الضبــط الإداري
خطـــــــــة البحــــــــث
* مقـــــــــــــــدمــــــــــــــــة
*المبحث الأول: ماهيــة الضبط الإداري و سلطاته
- المطلب الأول: مفهوم الضبط الإداري ، خصائصه و أنواعه
* الفرع الأول: تعريف الضبط الإداري
* الفرع الثاني: خصائص و مجالات الضبط الإداري
* الفرع الثالث: أنواع و أهداف الضبط الإداري
- المطلب الثاني: تمييز الضبط الإداري عن أنواع الضبط الأخرى
* الفرع الأول: الصبط الإداري و الضبط التشريعي
* الفرع الثاني: الضبط الإداري و الضبط القضائي
- المطلب الثالث: سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المركزي
* الفرع الأول : رئيس الجمهورية
* الفرع الثاني: الوزير الأول-(رئيس الحكومة)
*الفرع الثالث: الــــــــــــــوزراء
- المطلب الرابع: سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المحلي
* الفرع الأول : الــــــــــــــــــــــــــوالي
* الفرع الثاني: رئيس المجلس الشعبي البلدى
* المبحث الثاني : وسائل و حـــــــــــــــــدود الضبــط الإداري
- المطلب الأول : وسـائل الضبط الإداري المادية و البشريــة
* الفرع الأول :الوســــائل الماديــــة
* الفرع الثاني : الوســـائل البشـــرية
- المطلب الثاني : وســــائل الضبط الإداري القانونية
* الفرع الأول : لوائح الضبط أو القرارات التنظيمية
* الفرع الثاني : القرارات و الأوامر الفردية
* الفرع الثالث: استخدام القوة المادية ( التنفيد المباشر الجبري)
- المطلب الثالث : حـــــدود سلطة الضبط الإداري
* الفرع الأول : الظــروف العاديــــــــــــــــــة
* الفرع الثاني : الظــروف الإستثنــائية
* الخاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
مــــــــقدمــــــــــــــــة:
لا مراء في أن الحقوق و الحريات اليوم أضحت مسألة تخص جميع أعضاء المجتمع الدولي ، و قد صدرت من أجلها الكثير من المواثيق الدولية ، و عقدت المؤتمرات ، و أنشأت الهيئات ، و عدلت الدساتير.
و إن كان من حق الفرد اليوم أن ينعم ببعض الحريات ، فإن تمتعه بها لا يتم بصفة مطلقة ، و دون ضوابط ، فأي حرية وأي حق إدا ما أطلق إستعماله لصاحبه إنقلب دون شك إلى فوضى، و أثر دلك على حقوق و حريات الآخرين ، فالتقيد بالنظام ، و الإلتزام بالضوابط التي تحدثها القوانين و الأنظمة هي التي تميز الحرية عن الفوضى و هدا الإلتزام يعد سلوكا حضاريا و مظهرا من مظاهر التمدن، و لا شيء في علم القانون إسمه المطلق.
و لكي لا يساء إستعمال الحرية تعين أن تضبط من قبل السلطة العامة وفقا للكيفية التى رسمها القانون و بالضمانات التي قررها و هدا ما يسمى بالضبط الإداري .
فما هو إدا مفهوم الضبط الإداري ؟ و ما هي القواعد القانونية التي يتشكل منها النظام القانوني الساري عليه؟
المبحث الأول: مــاهية الضبــط الإداري و سلطاته
لكي يتم تحديد ماهية الضبط الإداري ، لا بد لنا من معرفة مفهومه ، و بيان خصائصه و أنواعه ، و تمييزه عن أنواع الضبط الأخرى المشابهة له، كما يجب معرفة السلطات و الهيئات الإدارية المركزية و اللامركزية التي تتمتع بصلاحية ممارسة الضبط الإداري.
