[right]ولما كان لموقع دول الخليج العربي الجغرافي المميز باعتبارها همزة وصل بين دول شرق آسيا وأوروبا مما جعل بعض هذه الدول مثل الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين مسارات رئيسة ومحطات مهمة في تجارة الجنس (الرقيق الأبيض) حيث يتم سنويا تصدير العشرات من الفتيات من دول شرق آسيا ودول الاتحاد السوفيتي سابقا إلى هذه الدول .
وهو مايبعث على القلق من امتداد هذه النشاطات إلى دولة الكويت وذلك بسبب القرب الجغرافي من هذه الدول ، بالإضافة إلى التوجه إلى تحرير التجارة وتطوير السياحة في الكويت وخصوصا في الجزر.
المبحث الثالث
العلاقة بين الإرهاب والجريمة
المنظمة
يشكل الإرهاب تهديداً مستمراً للأمن والسلم والاستقرار في دول العالم ، فضلاً عما يسببه من انتهاكات لحقوق الإنسان ، وتكمن الخطورة في تنامي العلاقات بين الجريمة المنظمة والإرهاب ، فالتشابه الكبير في التنظيم الهيكلي لكل منهما وفي استخدام أساليب العنف وإدارة العمليات في سرية تامة وتنفيذها في دقه شديدة ، هذا التشابه الكبير بينهما أدى إلى ذهاب البعض إلى اعتبار الإرهاب صورة من صور الجريمة المنظمة.
ولما كان موضوع الإرهاب يحتاج إلى دراسة كاملة متخصصة ، فإننا سنقتصر في موضوعنا هذا على تناول العلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة وآثار هذه العلاقة على النحو الأتي:
المطلب الأول : مظاهر العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والجريمة المنظمة
المطلب الثاني : آثار العلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة
المطلب الأول
مظاهر العلاقة بين التنظيمات الإرهابيه
والجريمة المنظمة
تتداخل أحيانا طبيعة عمل الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية إلى الحد الذي قد يصل إلى التحالف الوثيق ، إلا أن ذلك لايعني الخلط بين الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية .
أولا: الخصائص المشتركة للإرهاب والجريمة المنظمة:
(1)إن كلاً منهما يتخذ العنف غير المحدود لتحقيق غايته غير المشروعة، فضلاً عن نشرهما الرعب والذعر بهذه الوسائل
(2)تشابه الهيكل التنظيمي لكل منهما والقائم على العلاقة الهرمية بين أعضائه.
(3)تعتبر شبكات الإرهاب والجريمة المنظمة غاية في التنظيم والدقة فضلاً عن السرية في تنفيذ المهام .
(4)تعتبر شبكات الإرهاب والجريمة المنظمة عقبة أمام التنمية الاقتصادية
(5) تمتد الشبكات الإرهابية والجريمة المنظمة في بعض الأحوال عبر حدود الدول .
* كما يدل على العلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة عدة مؤتمرات وقرارات في هذا الشأن ومنها:
• مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة (هافانا 1990)
حيث أشار القرار رقم (15) المتعلق بالجريمة المنظمة إلى خطورة الجرائم التي ترتكبها جماعات الجريمة المنظمة ولاسيما الإرهاب
• القرار رقم (1373) الصادر عن مجلس الأمن (2001)
حيث أشارت الفقرة الرابعة من القرار (1373) الصادر عن مجلس الأمن إلى القلق من العلاقة الوثيقة بين الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة عبر الوطنية
• إعلان القاهرة لمكافحة الإرهاب الصادر في 4 ديسمبر 2003م حيث عبرت القاهرة عن قلقها العميق من العلاقة الوثيقة بين جرائم الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية .
هذه الخصائص المشتركة لكل من الإرهاب والجريمة المنظمة جعلت البعض يرى أن الإرهاب هو أحد أشكال الجريمة المنظمة بأبعادها الجديدة بالنظر إلى آثارها السلبية التي تمتد إلى مناطق متعددة من العالم .
