إن الاختلاف القائم ما بين القانونين يتطلب منا وضع اليد على أهم المسائل الجهوية التي يظهر فيما هذا الاختلاف ، والتي تتمثل بصفة أساسية في :
1 ـ الإثبات .
2 ـ الاختصاص القضائي .
3 ـ التضامن .
4 ـ الإعذار .
5 ـ مهاة الوفاء ( نظرة الميسرة ) .
6 ـ حوالة الحق .
7 ـ الإفلاس .
8 ـ صفة التاجر .
ـ الإثبات : إذا كان الإثبات في المسائل المدينة محدد ، ونذكر في هذا المجال مثلا :
* عدم جواز الإثبات بالبنية ، إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمة على ألف دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة .
* لا يجوز الإثبات بالبنية ، ولو لم تزد القيمة على ألف دينار جزائري فيما يخالف أو يجاوز ما أشمل عليه مضمون عقد رسمي .
* إن المحررات العفوية لا تكون حصة على الغير في تاريخها إلا منذ أن يكون لها تاريخ ثابت ثبوتا رسميا .
أما الإثبات في المواد التجارية فلا يعرف مثل هذه القيود ، حيث أجاز المشرع الإثبات بالبنية والقوائن مهما كانت قيمة التصرف . كما يجوز الاحتجاج بتاريخ المحورات العفوية على غير أطرافها ولو لم يكن هذا التاريخ ثابتا . كما أنه وإن كان من المزيد أن لا يجوز للشخص أن يشيئ دليلا لنفسه، فقد أجاز المشرع لخصم التاجر أي يحتج بتاريخ بما ورد بدفاتر خصمه لإثبات حقه .
والسبب في الخروج عنه القواعد العاملة في المجال الإثبات في المسائل التجارية مرجعه إلى رغبة المشرع في تقوية الاعتبارات التي أملتها الثقة والائتمان والسرعة والمدونة التي تنطبع الأعمال التجارية .
2) ـ الاختصاص : تخصص بعض الدول جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في المنازعات التجارية .
هذا التخصيص تمليه الاعتبارات المتعلقة بطبيعة المعاملات التجارية ، التي تستلزم الفصل فيما على وجه السرعة وبإتباع إجراءات غير تلك المتبعة أمام المحاكم العادية . وتكون في هذه الحالة أمام محاكم تجارية.
أما بالنسبة للجزائر ، فإن المشرع لم يأخذ بنظام القضاء المتخصص . وبذلك فإنه لم يوجد جيهاتا قضائية تجارية .
وقد منح الاختصاص في المواد التجارية للمحاكم العادية ، التي تتولى الفصل في المنازعات التجارية.
فالمحاكم في النظام الجزائري هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام ، فهي تفصل في جميع القضايا المدنية والتجارية أو دعاوي الشركات التي تختص بها محليا.
على أن الاختصاص يعود للمحاكم الابتدائية الكائن مقرها بالمجالس القضائية ، دون سواها ، في المسائل التالية :
ـ الحجز العقاري .
ـ تسوية قوائم التوزيع .
ـ حجز السفن .
ـ تنفيذ الحكم الأجنبي .
ـ بيع المتاع .
ـ معاشات التقاعد الخاصة بالعجز .
ـ المنازعات المتعلقة بحوادث العمل .
ـ دعاوي الإفلاس أو التسوية القضائية .
ـ طلبات بيع المحلات التجارية المثقلة يقيد الرهن الحيازي .
هذا من حيث الاختصاص الموضوعي ، أما فيما يخص الاختصاص الإقليمي فإن الاختصاص ينعقد على النحو التالي :
ـ في الدعاوي العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار أو دعاء الإيجارات المتعلقة بالعقار، وإن كانت تجارية ، أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها.
ـ في مواد الإفلاس أو التسوية القضائية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية .
ـ في الدعاوي المتعلقة بالشركات ، بالنسبة لمنازعات الشركات أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المركز الرئيسي للشركة .
ـ في مواد الحجز ، سواء كان بالنسبة للإذن في الحجز أو بالإجراءات التالية له ، أمام محكمة المكان الذي تم فيه الحجز .
ونصت المادة 9 من القانون المدني ، على أنه يجوز أن توقع الدعوى إما أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصه موطن المدعي عليه أو مسكنه وإما أمام الجهة أو الجهات القضائية التالية :
ـ في الدعاوي التجارية ، غير الإفلاس والتسوية القضائية ، أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد بتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها .
ـ في حالة اختيار الموطن ، أمام الجهة القضائية للوطن المختار .
ـ في الدعاوي المرفوعة ضد شركة ، أمام الجهة القضائية ، التي تقع في دائرة اختصاصها إحدى مؤسساتها .
