الصورة التعبيرية - الصورة التعبيرية " الصياغة الشعرية " عناصرها ثلاثة هي :
( ا ) الألفاظ والعبارات. (ب) الصور والأخيلة. (جـ) الموسيقا.
( أ ) الألفاظ والعبارات
الكلمة هي مادة التعبير عن التجربة الشعرية وهى الأداة السحرية في يد الشاعر بما يحمِّلها خلال الصياغة من دلالات وإيحاءات، و ليس هناك ألفاظ خاصة بالشعر فكل كلمة يمكن استخدامها بحيث تغنى في موقعها مالا تغنى كلمة أخرى.
- وقد وضع البلاغيون كثيرا من المقاييس التي تحكم جمال اللفظة من:
1 - السهولة و الوضوح و الدقة في موضعها .2 - مطابقتها لقوانين اللغة في النحو والصرف.
3 - البعد عن الغرابة و الألفاظ المهجورة. 4 - البعد عن الابتذال (أي قربها إلى العامية ) .
5 - عدم تنافر الحروف،لذلك عاب النقاد قول الشاعر :
و قبر حرب بمكان قفر و ليس قرب قبر حرب قبر
6 - ملاءمتها للموضوع جزالة ورقة ، وكذلك ملاءمتها الجو النفسي فإن كان الشاعر سعيدا ترقرق البشر من ألفاظه وإن كان حزينا شعرت بالمرارة في تعبيره.
أن مقياس جمال اللفظة أو العبارة هو أن غيرها لا يغنى عنها في موقعها.
مثل كلمة "الطين" التي قد تبدو غير صالحة للشعر ولكن "إيليا أبو ماضي" استخدمها في موضعها في قوله عن إنسان نسى أصله وتكبر:
نسى الطِّينُ سَاعَةً أَنَّهُ طِينٌ حَقِيرٌ فَصَالَ تَيهًا وَعَرْبَد
(ب) الصور والأخيلة ـ الخيال من أقوى الوسائل في التعبير عن الفكر والشعور معا تعبيرا مؤثرا ، فهو أشبه بثوب العروس الذي تتجمل به القصيدة ..
الصورة الخيالية نوعان:
1 - خيال جزئي : التشبيه والاستعارة والكناية و المجاز .
2 - خيال كلي : و يسمى أيضاً بالصورة الشعرية أو اللوحة الفنية أو الصورة الكلية ، و طريقة التعامل مع الأبيات لاستنتاج و رسم الصورة يتمثل في :
1 - وصف الصورة من خلال ألفاظ الشاعر و وجدانه .2 - تحديد أجزاء الصورة و هي الأشياء المحسوسة التي يمكن أن ترى و تحس.
3 - استنتاج أطراف الصورة و هي :
أ - الصوت : في الألفاظ التي نسمع من خلالها صوتاً .ب - اللون : في الألفاظ التي نرى من خلالها لوناً .جـ - الحركة : في الألفاظ التي نحس من خلالها حركة .
مثال تطبيقي للخيال الكلي :
شَاكٍ إلي البحرِ اضْطِرَابَ خَواطِرِي فَيُجِيبُنِي برِياحِهِ الهَوْجاءِ
ثاوٍ علي صَخْرٍ أَصَمَّ وَلَيْتَ لي قَلْبًا كهَذِي الصَّخْرَةِ الصـمَّاءِ
يَنْتابُها مَوْجٌ كمَوْجِ مكارِهِي ويَفُتُّها كالسُّقْمِ في أعضـــائِي
رسم مطران في الأبيات صورة كلية أبدعها بفكره و لونها بعاطفته
- أجزاؤها : (الشاعر - البحر - الرياح - صخر - موج ) .
- خطوطها : صوت نسمعه في (شاك - يجيب - صوت الرياح والموج ) ، وحركة نحسها في (اضطراب - هوجاء - ينتابها موج - يفتها ) ، ولون نراه في (زرقة البحر - لون الصخر ) .
الصورة الممتدة : يكون المشبه في الصور واحداً ، و المشبه متعدداً مثل قول القائل : الفتاة بدر في بهائها ، شمس في ضيائها ، طاووس في خطوها
مقاييس الجمال في الصور الخيالية :
1 - أن تكون ملائمة للموضوع وللجو النفسي: ولذلك عابوا قول شوقي في وصف أكفان "توت عنخ آمون" وهو مدرج فيها.
[وكأنَّهُنَّ كمائِمٌ وكأنَّكَ الوردُ الجنين ] ؛ لأنه شبه الأكفان بأكمام الزهر، وشبه جثة "توت عنخ آمون" بالورد في داخلها، وشتان بين جمال الورد وجو الأكفان وجثة الميت2 - أن تصدر عن حس نفسي صادق، وألا تكون مجرد صدى لإحساس ظـاهر.
ولذلك عابوا التشابه الشكلي في قول ابن المعتز و هو يصف الهلال:
انظر إليه كزورق من فضة قد أثقلته حمولة من عنبر
وفضلوا عليه قول شاعر معاصر يصف الهلال أيضا:
يا وَيْحَهُم قد شَبَّهُوكَ بمِنجَلٍ ماذا حَصَدْتَ ؟ أتَحْصدُ الأيَّامَا ؟
3 - أن ترتبط بغيرها من الصور الجزئية، وتتلاءم جميعها مع الفكر والشعور بالتجربة. ولذلك عابوا قول شوقي يصف "قصر أنس الوجود" والمياه تحيط به.
قف بتلك القصور في اليم غرقى ممسكا بعضها من الذعر بعضا
كعذارى أخـفين في الماء بضا سابحات به وأبدين بضا (أي كتفاً)
فقد جعل هذه القصور أشخاصا يمسك بعضها ببعض خوف الغرق. وتلك صورة توحي بالذعر والفزع. وفي البيت الثاني شبه القصور وقد اختفي جزء منها في الماء، وظهر جزء بفتيات سابحات وقد اختفي جزء من أجسامهن وظهر جزء، وهى صورة مشرقة فيها مرح وجمال، ولا تجرى في سياق الصورة الأولى، ولا تأتلف معها.
4 - أن تكون أقرب إلى الإيحاء منها إلى التعبير الصريح المباشر.