ولكن بالرغم من أوجه التقارب هذه إلا أن هناك رأياً مخالفاً يرى عدة اختلافات بين الإرهاب والجريمة المنظمة ، فالإرهاب ممكن أن يقع من شخص واحد في حين إن الجريمة المنظمة لا تقع إلا من مجموعة أشخاص وذلك لأنها جريمة جماعية كما أن العنف في الإرهاب يوجه إلى مجموعة أشخاص دون تمييز كما يحصل في العمليات الإرهابيه في حين يكون العنف في الجريمة المنظمة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها غير مشروعة .
كما قد تقوم الحكومات بالتفاوض مع الجماعات الإرهابية وهو مايعبر عن الاعتراف بهذه الجماعات ويضفي عليها صفة الشرعية بغض النظر عما ترتكبه من جرائم ، الأمر الذي لا يتصور حدوثه مع جماعات الجريمة المنظمة ، ويعتبر الدافع هو الاختلاف الأساسي والجوهري بين الجماعات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة فالجماعات الإرهابية تسعى إلى إسقاط الحكومات والأنظمة للوصول إلى السلطة في حين يعتبر الدافع الأساسي لجماعات الجريمة المنظمة الربح المادي فتعمل داخل الأنظمة القائمة دون الرغبة في إسقاطها .
ومن جانبنا نرى أن الاختلاف بين الإرهاب والجريمة المنظمة واضح وذلك لاختلاف الدافع الأساسي لكل منهما وإن قام كل منهما باستخدام أساليب الآخر مع التركيز على عدم إضاعة الوقت في هذا الاختلاف وتوجيه الجهود لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب معا .
المطلب الثاني
آثار العلاقة بين الإرهاب
والجريمة المنظمة
لقد أدى تنامي العلاقة بين جماعات الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة إلى زيادة قدراتها المادية والفنية حتى أصبحت بعض الدول عاجزة عن مواجهتها والحد منها .
كما أدت العلاقة إلى وجود نوع من التعاون والتنسيق بين الشبكات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة ، كقيام عصابات الجريمة المنظمة بتزويد الشبكات الإرهابية بالجوازات وبطاقات الهوية المزورة وهو ماكشفت عنه تحقيقات السلطات المصرية مع العناصر الإرهابية التي ألقي القبض عليها حيث استعانت للحصول على جوازات سفر مزورة بعصابات إجرام منظم من وسط أسيا .
كما تقوم عصابات الإجرام المنظم بتمويل الشبكات الإرهابية بما تحتاجه من مال وسلاح ، حيث تستفيد الشبكات الإرهابية من الأرباح الطائلة التي تحققها عصابات الإجرام المنظم في مقابل توفير الحماية لعملياتها غير المشروعة .
ومع تزايد خطر الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية وتنامي العلاقة بينهما مما يستدعي التعاون على مواجهتهما والتضامن والعمل المشترك بعيدا عن العمل الفردي وهو ماسنتناول في الفصل الثاني ، حيث سنتناول التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة.
الفصل الثاني
مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
يعتبر دافع الربح هو المحرك الأساسي لجماعات الجريمة المنظمة سواء كانت تمارس أنشطة داخليه أو أنشطة عابرة للحدود الوطنية ، الأمر الذي يجعلها تزيد من تنظيمها لزيادة نفوذها عن طريق إفساد المسئولين العاملين في الدولة أو القطاع الخاص أو المواطنين العاديين ، فضلاً عن استغلالها للأرباح الطائلة التي تحققها بإدخالها في أنشطة مشروعة مما قد يجعلها تسيطر على قطاع ما من الاقتصاد أو على الاقتصاد بأكمله ،وتستخدم لتنفيذ أهدافها أدواتها من عنف وترهيب ورشوة ، وهو ما يبين لنا خطر جماعات الجريمة المنظمة من رغبتها في السيطرة على النظام القائم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً لزيادة أرباحها ، فضلاً عن استغلالها للعولمة والانفتاح الاقتصادي بين الدول لممارسة أنشطتها العابرة للحدود الوطنية .
لذلك فالجماعات الإجرامية المنظمة في تزايد مستمر في عددها وحجمها وأنشطتها التي تمارسها في الدول النامية و المتقدمة مما يجعل التعاون الدولي ضرورة حتمية في مكافحتها .
