بعد أن فقدت العقاقير هيبتها وسحرها أمام الآثار الجانبية التى تتخلف عن استعمالها، صار استخدام الغذاء كدواء هو الصيحة الأحدث فى عالم الطب اليوم ،وهو الأمر الذى يلاقى ترحاباً واسع النطاق .
وعلى القمة من هذه الأغذية التى يلجأ الطب لعلاج كثير من الأمراض يأتى عسل النحل .. ليس كدواء فقط وإنما كوسيلة من وسائل التجميل للنساء ..
مفارقة ساخرة
يشير الدكتور/ أحمد شفيق "أستاذ الجراحة بكلية الطب ورئيس الأكاديمية العالمية لجراحة الجهاز الهضمى بنيويورك" إلى مفارقة واضحة .. حين يقول: "إذا كانت العقاقير ناجحة فى كثير من الأمراض إلا أنها من جانب آخر دليل على فشل الطب الحديث وحيرته بما تخلفه من آثار جانبية على الإنسان .. وأنا كطبيب أقف عاجزاً أحياناً حين أصف دواء لمريض وأنا متأكد أن لهذا الدواء تأثيراً جانبياً خطيراً ولكن .. لا مفر "
وربما كان الأطباء القدماء أكثر ذكاء وإنسانية حين اتجهوا إلى الغذاء والأعشاب مع ابتعادهم التام عن اللجوء إلى العقاقير الكيماوية إلا فى حالات استثنائية نادرة .. وقد كان ابن سينا ينصح بشهد العسل لحفظ الذاكرة والقدرة على الكلام والعمل فى سن متأخرة .. قائلاً:إذا أردتم أن تحتفظوا بشبابكم فعليكم بشهد العسل..
والطبيب الزهرى يصف العسل قائلاً: عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ .. وكذلك كان الطبيب الإغريقى جالينوس يصفه كعلاج لأمراض القناة الهضمية وبعض حالات التسمم .. وكان أبقراط يأكل قليلاً من العسل مع وجباته وقد استعان فى طبه وعلاجه لكثير من الأمراض بالعسل .. وقال: إن العسل مع غيره من ألوان الطعام الأخرى يمنح القوة والصحة
صيدلية آمنة
وها هو الطب الحديث يراجع حساباته ويعيد ترتيب أوراقه، فتعلن أحدث الأبحاث القادمة من الصين أن عسل النحل بيئة غير صالحة لحياة الجراثيم .. فقد قام الطبيب الصينى "لونج سين" وبعض زملائه فى جامعة شنغهاى بوضع عينات مختلفة من الجراثيم على عينات من العسل، وقد ماتت هذه الجراثيم وقضى عليها خلال فترة وجيزة ..فماتت جراثيم التيفود والبراتيفود بعد 24 ساعة، وماتت جراثيم حمى التيفوس بعد 48 ساعة وماتت جراثيم الالتهاب الرئوى بعد 96 ساعة، أما الدوسنتاريا فقد قضى عليها بعد 10ساعات .. وعزا العلماء ذلك لارتفاع تركيز السكر فى العسل ولأنه حمضى التأثير ..
وفى الصين يوجد مستشفى كبير متخصص فى علاج المرضى بعسل النحل فى حالة ضعف البنية والأنيميا وفقر الدم، وقد زاد وزن المرضى الذين يدخلون فى غذائهم وشرابهم العسل، كما زادت نسبة الهيموجلوبين فى دمائهم، وهو يزيد القوة البدنية والمناعة بزيادة كرات الدم الحمراء والبيضاء، كذلك يعالج به المرضى الذين يعانون من تشنجات وتقلصات العضلات نتيجة الإرهاق والمجهود الزائد ..
أما العسل مع شمعه الطازج فيستعمل لعلاج أمراض الجهاز التنفسى وفى حالات الإمساك المزمن واضطرابات المصران الغليظ العصبى وقرحة المعدة والاثنى عشر.. كذلك يساعد على التئام الجروح، لذا ينصح بتناول العسل المصفى بعد إجراء العمليات الباطنية على وجه الخصوص .. وقد استعمل شمع العسل منذ القدم فى علاج القروح والدمامل ومرض الثعلبة بعد مزجه بالزبد .. واستعماله كنوع من العلك لعلاج التهابات الجيوب الأنفية ..
