منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
> نظم الاجراءات الجزائية Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
> نظم الاجراءات الجزائية Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  



منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس> نظم الاجراءات الجزائية

FacebookTwitterEmailWindows LiveTechnoratiDeliciousDiggStumbleponMyspaceLikedin
شاطر | 
 

 > نظم الاجراءات الجزائية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
LeSage

LeSage
المدير العام
المدير العام

> نظم الاجراءات الجزائية 115810
البلد: : > نظم الاجراءات الجزائية Dz10
تَارِيخْ التَسْجِيلْ: : 30/12/2009
العُــمـــْـــــر: : 37
المُسَــاهَمَـــاتْ: : 3502
النـِقَـــــــــاطْ: : 13073

> نظم الاجراءات الجزائية Vide





مُساهمةموضوع: > نظم الاجراءات الجزائية   > نظم الاجراءات الجزائية Emptyالسبت يناير 08, 2011 12:30 am




مقدمة واجبة
حق المجتمع في العقاب هو أخطر الحقوق التي يمتلكها حيال
الأفراد وتعتني الدولة عناية قصوى بممارسة هذا الحق وتعتبره واجبا مطلقا
لسلامة كيان المجتمع وإشاعة الأمن بين أفراده .

وتحقيقا لهذا الغرض
تفصح الدولة بطريقة التشريع عن أنماط السلوك التي تعتبرها جرائم وتعيّن
العقوبات التي تسلّط على مرتكبيها ويطلق على مجموعة هذه القواعد التي تحدد
أنواع الجرائم والعقوبات اسم " القانون الجنائي " أو "قانون العقوبات " .

بـيد
أن العقوبات المقرّرة في القانون الجنائي لا يمكن تطبيقها فورا وبصفة آلية
على مرتكبي الجرائم لمجرّد ارتكابهم إيّاها، فالقاتل لا يعدم فور إقدامه
على القتل والسارق لا يعاقب بالسجن فور اختلاسه أموال الآخرين بدون رضاهم
إذ لابد لتنفيذ العقوبات المقرّرة في القانون على المجرم من أن تحكم عليه
سلطة قضائية مختصة ومآل ذلك كله أن ردّ الفعل الاجتماعي حيال الجريمة
ومقترفيها لا يجوز أن يكون في المجتمعات الحديثة تعسفيا انتقاميا و إنما
يجب أن يكون منظّما واعيا مضبوطا بعيدا عن روح الثّأر و متّصفا بالأمانة و
الاعتدال وحب الحقيقة من خلال ما يدعى في لغة الاصطلاح القانوني "الإجراءات
الجزائية".

إذ تمثل مادة الإجراءات الجزائية عمليا حلقة ربط بين
الجريمة والعقوبة، وذلك من خلال المرور بمختلف مراحل البحث والتحقيق
والمحاكمة، بما يسمح معه أن تنتقل قواعد القانون الجزائي من مستوى المبادئ
والنظريات إلى مستوى واقع ملموس مجسّم في شكليات وإجراءات، لذلك تميّز
قانون الإجراءات الجزائية بطابعه الشكلي. فالقانون الجزائي يشتمل بمعناه
الواسع على نوعين من القواعد أحدهما يشمل القواعد الموضوعية، ويطلق عليها
اسم القانون الجزائي أو قانون العقوبات، أما النوع الثاني فيضم القواعد
الشكلية ويسمى قانون الإجراءات الجزائية، ويحدد النوع الأول الأفعال التي
تعد من قبيل الجرائم وبيّن الجزاء المسلط على كل منها، أما قانون الإجراءات
فينطبق عند مخالفة أحكام القانون الجزائي، فوظيفته وضع أحكام هذا القانون
(القانون الجزائي) موضع التطبيق والتنفيذ.