وهو ما سنتناوله في المبحثين القادمين على النحو التالي :
المبحث الأول : التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة
المبحث الثاني : التعاون القضائي في مكافحة الجريمة المنظمة
المبحث الأول
التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة
يعتبر التعاون الدولي ضرورة لمكافحة الجريمة المنظمة وذلك للطبيعة الخاصة لهذه الجريمة التي لا تقتصر آثارها على دولة واحدة ، بل تصل عدة دول ويصعب أو يستحيل على بعض الدول مكافحتها لوحدها .
فالجريمة المنظمة قد يتم التخطيط لها في بلد ما ويتم تنفيذها في بلد أخر وتمتد آثارها إلى دول أو عدة دول ، ويتم غسل الأموال المتحصلة من هذه الجريمة في بلد رابع ، وهذا ما يظهر لنا أهمية التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية .
إذاً التعاون الدولي شرط أساسي لمكافحة الجريمة المنظمة وهو ماسنتناوله في هذا المبحث حيث سنتناول الجهود الدولية في مكافحة الجريمة المنظمة في المطلب الأول ومن ثم سوف نتناول التعاون الأمني ودور الأنتربول في مكافحة الجريمة المنظمة في مطلب ثاني .
المطلب الأول
الجهود الدولية في مكافحة الجريمة المنظمة
يتخذ التعاون الدولي في مكافحته الجريمة المنظمة عدة أشكال ومن أهمها الاتفاقيات الدولية حيث أنه في مجال الاتفاقيات الدولية كان التعاون الدولي في مواجهة الجريمة المنظمة في السابق يعتمد على مواجهة كل جريمة على حدة ومن أمثلة ذلك : الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمخدرات ، والاتفاقات الخاصة بمكافحة الاتجار بالأشخاص والاتفاقيات الخاصة بمكافحة تزييف الأموال ، ولكن بعد تنامي خطر جماعات الجريمة المنظمة وزيادة نشاطها أصبح المجتمع الدولي يتعامل معها كجريمة واحدة وهو مادلت عليه عدة مؤتمرات واتفاقيات كان آخرها اتفاقيه مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في باليرمو سنة 2000م .
والتعاون الدولي في هذا المجال يكون بالانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذه الجريمة ، واستحداث اتفاقيات جديدة متعددة الأطراف أو ثنائية تجرم الأنشطة المتجددة التي تمارسها عصابات الجريمة المنظمة .
كما أن هناك شكلاً آخر من التعاون الدولي في مكافحته الجريمة المنظمة والمتعلق بالنصوص التشريعية ، حيث تقوم عصابات الجريمة المنظمة باستغلال الاختلاف في النصوص التشريعية بين الدول فتمارس أنشطتها في الدول التي لاتجرم هذه الأفعال أو التي تكون فيها العقوبة أقل لذلك ينبغي أن يكون هناك تعاون دولي في مجال النصوص التشريعية بحيث يتم وضع تعريفات مشتركة للجرائم المتجددة التي ترتكبها عصابات الجريمة المنظمة ووضع نصوص عقابية للفاعلين الأصليين والشركاء بحيث لا يفلت منها أحد .
و قد نصت على هذا النوع من التعاون عدة مواد من اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية كالمادة (18) والخاصة بالمساعدة القانونية المتبادلة والتي تدعو الدول الأطراف إلى أن تقدم كل منها للأخرى أكبر قدر ممكن من المساعدة القانونية والقضائية ,والمادتين (26،27) واللتين تدعوان إلى وضع تدابير تعزز من التعاون مع أجهزة القانون في مجال اتخاذ القانون .
كما يعتبر من أوجه التعاون الدولي دراسة الجريمة المنظمة وتوجهاتها ووضع خطط مشتركة لمواجهتها.
