المجاز العقلي هو إسناد الفعل إلى غير فاعله الحقيقي لوجود علاقة بينه وبين الفاعل الحقيقي كالمكان والزمان و لامفعولية والفاعلية ،
وإذا كان المجاز المرسل هو استعمال اللفظة في غير ما وضعت له لوجود علاقة بينهما كالمحلية والحالية والسببية والمسببية... فإن
بلاغتهما تكمن في انشغال ذهن المتلقي بالبحث والتأمل وإثارة الفضول فيثير ذلك فيه الإعجاب والدهشة ومتعة الاكتشاف والإحساس
بجمال البلاغة
العلاقات العشر للمجاز المرسل
1- علاقته الجزئية : واركعوا مع الراكعين" عبر عن الصلاة بأحد أجزائها
2- علاقته الكلية : "وجعلوا أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت". إنما يجعلون أطراف أصابعهم، ذكر الكل وقصد الجزء
3- علاقته اعتبار ماكان : نسي الطين ساعة أنه طين حقير ... إنما ينسى الإنسان وقد كان في القديم أصله الطين
4- علاقته اعتبار ما سيكون : "إني أراني أعصر خمرا" . الخمر لا تعصر ولكن يعصر العنب والعنب سيصير خمرا
5- علاقته السببية : وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم . أراد القوة، واليد وسيلتها وسبب في إظهارها تصدر عنه
6- المسببية : " وينزل لكم من السماء رزقا" المقصود مطرا الذي ينتج عنه الرزق ، نتيجة
7- الزمانية : قد نبت الربيع ... المقصود نبت العشب لكنه ذكر زمانه وهو الربيع
8- المكانية : "واسأل القرية التي كنا فيها" . ( المقصود أهل القرية فالمكان لا يسأل، وتسمى أيضا هذه العلاقة محلية
9- الحالية : إني نزلت بكذابين ضيفهم ( المقصود مكان فيه الكذابون، فلا يستطيع النزول في الكذابين أنفسهم
المـــــــــــجاز العقلي
الأمثلة :
1. قال المتنبي يصف ملك الروم بعد أن هزم سيف الدولة : ويمشى به العكاز في الدير تائباً وقد كان يأبى مشى أشقر أجردا
2. بنى عمرو بن العاص مدينة الفسطاط .
3. نهار الزاهد صائم وليله قائم .
4. ازدحمت شوارع القاهرة .
5. جد جِدك وكد كِدك .
6. قال الحطيئة : دع المكارم لا ترحل لبغيتها وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي .
7. وقال تعالى : "وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً " .
8. وقال تعالى : " إنه كان وعده مأتيا " .
البحث :.انظر إلي المثالين الأولين تجد أن الفعل في كل منهما أسند إلي غير فاعله ، فإن العكاز لا يمشى ، والأمير لا يبنى ، وإنما يسير صاحب العكاز ، ويبني عمال الأمير ، ولكن لما كان العكاز سبباً في المشي والأمير سبباً في البناء أسند الفعل إلي كل منهما .
ثم أنظر إلي المثالين التاليين تجد أن الصوم أسند إلي ضمير النهار ، والقيام أسند إلي ضمير الليل ، والازدحام أسند إلي الشارع ، مع أن النهار لا يصوم ، بل يصوم من فيه ، والليل لا يقوم ، بل يقوم من فيه ، والشوارع لا تزدحم ، بل يزدحم الناس بها ، فالفعل أو شبهه في هذين المثالين اسند إلي غير ما هو له ، والذي سوغ ذلك الإسناد أن المسند إليه في المثالين زمان الفعل أو مكانه .
وفي المثال الخامس أُسند الفعلان " جد " و " كد " إلي مصدريهما ولم يسندا إلي فاعليهما . وفي المثال السادس يقول الحطيئه لمن يهجوه : " واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي " فهل تظن أنه بعد أن يقول : لا ترحل لطلب المكارم يقول له إنك تطعم غيرك وتكسوه ؟ لا . إنما أراد أقعد كلاً (1) علي غيرك مطعوماً مكسواً فأسند الوصف المسند للفاعل إلي ضمير المفعول .
وقي المثالين الأخيرين جاءت كلمة " مستوراً " بدل ساتر و" مأتيا " بدل آت ، فاستعمل اسم المفعول مكان اسم الفاعل ، وإن شئت فقل أسند الوصف المبني للمفعول إلي الفاعل .
فأنت تري في الأمثلة كلها أن أفعالاً أو ما يشبهها لم يسند إلي فاعلها الحقيقي ، بل إلي سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره ، وأن صفات كانت من حقها أن تسند إلي المفعول أسندت إلي الفاعل ، وأخري كان يجب أن تسند إلي الفاعل أسندت إلي المفعول ومن الهين أن تعرف أن الإسناد غير حقيقي ، لأن الإسناد الحقيقي هو إسناد الفعل إلي فاعله الحقيقي ، فالإسناد إذا هنا مجازى ويسمي بالمجاز العقلي ، لأن المجاز ليس في اللفظ كالاستعارة والمجاز المرسل ، بل في الإسناد وهو يدرك بالعقل .