وعلى هذا الأساس فقد
عرّف الفقه• قانون الإجراءات الجزائية بأنه يضم مجموعة القواعد التي تنظم
وسائل التحقيق من وقوع الجريمة ومحاكمة مرتكبها وتوقيع الجزاء الجزائي،
والفصل في الدعوى المدنية التي قد ترفع إلى القضاء الجزائي، وكذلك القواعد
الخاصة بالطعن فيما يصدر عن هذا القضاء من أحكام وتنفيذ هذه الأحكام.

فقانون
الإجراءات الجزائية يهدف إلى إقرار توازن بين إحترام الحرية الشخصية
للأفراد واحترام المصلحة العامة حتى لا يفلت مجرم من عقاب، ووسيلته في ذلك
ما يتضمنه من قواعد تخص التنظيم القضائي وتخص أيضا الإجراءات الواجب
إتباعها والتقيّد بها في أعمال البحث والتحقيق والمحاكمة.

بالنظر
للعلاقة الرابطة بينهما فإن تطبيق قواعد الإجراءات الجزائية يرتبط بقواعد
القانون الجزائي، ويتأكد هذا كلما توفرت في الواقعة صفة الجريمة التي تجسم
الاعتداء على حق المجتمع سواء تعلق هذا الحق بالدولة أو بالأفراد بما يخوّل
للسلطة عامة حقا مشروعا في توقيع العقاب ولا يتم ذلك إلا عن طريق القيام
بالدعوى العمومية.

كما تلحق الجريمة أضرار شخصية تصيب المعتدى عليه
في ماله أو سلامه بدنه أو في حقوقه المعنوية، فيترتب عن هذا الضرر نشأة
حقه في التعويض، ويقع ذلك عن طريق الدعوى المدنية، وبذلك تكون الجريمة سببا
قانونيا للقيام بدعويين، دعوى عمومية تمارسها السلطة العامة بواسطة جهاز
مختص يعرف بجهاز النيابة العمومية، ودعوى مدنية يمارسها المتضرر أو ما يطلق
عليه اصطلاحا القائم بالحق الشخصي وذلك بصفة موازية للدعوى العمومية أو
بصفة مستقلة عنها مثلما نص على ذلك الفصل 01 م إ ج التونسية الذي جاء به ما
يلي : "يترتب على كل جريمة دعوى عمومية تهدف إلى تطبيق العقوبات ويترتب
عليها أيضا في صورة وقوع ضرر دعوى مدنية لجبر ذلك الضرر".

ويمكن تعريف الدعوى العمومية بأنها حق الدولة ممثلة في سلطة الاتهام في ملاحقة مرتكب الجريمة وتقديمه للقضاء لتوقيع العقاب عليه.•

كما عرّفها الفقيهان الفرنسيان روجر ميرل Roger Merle و أندريه فيتو André vitu بما يلي :

L’action
publique peut être définie comme l’activité procédurale exercée au nom
de la société par le ministère public, pour faire constater par le juge
compétent le fait punissable, établir la culpabilité du délinquant et
obtenir le prononcé de la sanction établie par la loi."Roger Merle et
André vitre : traité de droit criminel. T.II Procédure pénale 4ème
édition Cujas p.38."

فالدعوى العمومية هي السلطة المخوّلة للنيابة
العمومية نيابة عن المجتمع ولمصلحته في الالتجاء للقضاء للوصول إلى إثبات
وجود فعل إجرامي معاقب عنه وإقامة الدليل على مرتكبه وتوقيع العقوبة
المقررة له قانونا، فمن خلال هذا التعريف يتضح أن للدعوى العمومية خاصيتان
تتعلق الأولى بأنها عامة والثانية بأنها غير معلقة على شرط.•

ففيما
يتعلق بخاصية العمومية تستمد الدعوى العمومية هذه الصفة من طبيعة غايتها
ومن صفة صاحب الحق فيها فهي تهدف إلى حماية مصلحة عامة وتوقيع العقاب على
مرتكب الجريمة.

أما فيما يتعلق بعدم تعلق الدعوى العمومية على شرط
فإن النيابة العمومية تتولى إثارة الدعوى،العمومية وممارستها أمام القضاء
بقطع النظر عن مسك الجاني من عدمه فهي تثير الدعوى العمومية بمجرد حصول
الفعل الإجرامي ودون توقف على أي شرط عدى في بعض الحالات الإستثنائية.