وقد قامت دولة الكويت بالتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين الملحقين بها وهما البروتوكول الخاص بمنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص ، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو ، وصدر بموجبها القانون رقم(5) لسنه 2006م في 27 مارس،
لتصبح أحكام ومواد هذه الاتفاقية والبروتوكولان المشار إليهما قانونا واجب التطبيق في دولة الكويت وقد عبرت دولة الكويت عن سعادتها بالمصادقة على هذه الاتفاقية والبروتوكولين الملحقين بها ، جاء ذلك على لسان رئيس الوفد الكويتي المستشار المحامي العام الأول محمد الزعبي في كلمته أمام مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والذي انعقد في فيينا والذي قال فيه يجب علينا ألا نقصر في بذل كل الجهد وابتداع الوسائل التي تكفل تنفيذ الاتفاقية وتعزيز التعاون بين دولنا لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بمزيد من الفاعلية وأضاف أن مسؤولية مكافحة الجريمة المنظمة تقع على عاتق جميع الدول ، الأمر الذي يجعل من التعاون الدولي لمنعها ومكافحتها امراً ضروريا وما يترتب على ذلك التعاون من توفير المساعدة التقنية التي حتما ستؤدي إلى تعزيز قدرة الدول على مكافحة الجريمة بآلية فعالة ، وكشف أن دولة الكويت تعكف في إطار مجلس التعاون الخليجي على إعداد مشروع قانون لمكافحة الاتجار بالأشخاص .
المطلب الثاني
التعاون الأمني ودور الأنتربول
في مكافحة الجريمة المنظمة
تم إنشاء الأنتربول في فيينا سنة1923م ، وأصبحت في عام1971م تتمتع بالشخصية القانونية الدولية بعد إبرامها مع الأمم المتحدة اتفاقية دولية كمنظمة دولية حكومية ، ويبلغ عدد أعضائها(177) وتمتعها بالشخصية القانونية لاينقص من سيادة الدول المشتركة في عضويتها ويهدف الأنتربول إلى التنسيق والبحث والتقصي وتقديم الخبرة والإرشادات في مجال مكافحة الجريمة عموما والجريمة المنظمة على وجه الخصوص ، كما يهدف إلى تحسين العلاقة المتبادلة بين الأجهزة الشرطية ، وتحسين أداء التنظيمات الخاصة بمكافحة الجريمة المنظمة .
ونصت المادة (1) من ميثاق إنشاء الأنتربول على أن أهدافه هي:
1)تشجيع وتطوير المساعدة المشتركة بين سلطات الشرطة الجنائية وتنميتها على نطاق واسع في إطار قوانين الدول المختلفة وبالاتفاق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
2)إقامة وتنمية النظم الفعالة التي تساهم في منع ومكافحة جرائم القانون العام دون التدخل في أنشطة سياسية أو عسكرية أو دينية أو عرفية كما نصت المادة الثالثة من الميثاق .
وتمارس منظمة الأنتربول عملها عن طريق مكاتبها الموجودة في كل دولة من الدول الأعضاء ، وتعتبر هذه المكاتب أساس التعاون الدولي في مكافحة الجريمة، وتقوم هذه المكاتب بجمع البيانات والمعلومات اللازمة في مكافحة الجريمة وتبادلها مع المكاتب الأخرى الموجودة في الدول الأعضاء ، كما تقوم بالاستجابة لطلبات المكاتب الأخرى الموجودة في دول الأعضاء في إطار القوانين الوطنية .
وفي مكافحتها للجريمة المنظمة قامت في يناير من عام 1990م بإنشاء مجموعة متخصصة في السكرتارية العامة في الأنتربول أطلق عليها(( مجموعة الإجرام المنظم)) وتقوم هذه المجموعة بتزويد الدول الأعضاء بالمعلومات الخاصة بالتنظيمات الإجرامية .
المبحث الثاني
التعاون القضائي الدولي
في مكافحة الجريمة المنظمة
يقصد بالتعاون القضائي : تعاون السلطات القضائية في مختلف الدول لمكافحة الجريمة المنظمة ، ويهدف هذا التعاون إلى التقريب من الإجراءات الجنائية من حيث إجراءات التحقيق والمحاكمة إلى حين صدور الحكم على المحكوم وضمان عدم إفلاته من العقاب نتيجة لارتكابه جريمته في عدة دول والتنسيق بين السلطات القضائية في هذا الشأن للاتفاق على معايير موحدة .