غذاء متكامل وطهور
يحتوى عسل النحل على نسبة عالية من المواد السكرية تبلغ 34% والفركتوز 40% و السكروز 4% ، كما يحتوى على نسبة متغيرة من الشمع وزيت عطرى بالإضافة إلى بعض العناصر كالنحاس والحديد والمنجنيز والسيليكون والكالسيوم والفسفور والصوديوم الماغنسيوم والألومنيوم كما يجتوى على نسبة من فيتامين ب المركب وفيتامين ك .. وبعض الأنزيمات والأحماض العصوية وبعض حبوب اللقاح وبعض الأحماض الأمينية.. ويعتبر العسل بالنسبة للإنسان الغذاء الكامل السهل الهضم والتمثيل، ويدخل فى الأشربة المقوية ويعتبر مصدراً لأملاح العناصر اللازمة لجسم الإنسان، كذلك فإنه ملين طبيعى إذا ما تناولناه مع وجبة الإفطار ومطهر للأمعاء فى أوقات الأوبئة والتلوث ومسكن للكحة وطارد للبلغم ويلطف الحلق ويساعد على النوم الهادىء.. وأجود العسل وأبيضه وألينه حدة وأصدقه حلاوة هو ما يؤخذ من الجبال والشجر..
ولسع النحل أيضاً !!
وتشير الدراسات الطبية المهتمة باستخدام عسل النحل كغذاء ودواء إلى عدم وجود مرض السرطان بين النحالين لأنهم يتناولون شهد العسل بصفة مستمرة أو لأنهم يتعرضون للسع النحل بسمه اللاذع المفيد ..
ومازال من المعتقد فى الأوساط الطبية أن شهد العسل يمنع مرض السرطان، وقد نجحت الأبحاث التى قام بها د/ على مؤنس أستاذ الأمراض الباطنية والكبد بكلية طب عين شمس فى استخدام لذعات النحل فى القضاء على فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى من دم المريض بعد 15 يوماً من العلاج ..
ولسع النحل أيضاً مفيد فى علاج روماتيزم المفاصل والعضلات ، والمهم أن يتم تحت إشراف طبى – كما يشير الدكتور/على مؤنس
قطرة العسل .. جمال ونضارة ولا نذيع سراً إذا قلنا إن غالبية مستحضرات التجميل التى تستعملها المرأة لها أضرار بالغة على البشرة.. وقد تسبب فى أحيان كثيرة نوعاً من الأورام والأمراض الجلدية المستعصية .. وهى إن استطاعت منح المرأة بعض الجمال المؤقت الزائف فقد تسلبها نضارتها وجمالها الطبيعى وتشوه جلدها إلى الأبد..
وقد كان القدماء أكثر خبرة فى هذه الناحية أيضاً عندما عرفوا العسل كمصر من مصادر الجمال، ففى الصين و اليابان كانت المرأة تستعمل العسل فى محاليل أو عجائن وأقنعة من مسحوق اللوز وبذور الخوخ والمشمش لتنعيم بشرة الأيدى ..
ويستعمل العسل أيضاً كقناع للوجه والرقبة لتنعيم البشرة وإزالة التجاعيد منها .. وقد أثبت أحد العلماء الروس أن للغذاء الملكى خاصية كبيرة فى قتل الميكروبات والفطريات وقد يفوق ذلك أقوى المضادات الحيوية التى تستعمل فى علاج حب الشباب والالتهابات والدمامل والبثور .. وقد استخدم العلماء الروس خليطاً متساوياً من زيت كبد الحوت والعسل فى علاج الجروح والحروق المتقيحة
وللغذاء الملكى تأثير خاص فى منع زحف الشيخوخة والتجاعيد، ويقدم خبراء التجميل وصفة سهلة وبسيطة للباحثات عن نضارة الوجه .. بخلط ملعقة من العسل بقطرات من عصير الليمون، يدهن بها الوجه والرقبة فى المساء ..
بركة وشفاء عسل النحل هذا بركة وشفاء وما اكتشف من فوائده وأسراره يشير إلى أن هناك الكثير من الأسرار والفوائد التى لم تفلح الأبحاث والمراكز الطبية فى إماطة اللثام عنها حتى الآن .. بعد أن ثبت أن عسل النحل ليس نوعاً واحداً بل مئات الأنواع تختلف باختلاف المكان الذى يؤخذ منه..
وصدق الله العظيم حين جعله آية لقوم يتفكرون.. "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون*68 ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك زللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون *69 " (سورة النحل68-69)