وفي
فرنسا فقد تم تنظيم الإجراءات الجزائية في مجلة واحدة تعرف باسم مجلة
الإجراءات الجزائية الصادرة بمقتضى القانون عــدد57 - 1426 المؤرخ في 31
ديسمبر 1957 وتحتوي تقريبا على 803 فصلا وقد تضمنت بابا تمهيديا يتعلق
بالقواعد العامة للإجراءات الجزائية وخصصت جزء منها لممارسة الدعوى
العمومية والتحقيق وجزء ثاني لمحاكم القضاء وجزء ثالث لطرق الطعن وجزء رابع
إلى بعض الإجراءات الخاصة وجزء خامس إلى قواعد التنفيذ وتجدر الملاحظة أن
هاته المجلة أدخلت عليها العديد من التنقيحات المتتالية.

أما في
تونس تم تجميع النصوص المتعلقة بالإجراءات في المادة الجزائية في مؤلف واحد
باسم "مجلة الإجراءات الجزائية لسنة 1968 الصادرة بمقتضى القانون عـ23ـدد
لسنة 1968 المؤرخ في 24 جويلية 1968 المتعلق بإعادة تنظيم قانون المرافعات
الجنائية وتشتمل على 377 فصلا، والتي تميّزت بمحاولـة التوفيق بين الحرية
الفردية والمصلحة العامة، وتضمنت جملة من الأحكام التمهيدية تتعلق بالدعوى
العمومية والدعوى المدنية، كما تضمنت قواعد متعلقة بإقامة الدعوى ومباشرة
التحقيق وذلك من خلال تنظيم أجهزة الضابطة العدلية ووظائف حكام التحقيق
ودائرة الاتهام، كما تضمنت قواعد متعلقة بتنظيم محاكم القضاء من حيث مرجع
النظر وضبط اختصاص كل منها على حدة بالإضافة إلى تخصيص قسم للإعتناء بطرق
الطعن وإجراءات تنفيذ الأحكام الجزائية وهاته المجلة تعددت وتتالت النصوص
اللاحقة لها والرامية إلى تنقيح بعض فصولها لتواكب الإجراءات الجزائية
الحديثة المعمول بها في أغلب تشاريع العالم.

و يلاحظ أن قانون
الإجراءات التونسي ينتمي إلى النظام الذي تطبقه أغلب الدول الأوروبية
كفرنسا و ألمانيا و إيطاليا. و هو نظام تمر فيه الجريمة فور ارتكابها عبر
ثلاثة مراحل: المرحلة الأولى لدى الضابطة العدلية التي يرأسها وكيل
الجمهورية و المرحلة الثانية هي مرحلة التحقيق كلما كانت الجريمة من صنف
الجنايات حيث يكون التحقيق وجوبيا مع بقاء التحقيق في الجنح و المخالفات
اختياريا. أما المرحلة الثالثة و الأخيرة فهي مرحلة المحاكمة، بل و يلاحظ
أنه و في إطار المرحلة الأولى و هي مرحلة الضابطة العدلية يمكن أن نميز بين
مرحلتين فرعيتين الأولى و تتعلق بسلطة الضبط الأوّلي للجريمة و التي
تمارسها الأجهزة التابعة للسلطة التنفيذية و التي يمتع القانون أعضاءها
بصفة الضابطة العدلية.

في حين تتعلق الثانية بسلطة التتبع و
يمارسها أعضاء من السلطة القضائية يمثلون النيابة العمومية و يخولهم
القانون ممارسة التتبع و إثارة الدعوى العمومية أو حفظ القضية كلما تبين
لهم أن استدلالات السلطة الضابطة للجريمة غير كافية قانونا لتوجيه الاتهام
إلى شخص معين أو أن الأفعال لا تشكل جريمة أصلا و لذلك أطلق على هذه
المرحلة اسم مرحلة الأبحاث الأولية أو مرحلة الأبحاث الاستدلالية و التي
يتولى فيها الضابطة العدلية القيام "بإجراءات تلقي البلاغ و ما يعقبه من
إجراءات التحفظ على مسرح الجريمة و تجميع ما به من أدلة جنائية مختلفة و
تحديد أطراف الجريمة من جناة و مجني عليهم و شهود"1 و ذلك لتمييزه عن البحث
التحقيقي الذي تجريه السلطة القضائية ممثلة في قاضي التحقيق.