ويعتبر التعاون القضائي ضرورة في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ويأخذ هذا التعاون عدة أشكال : مثل تبادل الخبرات والمعلومات القضائية والمساعدة التقنية أو الإنابة القضائية أو المصادرة أو تسليم المجرمين الهاربين أو الاعتراف بالأحكام الجنائية ، أو نقل الإجراءات الجنائية وغير ذلك من صور التعاون القضائي .
وقد نصت على هذا النوع من التعاون المادة(18) من اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة ، حيث قضت هذه المادة بأن على الدول الأطراف تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة القضائية في التحقيقات أو المحاكمات فيما يتعلق بالجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية .
وسوف نتناول في هذا المبحث أبرز صور التعاون القضائي الدولي على النحو الآتي:
المطلب الأول: تسليم المجرمين
المطلب الثاني: مصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة المنظمة
المطلب الأول
تسليم المجرمين
ويقصد بتسليم المجرمين أن تقوم دولة ما بالتخلي عن شخص مقيم على أراضيها وتقوم بتسليمه إلى دولة أخرى لتتولى بمقتضى قوانينها محاكمته عن جريمة منسوبة إليه ، أو لتنفيذ حكم صادر عليه من محاكمها .
ويعتبر قرار التسليم قراراً سيادياً وليس قرار من السلطة القضائية ويتم عادة بالطريق الدبلوماسي ، ولكن تقوم الدولة بإحالة الطلب إلى محاكمها الوطنية لتفصل في مدى صحة هذا الطلب .
وقد تستند الدول في تسليمها للمجرمين إلى اتفاقيات دولية سواء كانت متعددة الأطراف أو اتفاقيات ثنائية ، كما قد تستند إلى مبدأ المعاملة بالمثل وهو قبول الدولة تسليم المجرمين إلى دولة أخرى شريطة أن تتعهد الدولة الطالبة بالموافقة على طلبات التسليم .
وتشترط الدول لتسليم المجرمين إلى الدول الأخرى أن يكون الفعل الذي ارتكبه هذا الشخص مجرما في قانونها الداخلي وهو مايعبر عنه بازدواج التجريم ، وجاءت اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لتأكد على هذا المبدأ في المادة (18) فقرة (9) ولكن بسبب طبيعة عصابات الجريمة المنظمة والتجدد المستمر للجرائم التي ترتكبها أعطت نفس المادة الدول الموقعة - متى ما رأت ذلك مناسبا حسب تقديرها - الحق في تسليم المجرم إلى دولة أخرى وإن كان الفعل الذي ارتكبه غير مجرم في القانون الداخلي لهذه الدولة .
إذاً : يعتبر تسليم المجرمين من التدابير والوسائل الفعالة في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ، نظرا لامتداد أنشطتها الإجرامية بين الدول ، فضلا عن استغلالها لسهولة التنقل بين دول العالم.
المطلب الثاني
مصادرة الأموال المتحصلة في الجريمة المنظمة
تعتبر مصادرة الأموال المتحصلة من الجريمة من أكثر الوسائل فاعلية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لأن المصادرة تقضي على الهدف الرئيس لعصابات الجريمة المنظمة وهو الربح وهو ما يؤدي إلى شلل هذه التنظيمات .
وعادة ما تقوم عصابات الجريمة المنظمة بإخفاء الأموال المتحصلة من الجريمة في دول أخرى غير التي ارتكبت فيها الجريمة .
وقد قضت اتفاقيه مكافحة الجريمة المنظمة بهذا التعاون في المادة (12) فقرة (1) بأنه على الدول الموقعة تقديم أقصى ما يمكن من مساعدة في حدود القوانين الداخلية والأغراض المصادرة كما أعطت الفقرة (6) من المادة نفسها السلطات القضائية في الدول الموقعة أن تأمر بتقديم السجلات المصرفية أو المالية أو التجارية أو التحفظ عليها ولا يجوز لها الاحتجاج بالسرية المصرفية للامتناع عن القيام بهذا الأمر .
كذلك على كل دولة طرف في هذه الاتفاقية ، تتلقى طلبا من دولة أخرى بمصادرة أموال أو معدات أو أشياء أخرى متعلقة بالجريمة على إقليمها عليها أن تقوم بإحالة الطلب