سورة قريش
" لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "
قال كثير من المفسرين : إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها ، أي : فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم ، واستقامة مصالحهم ، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن ، وفي الصيف للشام ، لأجل التجارة والمكاسب . فأهلك الله من أرادهم بسوء ، وعظم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب ، حتى احترموهم ، ولم يعترضوا لهم ، في أي سفر أرادوا . ولهذا أمرهم الله بالشكر ، فقال؛
" فليعبدوا رب هذا البيت "
، أي : ليوحدوه ، ويخلصوا له العبادة .
" الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "
فرغد الرزق والأمن من الخوف ، من أكبر النعم الدنيوية ، الموجبة لشكر الله تعالى . فلك اللهم الحمد والشكر ، على نعمك الظاهرة والباطنة . وخص الله الربوبية بالبيت ، لفضله وشرفه ، وإلا فهو رب كل شيء .
تم تفسير سورة قريش ـ بعون الله وتيسيره .
سورة الماعون
" أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون "
" أرأيت الذي يكذب بالدين "
، أي : بالبعث والجزاء ، فلا يؤمن بما جاءت به الرسل .
" فذلك الذي يدع اليتيم "
، أي : يدفعه بعنف وشدة ، ولا يرحمه لقساوة قلبه؛ ولأنه لا يرجو ثوابا ، ولا يخاف عقابا .
" ولا يحض "
غيره
" على طعام المسكين "
، ومن باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين .
" فويل للمصلين "
، أي : الملتزمين لإقامة الصلاة ، ولكنهم
" عن صلاتهم ساهون "
، أي : مضيعون لها ، تاركون لوقتها ، ومخلون بأركانها . وهذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة ، التي هي أهم الطاعات . والسهو عن الصلاة ، هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوم . وأما السهو في الصلاة ، فهذا يقع من كل أحد ، حتى من النبي صلى الله عليه وسلم . ولهذا وصف الله هؤلاء بالرياء والقسوة ، وعدم الرحمة ، فقال :
" الذين هم يراؤون "
، أي : يعملون الأعمال ، لأجل رئاء الناس .
" ويمنعون الماعون "
، أي : يمنعون إعطاء الشيء ، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية ، أو الهبة ، كالإناء ، والدلو ، والفأس ، ونحو ذلك ، مما جرت العادة ببذله ، والسماح به . فهؤلاء ـ لشدة حرصهم ـ يمنعون الماعون ، فكيف بما هو أكثر منه . وفي هذه السورة ، الحث على إطعام اليتيم ، والمساكين ، والتحضيض على ذلك ، ومراعاة الصلاة ، والمحافظة عليها ، وعلى الإخلاص فيها ، وفي سائر الأعمال . والحث على فعل المعروف ، وبذل الأموال الخفيفة ، كعارية الإناء ، والدلو ، والكتاب ، ونحو ذلك ، لأن الله ، ذم من لم يفعل ذلك ، والله سبحانه أعلم .
تم تفسير سورة الماعون ـ بعون الله ومعونته .
سورة الكوثر
" إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر "
يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
" إنا أعطيناك الكوثر "
، أي : الخير الكثير ، والفضل الغزير ، الذي من جملته ، ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ، من النهر الذي يقال له « الكوثر » . ومن الحوض ، طوله شهر ، وعرضه شهر ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، آنيته عدد نجوم السماء في كثرتها ، واستنارتها ، من شرب منه شربه ، لم يظمأ بعدها أبدا . ولما ذكر منته عليه ، أمره بشكرها فقال :
" فصل لربك وانحر "
خص هاتين العبادتين بالذكر ، لأنهما أفضل العبادات ، وأجل القربات . ولأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب والجوارح لله ، وتنقله في أنواع العبودية . وفي النحر ، تقرب إلى الله ، بأفضل ما عند العبد ، من الأضاحي ، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته ، والشح به .
" إن شانئك "
، أي : مبغضك وذامك ، ومنتقصك
" هو الأبتر "
، أي : المقطوع من كل خير ، مقطوع العمل ، مقطوع الذكر . وأما محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو الكامل حقا ، الذي له الكمال الممكن للمخلوق ، من رفع الذكر ، وكثرة الأنصار والأتباع ، صلى الله عليه وسلم
تم تفسير سورة الكوثر ـ فلله الحمد والشكر .
كتاب:"تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"للعلامة ناصر السعدي