على
أن البحث و سواء كان استدلاليا أو تحقيقيا يهدف إلى القيام بجملة من
الإجراءات و الأعمال التي تكون ضرورية للتوصل إلى جمع الأدلة المادية و
المعنوية قصد التمكن من معرفة الحقيقة في جريمة وقع إرتكابها " بحيث لا
تطرح على المحاكم إلا التهم المركزة على أساس قوي من الواقع و القانون"2.

و
بالتالي يتضح أن مادة الإجراءات الجزائية تقوم على قواعد إجرائيّة يقع
إتباعها عند تطبيق القانون الجزائي والإجراءات المنظمة لـه لإحالة مرتكبي
الجرائم على المحاكم ومعاقبتهم من أجل ما ارتكبوه في حق الفرد وحق المجتمع
خاصة وأنه تنشأ عن كل جريمة دعوى عمومية فهذه الدعوى يقع القيام بها طبق
قواعد إجرائية عامة منظمة تسمى النظام الاجرائي وقد اختلفت التشاريع
المقارنة في تكريس الأنظمة الإجرائية للدعوى العمومية منها من اعتمد النظام
الإتهامي (المبحث الأول) ومنها من اعتمد النظام التحقيقي (المبحث الثاني)
ومنها من لم تكرّس كل القواعد الخاصة بهذه الأنظمة خاصة وإنما اقتبست
قواعدها من النظامين وكرّستها في إطار نظام مختلط يجمع بينهما (المبحث
الثالث).

المبحث الأوّل : النظام الاتهامي
يعتبر النظام
الاتهامي من الأنظمة القديمة من حيث الظهور التاريخي، وجوهره يتمثل في
اعتبار الدعوى العمومية بمثابة خصومة عادية بين طرفين متكافئين في مراكزهما
القانونية فهي تجسيم لصراع بين طرفين أمام قاضي محايد ويلتزم بإعلان الحق
في جهة هذا الطرف أو ذاك.

انطلاقا من تسميته فان النظام الاتهامي
تنطلق فيه الدعوى العمومية باتهام يوجهه المتضرر لشخص ما وليس بشكاية، بحيث
أن المتضرر يتحمل كامل مسؤوليته في توجيه الاتهام تجاه شخص تسبب لـه في
ضرر نتيجة جرم ارتكبه في حقه ، ويرى الأستاذ أحمد فتحي سرور، "القانون
الجنائي الدستوري، ص. 249." أنه في ظل النظام الإتهامي، كان مجرد توجيه
الاتهام يمثل مساسا بالحرية الفردية، ويلزم ممثل الإتهام بتقديم الدليل على
صحة دعواه، وكان يفترض في المتهم البراءة حتى يثبت عكسها، ولذلك كانت
ضمانات الحرية الفردية هي السمة التي يتطبع بها هذا النظام ،" نفس المؤلف،
الحماية الدستورية للحقوق والحريات، مرجع سابق، ص. 593." ويتبع المؤلف
مستشهدا برأي المحكمة الدستورية المصرية العليا بأنه"لا يعدو أن يكون
افتراض براءة المتهم، أن يكون استصحابا للفطرة التي جبل الإنسان عليها، وهو
كذلك وثيق الصلة بالحق في الحياة، وبدعائم العدل التي تقوم على قواعدها
النظم المدنية والسياسية. ومن ثم،كان أصل البراءة جزءا من خصائص النظام
الإتهامي". وبذلك يكون المتضرر هو المدعي ومن وجه ضده الاتهام هو المدعى
عليه الذي صد هذا الاتهام، وبذلك يكون طرفي النزاع في مركز واحد ومتساوون
في الدفاع عن مصالحهم. فالمتضرر يحاول تأييد دعواه في توجيه الاتهام.
والمتهم يحاول صد الدعوى والدفاع عن حقوقه. وبذلك يكون هذا النظام الاتهامي
قد أقر مبدأ المساواة بين طرفي النزاع.