المطلب الأول: مفهوم الضبط الإداري، خصائصه و أنواعه
إن الضبط لغة عبارة مستمدة من كلمة ضبط يضبط ضبطا ،أي بمعنى لزمه و قهره و قوي عليه ، و حبسه ،فالضبط لغة تعني حبس الشيء ، و يقابلها بالفرنسية كلمة policé التي تعني ما لان و إستكان ، و ما لانت آدابه و أخلاقه و هي مستمدة من كلمة poli أوpolicé، كما أن للضبط معنى واسع في اللغة القانونية القديمة ، حيث كان يعني كل إجراء تتخده الدولة لأجل تحقيق أهداف المجتمع السياسي ، و بدلك فالبوليس معناه التنظيم ، و الدولة المنظمة يطلق عليها الدولة المنضبطة l'état policé ، و قد ترجم المشرع الجزائري هده الكلمة بكلمة شرطة ، و الشرطة لغة مستمدة من كلمة "شرط" بفتح الراء ، أي علم أو وضع علامة على الشيء، و الشرطة أبتكرت في العصر العباسي حيث أسست الدولة آنداك هيئة مكلفة بحفظ النظام و الأمن في الأسواق و الأماكن العمومية ، و كان رجال هده الهيئة يحملون شارات أو علامات في أدرعهم تميزهم عن باقي المواطنين العاديين ، و بعد تطور الدولة أصبح هؤلاء المكلفين بحفظ النظام يحملون لباسا أو بدلات خاصة بهم ، و يطلق عليهم آنداك الضابط أو الضبطية .
لكن للضبط الإداري معنى أضيق ، و هو مجموع الأنشطة الإدارية التي تقوم بها الإدارة .
الفرع الأول: تعريف الضبط الإداري
يمكن إعطاء تعريفات كثيرة و متنوعة للضبط الإداري ، و من زوايا متعددة غير أن الفقه ركز كثيرا على معيارين للتعريف بالضبط ، و هما المعيار العضوي و المعيار الموضوعي:-
1 - المعيار العضوي:- يعني الضبط الإداري أنه مجموعة الأجهزة و الهيئات التي تتولى القيام بالتصرفات و الإجراءات التي تهدف إلى المحافظة على النظام العام ، و يجرى الحديث حينئد عن الهيئات التي تتكفل بعملية الضبط ، و عن أعوان الضبط و الأشخاص المكلفين بتنفيد الأنظمة و حفظ النظام.
2 - المعيار الموضوعي(المادي):- من منطلق هدا المعيار يمكن تعريف الضبط الإداري على أنه مجموعة الإجراءات و التدابير التي تقوم بها الهيئات العامة حفاظا على النظام العام ، أو أن الضبط يكمن في إحدى نشاطات السلطات الإدارية و هدا المعنى هو الأهم في القانون الإداري، و يمثل هدا النشاط مجموع التدخلات التي تجسد في شكل تنظيمات تهدف من جهة إلى رفع القيود على حرية الأفراد لممارستهم لبعض النشاطات ، و من جهة أخرى إلى حماية النظام العمومي.
الفرع الثاني: خصائص و مجالات الضبط الإداري
* خصــائص الضبط الإداري:- للضبط الإداري خصائص و صفات يمكن حصرها فيما يلي:
- الضبط الإداري نشاط تباشره الإدارة (السلطة التنفيدية) ، و لا تمارسه جهات أخرى سواء كانت تشريعية أو قضائية .
- الصفة الإنفرادية : الضبط الإداري إجراء تباشره السلطة الإدارية بمفردها و الهدف منه المحافظة على النظام العام ، و ما على الأفراد إلا الخضوع و الإمتثال لجملة الإجراءات التي تفرضها الإدارة طبعا وفقا لما يحدده القانون و تحت رقابة السلطة القضائية.
-الإجراءات التي تفرضها الإدارة لا تخضع للمساومة و لا للإتفاق.
- الصفة الوقائية: يتسم الضبط الإداري بالطابع الوقائي فهو يدرأ المخاطر على الأفراد ، فعندما تبادر الإدارة إلى سحب رخصة الصيد ، أو رخصة السياقة من أحد الأفراد فلأنها قدرت أن هناك خطر يترتب على إستمرارية إحتفاظ المعني بهده الرخصة ، أو تغلق الإدارة محلا ، او تعاين بئرا معينا فعملها هدا إجراء وقائي لحماية الأفراد من كل خطر يداهمهم أيا كان مصدره.
- الصفة التقديرية :- للإدارة سلطة تقديرية في ممارسة الإجراءات الضبطية ،فعندما تقدر أن عملا ما سينتج عنه خطر تعين عليها التدخل قبل وقوعه بغرض المحافظة على النظام العام .
-إن مجال الضبط الإداري محدود بتحقيق النظام العام و لا يتجاوزه.
