- للعرف أهمية بالغة في إستنباط الأحكام الشرعية و قد جعله المشرع الجزائري مصدرا من مصادر القانون في الدرجة الثالثة بعد القانون و الشريعة الإسلامية حسب ما نصت عليه المادة الأولى من القانون المدني و ينقسم العرف شرعا إلى نوعين قولي و فعلي و كل منهما ينقسم إلى عام و خاص و كل من العام و الخاص ينقسم إلى صحيح و فاسد و كثيرا ما تطرح مسألة مصاريف النفاس أمام المحاكم من طرف الزوجة لعدم إستيفائها فما هو تكييفها الفقهي ؟ تكيف مصاريف النفاس على أنها عرف فعلي عام صحيح متعارف عليه في كل أنحاء البلاد يلتزم بموجبه أب المولود تخصيص نفقة بمقدار معين حسب المنطقة التي يوجد بها عندما يولد له مولودا تؤدى لصالح الأم و هي بذلك إمتنان من الزوج للزوجة على ثمرة العلاقة الزوجية - المولود الذي سيحمل إسمه - و العناء الذي تكبدته خلال الحمل و الوضع و المذهب المالكي من أكثر المذاهب الفقهية توسعا في الأخذ بالعرف و حجيته ترتبط بمدى توفر شروطه أولا أن يكون مطردا غالبا ثانيا أن يكون موجودا عند إنشاء التصرفات المراد تحكيمه فيها ثالثا ألا يعارض أو يخالف نص أو شرط لأحد المتعاقدين و رابعا ألا يكون مخالفا لنص شرعي و هو لازم شرعا لقول الشاطبي في مؤلفه الموافقات " العوائد الجارية ضرورية الإعتبار شرعا ، كانت شرعية أو غير شرعية ، أي سواء كانت بالدليل شرعا أمرا ، أو نهيا ، أو إذنا ، أم لا " و على أساسه نشأت قواعد فقهية منها" المعروف عرفا كالمشروط شرطا " و " العادة مُحَكَّمَةٌ " و " التعيين بالعرف كالتعيين بالنص "و متى تحققت شروط صحته كان نافذا في تصرفات أفراد المجتمع كالقانون يلتزمون به و من ثم يكون الزوج الأب ملزما بمصاريف النفاس بإعتبار أن المسألة مؤسسة قانونا حسب نص المادة 78 من قانون الأسرة التي نصت عليها بعبارة " كل ما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة " و ليست من مصاريف العلاج بإعتبار النفاس لا يدخل ضمن الأمراض بالمفهوم العلمي و أنها لا تحتاج إلى إثبات من طرف طالبها إذ كثيرا ما يدفع الزوج عند النظر في القضية بعدم وجود شهادات طبية حتى يمكن الإستجابة لطلب الزوجة فمتى تحققت الولادة كانت تلك المصاريف واجبة و بدون إثبات ما عدا إذا أثبت أب المولود أنه سدد لها بالدليل القاطع مبلغا من المال بذلك العنوان لكن الكثير من أهل الإختصاص يدخلها في باب مصاريف العلاج و هذا خطأ يستوجب تداركه و تصحيح المفاهيم و الله ولي التوفيق .