتزام أضرار عديدة ، بعضها ترتيب و الأخرى بعيد
- و لا يمكن مبدئيا أن يسأل المدين عن تعويض جميع هذه الأضرار البعيدة التي ضعفت صلتها بالخطأ الذي أرتكبه المدين.
- بعبارة أخرى يتعين الوقوف عند الضرر الذي ينتج مباشرة عن الإخلال المدين بالتزامه ، أو ما يسمى " بالضرر المباشر " : و هو ما يكون " نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير في الوفاء به " ( أي الضرر الذي " يرتبط بالخطأ بعلاقة السببية " )
- أما الضرر الغير المباشر فينجم ، في الواقع عن خطأ الدائن الذي كان في وسعه أن يبذل جهده معقول ، ولكنه لم يبذله ، ومن ثم لا يعتبر المدين مسؤولا عنه ، لعدم توفير علاقة سببية بينه و بين خطأ المدين.
- في القاعدة العامة يجب القول بأن المدين ، في المسؤولية العقدية ، لا يلتزم بتعويض كل الضرر المباشر ، و يتعين التمييز في حدود الضرر المباشر بين " المتوقع " و " غير المتوقع " ( ما عد إذا أرتكب المدين غشا أو خطأ جسيما ).
- و يقتصر التزامه المدين على تعويض الضرر الذي يتوقعه ، وقت التعاقد " الشخص العادي " حسب المعيار المادي ، و ليس المعيار الذاتي".
- أما إثبات الضرر فيقع مبدئيا على الدائن و لكن يجوز للمدين أن يتخلص من الحكم عليه إذا أثبت العكس أي أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.
الفصـــــل الثــــالث : علاقــــــة السببيــــــــة
- لا يكفي ( ليسأل المدين عن عدم تنفيذ التزامه العقدي ) أن يثبت خطأ في جانبه ، و ضرر لحق الدائن ، بل يجب أن يكون هذا الضرر نتيجة لذلك الخطأ ( أو بعبارة أخرى : يجب أن يكون الخطأ سبب الضرر ) .
- أما إذا وقع خطأ في المدين ، و لحق ضرر بالدائن ، فدون أن ذلك الخطأ هو السبب في الضرر ـ فلا تقوم المسؤولية العقدية ـ
-فعلاقة السببية هي الركن الثالث في المسؤولية العقدية ( بل فالمسؤولية المدنية عموما عقدية أو تقصيرية ).
1- إثبات العلاقة السببية :
- تقوم مسؤولية المدين متى ثبت عنصرا الخطأ و الضرر.
- و يجب عليه ، ليتخلص من هذه المسؤولية ، أن ينفي علاقة السببية بينهما ، بإقامة الدليل على أن الضرر الذي لحق الدائن لا يرجع لخطئه ، بل إلى سبب أجنبي عنه.
و يعبر الفقه عن ذلك بأن علاقة السببية مفروضة أو مفترضة فلا يكلف الدائن بإثباته.
2- نفي علاقة السببية :
لا يستطيع المدين أن ينفي علاقة السببية إلا بإثبات السبب الأجنبي : و يقصد به كل أمر غير منسوب إليه ( إلى المدين ) أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن ( و يختلف من ثم عن انعدام الخطأ ) و أهم صورة هي القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو فعل الدائن ، أو فعل الغير يكفي لانعدام الخطأ ، أن يتفق سلوك المدين مع سلوك الرجل العادي .
- حين يجب لقيام السبب الأجنبي أن يستحيل على الرجل العادي أن يسلك سبيلا آخر ، غير الذي سلكه المدين ، ( يقصد بالسبب الأجنبي كل أمر غير منسوب إلى المدين أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن ) .
- لكن لا يكفي للمدين ليتخلص من المسؤولية أن يثبت انعدام الخطأ في جانبه (أو من طرفه) ، لأن عدم تنفيذ الالتزام هو الخطأ ذاته.
- بعبارة أخرى ، القاعدة هي : أنه في حالة عدم تنفيذ قوة قاهرة ، أو حادث فجائيا ، أدى إلى استحالة تنفيذه