* مجالات الضبــط الإداري:-
لم يعد الضبط الإداري يقتصر على مجالات معينة بالمفهوم التقليدي (الثلاثي) للنظام العام (أمن عام ، صحة عامة ، سكينة عامة ) ، بل و نظرا لإزدياد تدخل الدولة في مختلف الميادين و القطاعات إتسع مجال الضبط إلى مظاهر و أوجه كثيرة و متنوعة لا غنى للأفراد عنها ، فهناك ضبط يتعلق بالأمن الصناعي و حماية المنشآت الصناعية خاصة من حيث نقل المواد دات الخطورة على الأفراد أو على البيئة ، و هناك ضبط يتعلق بالآثار و حماية المواقع التاريخية ، و هناك ضبط يتعلق بالحدائق و الميادين و الشوارع العامة ، و القاعات و الملاعب ، و ضبط يتعلق بممارسة بعض الأنشطة التجارية كإستغلال المناجم و المحاجر ، و ضبط يتعلق بممارسة الأنشطة السياسية و عقد الإجتماعات الحزبية ، و التظاهرات العامة ، و ضبط يتعلق بالمجال العقاري ، و ضبط في المجال الصحي ، و الصيد ، ...إلخ.
كما أن سعة مجال الضبط يؤدي إلى تعدد قوانين الضبط بين نص دستوري و قانوني ، و نص تنظيمي.
* من أمثلة النص الدستوري:
- ما تعلق بحالتي الطوارئ و الحصار المواد 91 ، 92 من الدستور.
- الحالة الإستثنائية المادة 93.
- حالة الحرب المواد 95، 96 .
* من أمثلة قوانين الضبط :
- القانون رقم 98/28 المؤرخ في 31/12/1989 المتعلق بالإجتماعات و المظاهرات العمومية.
- القانون رقم 90/08 المؤرخ في 07/04/1990 المتضمن قانون البلدية.
- القانون رقم 90/09 المؤرخ في 07/04/1990 المتضمن قانون الولاية.
* من أمثلة النصوص التنظيمية:
- المرسوم التنفيدي رقم 91/53 المؤرخ في 23/02/1991 المتعلق بالشروط الصحية عند عرض الأغدية الإستهلاكية.
- المرسوم التنفيدي رقم 95/363 المؤرخ في 11/12/1995 المتضمن كيفية التفتيش البيطري للحيوانات الحية و المنتوجات الحيوانية المخصصة للإستهلاك البشري .
* القرارات الوزارية:
-قرار 30/12/1999 المتعلق بايداع أسلحة الصيد (وزارة الداخلية).
- قرار 12/12/1999 المتعلق بشرطة العمران و حماية البيئة.
الفرع الثالث: أنواع و أهداف الضبط الإداري
قد نستخلص من التعاريف السابقة للضبط الإداري ، و مجالاته على أنه مجموعة من الإجراءات التي تتخدها السلطات الإدارية المختصة و مساهمتها في إقامة النظام العام عن طريق إتخاد التنظيمات اللازمة ، منها ما يتعلق بالنظام العام و هدا ما يسمى بالضبط الإداري العام ، و منها ما يتعلق ببعض المجالات الخاصة تسمى بالضبط الإداري الخاص.
1 - الضبط الإداري العام:- و هو مجموعة الإختصاصات التي تمنح للسلطات الإدارية بهدف ممارستها بصورة عامة و في كل المجالات ، و على جميع النشاطات للحفاظ على النظام العام من أمن عام و صحة عامة و سكينة عامة .
2 - الضبط الإداري الخاص :- و هي مجموعة من الإختصاصات التي تمنح للسلطات الإدارية تمارسها في نشاط و مجال معين و محدد من أنواع نشاطات الأشخاص ، و دالك إما يخص مكانا بداته أو نشاطا بداته ، مثلما تفرضه السلطة العامة من إجراءات في مجال تنقل الأشخاص (شرطة الأجانب ، شرطة الرحل) ، كأن تفرض رخصا للتنقل في بعض المناطق ، أو حظر تنقلهم في مواقيت محددة ، أو أن تفرض الإدارة قيودا لتنظيم حركة المرور بغلق شارع معين أو تتخد إجراءات معينة لممارسة الأفراد حق الإجتماع العام أو إقامة الحفلات ليلا...إلخ.
