ما مفهوم التجربة الشعرية ؟
- التجربة الشعرية هي الخبرة النفسية للشاعر حين يقع تحت سيطرة مؤثر ما (موضوع انفعل به)يستهويه ، فيندمج فيه بوجدانه وفكره مستغرقاً متأملاً حتى يتفجر ينبوع الإبداع لديه فيصوغه في الإطار الشعري الملائم لهذه التجربة.
التجربة الشعرية : رؤية و معايشة - انفعال صادق - تعبير .
مثال : يقول الشابي بعنوان نشيد الجبار :
1 - سأعيش رغم الداء والأعـداء كالنســـر فوق القمة الشماء
2 - أرنو إلى الشمس المضــيئة هازئا بالسحب والأمطار والأنواء
3 - لا ألمح الظـل الكئيب ولا أرى ما في قرار الهوة الســـوداء
* انفعل الشاعر بظروف وطنه الواقع تحت سيطرة الاستعمار البغيض ، وبظروفه الشخصية ؛ حيث يحيط به الحاقدون ، وتشتد عليه وطأة المرض(معايشة) ، فجاشت "تحركت " عاطفته و تأثر وجدانه حينما مر بهذه الخبرة النفسية (انفعال)، فعبر عن تجربته الشعرية الصادقة بهذا النص
أنواع التجارب الشعرية :
1 – ذاتية : و هي ما تعبر عن ذات الشاعر و تصور أحاسيسه و مشاعره مثل قصيدة " صخرة الملتقى" لناجي ، و قصيدة " المساء " لمطران .
2 – عامة : و هي ما تتجاوز ذاتية الشاعر لتعبر عن آفاق عامة سياسية مثل قصيدة " دعوة إلى الثورة على الظلم " للبارودي ، أو اجتماعية مثل قصيدة " كم تشتكي " لإيليا .
3 – ذاتية تحولت إلى عامة : و تظهر عندما ينفعل الشاعر بموضوع معين فيؤدي شدة انفعاله إلى تحويلها إلى تجربة تتناول مشكلات الآخرين مثل قصيدة " غربة و حنين " لشوقي .
- موضوعات التجربة ليست محددة ، فهي تتسع و تتنوع لتشمل كل ما في الحياة صغر أو كبر مما يؤثر في نفس الشاعر من النواحي الكونية أو النفسية أو الاجتماعية ، ونوع الموضوع ( تافهاً أو خطيراً )ليس أساسا في قيمة التجربة ، وإنما أساسها دائما صدق الانفعال به، ولكن إذا اجتمع جلال(عظمة) الموضوع وصدق العاطفة زاد ذلك من قيمة التجربة وسما به .
- عناصر التجربة الشعرية :
1 - الوجــدان (العاطفة – الإحساس - الانفعال - الشعور ) .
2 - الفكــر ( المعاني - الخواطر – ما تدور حوله الأبيات ) .
3 - الصــورة التعبيرية ، و تشمل الألفاظ و العبارات و الصور و الموسيقى " الصياغة الشعرية " .
الوجدان
لابد من تحقق شرط أساسي في التجربة الشعرية و هو : " الصدق الفني الشعوري " و هو ما يسمى بالوجدان ، و هو انفعال الشاعر بتجربته( من حزن - ألم – سرور – سعادة – يأس – أمل حب – كراهية –غضب – فخر ..إلخ ) و استغراقه فيها ، و التعبير عما يعانيه بصدق ، و بلا زيف أو مبالغة وبدون الصدق الشعوري لا يعد الشعر شعراً ؛ فالوجدان الصادق أساس التجربة ، هو الذي يمنح الشعر الحيوية و القوة و التأثير .
- نقصد بالصدق الشعوري ( الوجداني) :
1 - صدق الانفعال بالتجربة و الاستغراق فيها .2 - صدق التعبير عنها بلا زيف أو مبالغة .
أن ما يخرج من القلب مكانه القلب ، و ما يخرج من اللسان لا يتعدى الأذن
نقصد بالفكر موضوع القصيدة أو فكرتها العامة و مجموعة الأفكار الجزئية التي تندرج تحت إطار الموضوع العام .
فليس معنى أن الشعر تعبير عن تجربة وجدانية خلوه من الفكر ، فأساس الشعر الجيد أن يمتزج الفكر مع الوجدان ، و أهمية الفكر ترجع إلى أنه :
1 - يمنح التجربة عنصر الدقة .2 - ويحول دون انسياب العاطفة
3 - ويساعد على تنسيق الخواطر والصور والربط بين أجزائها فالشاعر الحق هو الذي يفكر بوجدانه، ويشعر بعقله ..
و لذلك يعاب قول الشاعر الذي فيه انسياب للعاطفة دون فكر :
واها لسلمى ثم واها واها يا ليت عيناها لنا وفاها
فقد أكثر من "واهاته" ولم يبلغ أعماق النفوس، ولم يؤثر فيها.
أشد التجارب الشعرية تأثيرا تلك التي اجتمع فيها صدق الوجدان و عمق الفكر، وسمو المعنى وإنسانيته؛ لأنها حينئذ تحلق في آفاق رحبة وتسمو إلى مستوى إنساني يضمن لها البقاء والخلود.