يتضح مما سبق أن المحاكم العادية هي التي يعود لها الاختصاص بالنسبة للمنازعات التجارية . وفي الواقع العملي جرى العمل على تخصيص دوائر تجارية ، على رأسها قضاء لهم خبرة في هذا المجال ، تتولى الفصل في المنازعات التجارية .
إلا أن هذه الممارسة لا تجعلنا أمام قضاء تجاري مستقل ، بحيث يفتح لنا المجال بالدفع بعدم الاختصاص بمعناه القانوني .
3) ـ التضامن : تعد قاعدة التضامن بين المدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في المسائل التجارية ، فاحترامها القضاء وطبقها .وذلك تدعيما لعنصري الثقة والائتمان في المعاملات التجارية .
أما في المعاملات المدينة فإن قاعدة التضامن لا توجد إلا بأقوامها بنص أو باتفاق .
ويجوز في المسائل التجارية إبعاد قاعدة التضامن في أي تعامل ، ما لم يكن هناك نص آمر، يقضي بوجوب قيام التضامن بين المدينين . ومثال ذلك نص المادة 551 من القانون التجاري الجزائري التي تقضي بأن الشركاء بالتضامن صفة التاجر ، وهم مؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة.
4) ـ الإعذار : إن تنبيه الدائن للمدين ، يعد حلول آجل الوفاء بالدين ، مع تسجيل تأخره عن الوفاء ، يعوق بلإعذار . وفي هذه الحالة و يحمله ما يترتب عن هذا التأخير ، خاصة مسؤولة عن كل ضرر ينشأ عنه مستقبلا .
والإعذار في المعاملات المدينة لابد أن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أدوات القضاء . أما في المسائل التجارية فقد جرى العرف على أنه يكفي أن يتم الأعذار بخطاب عادي دون حاجة إلى أي ورقة من الأوراق القضائية . كل ذلك من أجل تحقيق السرعة التي تتميز بها المعاملات التجارية .
5) ـ مهلة الوفاء : إذا عجز المدين يدين مدني عن الوفاء به في الميعاد ، جاز للقضاء أن ينظره إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها إلزامه، إذا استدعت حالته ذلك ، ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر( المادة 210 من القانون المدني ).
أما القانون التجاري فلا يعطي مثل هذه السلطة للقاضي نظرا الآن ما تحتمه طبيعة المعاملات التجارية وما تقدم عليه من سرعة وثقة تقتضي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في الميعاد وإلا كان ذلك سببا في إثمار إفلاسه .
6) ـ حوالة الحق : تقتضي المادة 241 من القانون المدني الجزائري على أنه لا يحتج بالحوالة قبل المدين ، أو أجز بها بإعلان غير قضائي ، غير أن قبول المدين لا يجعلها نافذة قبل الغير إلا إذا كان هذا القبول ثابت التاريخ .
أما القانون التجاري فإنه لا يشترط شيئا من ذلك ، ولهذا تجوز حوالة الحق الثابتة في الأوراق التجارية بمجرد التوقيع عليها بما يفيد انتقالها ، وبناء على ذلك ، يحصل تداول السفتجة والشيكات والسندات الإذنية بمجرد تظهيرها أي التوقيع عليها ، بما يفيد تحويلها أو حتى بمجرد تسليم السند إذا كان حامله .
7) ـ الإفلاس : لا يجوز شهر الإفلاس التاجر إلا إذا توقف عن دفع ديونه التجارية ، أما إذا توقف عن دفع دين مدني ، فلا يجوز شهر إفلاسه ، وإذا أجاز القانون للدائن بدين مدني أي يطلب شهر إفلاس التاجر ، إلا أنه يجب أن يثبت أن التاجر قد توقف عن دفع دين تجاري عليه ، فإذا صدر حكم يشهر الإفلاس تلافع يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ، ويدخل جميع الدائنين في الإجراءات ويعين وكيل عنهم تكون مهمته تصفية أموال المفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب قيمة دينه ، وبذلك تتحقق المساواة بينهم .
أما المدين المادي فإنه يخضع لأحكام القانون المدني ( المادة 177 إلى 202 ) التي لا تتم بالشدة والصرامة التي يتصف بها نظام الإفلاس . فليس في المسائل المدينة حل يد المدين عن التصرف في أمواله وتصفيتها تصفية جماعية وتوزيع ثمنها على الدائنين .
ـ صفة التاجر : التاجر هو الشخص الذي يباشر عملا تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له ، وذلك ما نصت عليه المادة 1 من القانون التجاري ومن يصبح تاجرا ، يخضع لإلزامات التجار ، خاصة منها القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية ، كما يخضع لنظام الإفلاس .