فكل حرية عامة تمس في ممارستها حرية الآخرين أو حقوقهم يجوز للإدارة تقييدها بالطرق التي حققها القانون ، فليس من حق الفرد تحت عنوان الحريات العامة أن يبادر بمباشرة عمل الصيد بصفة مطلقة ، فمن حق السلطة العامة أن تفرض قيودا تتعلق بإستعمال سلاح الصيد أو أنواع الحيوانات المرخص لإصطيادها ، أو المكان المخصص لممارسة الصيد .
3 - أهــداف الضبـــط الإداري :- يقصد بالضبط الإداري المحافظة على النظام العام ، كما دكرنا سابقا بعناصره الثلاثة" الأمن العام ، الصحة العامة ، و السكينة العامة .
* الأمن العام :- و يعني إتخاد الإجراءات الإدارية الكفيلة بحماية أرواح الناس و ممتلكاتهم و ضمان الأمن العام للأفراد في الظروف العادية و الظروف الإستثنائية.
* الصحة العامة:- و تعني إتخاد التدابير الوقائية التي من شأنها منع إنتشار الأوبئة و الأمراض المعدية ، كالسهر على مراقبة المواد الغدائية و الإستهلاكية المعروضة للبيع و مراقبة نقاط المياه الصالحة للشرب و تطهيرها و معالجتها .
* السكينة العامة :- و تعني إتخاد التدابير و الإجراءات التي توفر للسكان الطمأنينة و الراحة و الهدوء في الطريق العام و الأماكن العامة و دلك بالحد من مصادر الضوضاء و الإزعاج و القلق لدى الأفراد مثل: مكبرات الصوت خاصة ليلا و منبهات السيارات ، و الباعة المتجولين ،....
* الآداب العامة :- و يقصد بها المحافظة على الأخلاق العامة و الآداب العامة و العادات و التقاليد المتعارف عليها في بلد معين ، و منع التعدي على الشرف و الإخلال بالحياء ، إلخ....
المطلب الثاني: تمييز الضبط الإداري عن أنواع الضبط الأخرى
يمكن تمييز الضبط الإداري عن أنواع الضبط الأخرى و لو أنه غالبا ما يجري الخلط بين بعض أنواع الضبط خاصة بين الضبط افداري و الضبط القضائي لسبب قيام نفس الأجهزة بممارسة أي منهما ، إلا أن هناك فرقا بين أهداف كل منهما و كدلك الأجهزة المختصة لممارستها لدلك يمكن أن نميز الضبط الإداري عن صور الضبط الأخرى كالضبط التشريعي و الضبط القضائي فيما يلي:-
الفرع الأول: الضبط الإداري و الضبط التشريعي
كما عرفنا فيما سبق أن الضبط الإداري هو مختلف التدابير و الإجراءات الإدارية التي ترمي إلى الحفاظ على النظام العام و حمايته من الإختلال و هي طرق وقائية ،و يمارس الضبط الإداري من طرف هيئات و أجهزة إدارية تنتمي إلى السلطة التنفيدية(الإدارة العامة).
بينما الضبط التشريعي يقصد به مجموع القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية و التي تحدد و تضبط و تبين كيفية ممارسة الحريات الواردة في الدستور كما تنص المادة 122 الفقرة 01 من الدستور " يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له الدستور و كدلك في المجالات التالية:
حقوق الأشخاص و واجباتهم الأساسية ،لا سيما نظام الحريات العمومية و حماية الحريات الفردية ،و واجبات المواطنين".
و بناءا عليه تدخل المشرع (البرلمان) و سن القانون رقم 90/11 المؤرخ في 04/12/1990 المتعلق بالجمعيات و وضع شروط و إجراءات لممارسة النشاط الجمعوي و هو ضبط تشريعي .
كدلك نصت المادة 43 من الدستور على حق إنشاء الجمعيات و تحديد شروط و كيفيات إنشائها .
كما نصت المادة 57 من الدستور على حق الإضراب و ممارسته في إطار القانون و تدخل البرلمان لممارسة الضبط التشريعي من خلال القانون رقم 90/02 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بممارسة حق الإضراب و وضع قيودا و شروطا لممارسته "ضمان القدر الأدنى من الخدمة".
لدا يتبين لنا بأن الهدف من الضبط الإداري و الضبط التشريعي واحد و هو المحافظة على النظام العام ، كما يحدث تداخل بينهما عندما تبادر السلطة التشريعية بسن القوانين و تشريعات ضبطية تتولى السلطة التنفيدية ممثلة في الإدارة بتنفيده ، و فرض قيود على الأفراد بالكيفية المحددة في التشريع.
