نخصص هدا المطاب لدراسة علاقة السن بالسلوك الاجرامي ، من خلال
التطرق لاهم المراحل التي يمر منها الانسان .
1- علاقة السن بالسلوك الاجرامي
تؤكد الدراسات و الاحصاءات الجنائية على مدى علاقة الاجرام كما و نوعا بسن الانسان ،
حيث تمر حياة الانسان بمراحل مختلفة تتميز بخصائص معينة تتعلق بتكوينه العضوي و النفسي ،
فهناك مرحلة الطفولة و مرحلة المراهقة و مرحلة النضج و مرحلة الشيخوخة ن و لكل مرحلة
سماتها الخاصة التي تأثر على سلوك الفرد . و فيما يلي تحليل لهذه المراحل .
* مرحلة الطفولة
تشكل مرحلة الطفولة مرحلة هامة في تكوين شخصية الفرد ، و بناء على بعض الدراسات التي قام
بها علماء الاجرام ، تبين مـدى قلة عدد الجرائم التي ترتكب في هذه الفترة اذا قورنت بغيرهـا مـن
المراحل و هذا يرجع الى الضعف الذي يتميز به الاطفال ، بالاضافة الى ضعف علاقتهم الاجتماعية ،
فضلا علـى ان اغـلب القـوانين الجنائية تعتبر الطفل غير مسؤول جنائيا عما يرتكبه من افعال ،
لانه يعجز عن الادراك و التمييز .
* مرحلة المراهقة
تمتد هذه الفترة ما بين الثانية عشر و الثامنة عشر من العمر و التي يطرأ فيها على الحدث تغييرات
عضوية و نفسية ، كما يكـون للبيئة الخارجية تأثير كبير في سلوكه، فمن بـين التغييــرات
التـي يتعرض لها الحدث زيادة القوة البدنية و التغيير في افراز بعض الغدد التي تؤثر في رغبة الانسان ،
فضلا عن ذلك ، يتميز الحدث باتجـاه نحو الانطلاق خارج الاسرة و التمرد على القيود المفروضة عليه
رغبة منه في التعبيير عن شخصيته . اما العوامل البيئية فهي تـؤثر بدورها في الحدث لان شخصيته
ما زالت غير مستقرة ، و بالتالي اذا كا المؤثر الخـارجي سـلبيا ، فقـد يدفعـه ذلـك
الـى الـسلوك الاجرامي . و حسب الدراسات التي قام بها بعض علماء الاجرام ، يتبين ان هذه المرحلة
تتسم بانواع معينة من الجرائم ، و لعل اكثــر هـذه الجرائم و قوعا في هذه المرحلة ،
هي جرائم الاعتداء عـلى المـال و جرائم الايذاء البدني ، و اخيرا جرائم الاعتداء على العرض .
* مرحلة النضج
تمتد هذه الفترة ما بين الثامنة عشر و الخمسين سنة . و تعتبر هذه المرحلة من اهم فترات العمر ،
حيث يتأثر فيـها الفـرد بتغييـرات عضوية و نفسية كما يتاثر بتغيير الظروف البيئيـة المحيطـة بـه ،
و تنقسم هذه المرحلة الى طورين لكل منهما خصائص معينة ، فترة الشباب او النضوج الباكر ،
ثم فترة النضوج الحقيقي فالفترة الاولى ، تمتد بين الثامنة عشرة الى سن الخامسة و العشرين ،
و تمتاز بانتهــاء ازمـات المراهقة و الاستعداد لطور الاستقرار و هـي مـن اصـعب المراحل ،
لكثرة الاجرام فيها ، اذ يتراوح ما بين ربع و ثلث كمية الاجرام الكلي ، و هذا ما اكدته الاحصائيات .
اما المرحلة الثانية ، فتمتد ما بين الخامسة و العشرين و الخمسين سنة ، حبث تمتاز الحياة الفرد
في هذه المرحلة بظهور جرائم التسرقة و خيانة الامانة و جرائم النصب و الاعتداء على الشرف .
* مرحلة الشيخوخة
تبدأ هذه المرحلة بعد سن الخمسين الى انتهاء الحياة ، و تتميز هذه الفترة بتعييرات عضوية و نفسية
تصطحبها تغييرات في الظـروف البيئية التي يعيش فيها الفرد ، و في هذه المرحلة ، تبدا القوى البدنية
في التراجع و يتعرض الجسم غالبا لبعض الامراض ، و يصحب هذا التغيير الداخلي تغيير في الظروف البيئية ،
و يمثل الاجرام في هـذه المرحلة اقل نسبة في جميع مراحل العمر ، باستثناء مرحلة الطفولة ،
اما من حيث نوع الجرائم ، فتكثر جرائم القدف و السب و الذم و القدح مع التوجه لانحراف في
اتجاه الغريزة الجنسية ، ممــا يـدفع الـى ارتكاب جرائم الاعتداء على العرض ،
و يكون المجني عليهم فـي هذه الحالة من الاطفال غالبا .
و بهذا نلاحظ ، ان عامل السن يلعب دورا اساسيا في تحديد انواع الجرائم و حجمها لكونه يعتمد على
معايير مادية ملموسة و تجــارب و خبرات مستخلصة من حياة البشر و طبائعهم التـي تخـضع
الـى مؤثرات بيولوجية تختلف باختلاف العمر و الى مؤثرات اخرى بيئية تعمل الى حد كبير على
توجيهها و التحكم بمسارها .
2- تقييم هذه الدراسة
رغم العلاقة القائمة بين السن و السلوك الاجرامي ، لا يمكن تفسير اختلاف الجريمة باختلاف معدلات
السن على اساس عضوي يتعلق بالفرد ، لان هذا الامر يستتبع بالضرورة اقدام كل من يتواجد في
السن معينة على ارتكاب جرائم من نوع معين ن و هذا يخالف الواقع ، ففي مرحلة المراهقة و هي
اخطر مراحل العمر نجد مـن يقـدم علـى ارتكاب الجرائم ، بينما نجد مراهقا يسيطر على غرائزه
و يوجهها على نحو معين بجعله يسلك الطريق السوي . و تبعـا لـذلك ، فان ارتكـاب الجريمة
لا يتعلق بسن الفرد ، و انما تقع باجتماع عوامل متعددة سواء كانت داخلية او خارجية .