.../...
الفرع الثاني: الضبط الإداري و الضبط القضائي
كما تطرقنا إليه سابقا أن الضبط الإداري عبارة عن إجراءات و طرق وقائية تتضمن مراقبة نشاط الأفراد و توجيهه على نحو يكفل المحافظة على النظام العام و وقايته ، و هو من إختصاص أجهزة ، و هيئات و أشخاص تنتمي إلى السلطة التنفيدية سواء بالإدارة المركزية أو اللامركزية.
بينما الضبط القضائي عبارة عن إجراءات و طرق علاجية تتمثل في البحث و التحري عن الجرائم و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ، ما دام لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي ، كما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة 12 ق.إ.ج.
إن الضبط القضائي يتخد و يباشر بعد وقوع الجريمة أو المخالفة و ليس قبلها ، تباشره فئة معينة منحها القانون صفة الضبطية القضائية و خولها مهمة القيام ببعض الإجراءات كضباط الدرك و ضباط الشرطة ، و رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، و الوالي ،...
و رغم الفرق الواضح بين الضبط الإداري و الضبط القضائي إلا أن هناك تقارب بينهما في حالات محددة كممارسة وظيفتين في دات الوقت أي الضبطية الإدارية ، و الضبطية القضائية ، مثلما هو الشأن بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالى ، فالأول يقوم بإتخاد الإجراءات الوقائية اللازمة في مجالات الأمن العام ، الصحة العامة ، أو السكينة العامة ، و هي صفة الضبطية الإدارية هدا من جهة ، و يمكنه إتخاد الإجراءات القانونية عند وقوع الفعل أو حدوث جريمة ما عبر تراب البلدية ، و هي صفة الضبطية القضائية.
أما الوالى فممارسته للضبط القضائي لا تكون إلا بصورة إستثنائية و دلك في حالة المساس بأمن الدولة على مستوى تراب الولاية.
المطلب الثالث: سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المركزي
تكمن سلطات و هيئات الضبط الإداري على المستوى المركزي في رئيس الجمهورية ، و الوزير الأول(رئيس الحكومة)، و الوزراء ، و ستتم دراسة دلك كل على حدى فيما يلي:
الفرع الأول: رئيس الجمهورية
لقد إعترفت مختلف الدساتير لرئيس الجمهورية بممارسة مهام الضبط الإداري ، فمن صلاحياته الحفاظ على كيان الدولة و أمنها و سلامتها و إتخاد التدابير المناسبة و الإجراءات الكفيلة لدرء الخطر الدي يهدد أمن و إستقرار البلاد ، ويمكن الإشارة إلى السلطات القانونية المخولة لرئيس الجمهورية في إعلان حالات الحصار ، الطوارئ ، الحالة الإستثنائية ، و حالة الحرب ، و يتم دلك بموجب إصدار مراسيم رئاسية لأنها من أعمال السيادة ، و هي كما يلي:-
1 - حالة الحصار ، و حالة الطوارئ:- و نص عليها الدستور في المادة 91 منه، و لم يميز بين حالة الحصار و حالة الطوارئ ، إلا أنه يمكن القول أن في حالة الطوارئ يكون تقييدا أوسع للحريات العامة بهدف الحفاظ على النظام العام ، بينما يتم نقل العديد من سلطات الهيئات و الأجهزة المدنية إلى الهيئات العسكرية في حالة الحصار.
يعود سبب إعلان هاتين الحالتين إلى قيام الضرورة الملحة بفعل حوادث و وقائع تهدد أمن الدولة و يعود تقرير مدى وجودها إلى السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية .
لصحة إعلان حالتي الحصار و الطوارئ لا بد من إجتماع المجلس الأعلى للأمن برئاسة رئيس الجمهورية المادة 173 من الدستور لمناقشة الوضع مع إستشارة رؤساء المؤسسات و الهيئات الدستورية (غرفتي البرلمان ، الحكومة ، المجلس الدستوري ) ، و قد جعل الدستور المدة لهاتين الحالتين محددة و مؤقتة تبين في المرسوم الرئاسي المعلن لكل منهما ، كما لا يمكن تمديد مدة أي منهما إلا بموافقة البرلمان حماية للحريات بموجب قانون عضوي كما نصت عليه المادة 92 من الدستور .