كما أنه من خصائص هذا
النظام الاتهامي أن الإجراءات المتبعة فيه هي إجراءات شفاهية باعتبار أن
الفصل في الدعوى لا يتطلب زمنا طويلا إذ يكفي التثبت في وسائل الإثبات
المدعى بها بصفة علنية أمام العموم.

و يتميز أيضا النظام الاتهامي
بالطابع العلني للجلسات إذ أنه يقع السماح للأطراف بالترافع خلال الجلسة
بحضور العموم وذلك ما يؤكد مصداقية الفضاء وخضوعه للرقابة الشعبية.

كذلك
نجد أن هذا النظام يتميّز بالطابع الحضوري للإجراءات فلا يقع النظر في
الدعوى إلا بحضور أطرافها، احتراما لمبدأ المساواة وحتى يتمكن كل طرف من
إحضار ما توفر لديه من حجج ومؤيدات تقع مناقشتها بالجلسة أمام جميع
الأطراف.

إن جميع هذه الخصائص هي من أهم مميّزات النظام الاتهامي
وهي القواعد العامة التي يرتكز عليها والتي تهدف إلى إقامة العدل والمساواة
فهل أن ذلك يجعله نظاما مثاليا ؟

لكن ولئن كان النظام الاتهامي
يهدف إلى توفير حد أدنى من الضمانات لأطراف الدعوى العمومية في كامل
أطوارها سواء كان المتهم أو المتضرر وذلك في سبيل السعي إلى إرساء قواعد
العدل والإنصاف وإيصال الحقوق لأصحابها فان هذا النظام لا يخلو من عيوب.

فالمحاكمة
بصفة عامة في كامل أطوارها سواء كان ذلك في مرحلة إثارة الدعوى العمومية
أو مرحلة ممارستها وسيرها أمام القضاء أصبحت مجرّد حوار بين طرفي النزاع
بصفة علنيّة يقتصر دور القاضي فيه على سماع الأطراف في هذا النزاع ثم بعد
ذلك القضاء على ضوء ما أنتجه هذا الحوار، وبالتالي فإن دوره أصبح هنا دور
سلبي يكتفي فيه بالإنصات إلى الطرفين. وهذا فيه خطر على مدى سلطة القاضي
الجزائي في النزاع لأن القاضي هو الذي يسيّر النزاع وليس الأطراف.

كما
أن هذا النظام يمكّن عددا كبيرا من المجرمين الحقيقيين من الإفلات من
العدالة وبقاء مقترفي الجرائم بدون عقاب وفي ذلك مساس بمصالح المجتمع خصوصا
بالنظر لضعف ومحدودية السلطات المخولة للقاضي ولغياب قضاء تحقيق أصلا.

فالدور
الذي يلعبه قاضي التحقيق في النزاع هو دور أساسي خاصة وأنه يهيأ ملف
القضية لجلسة المحاكمة إذ يقوم بكافة الأعمال التي تستوجبها الأبحاث وذلك
لكشف الحقيقة.

هذا بالإضافة إلى أن سلطة النيابة العمومية في هذا
النظام مقيّدة فليس لها الحق في إثارة الدعوى العموميّة كما هو معمول به في
الأنظمة الأخرى بل إنها طرف في النزاع.




المبحث الثاني : النظام التحقيقي
يعتبر
النظام التحقيقي حديث النشأة مقارنة بالنظام الاتهامي وجوهره يتمثل في أن
الدعوى العمومية لا ترفع إلى القاضي مباشرة بل تمر قبل ذلك بمرحلة تجمع
فيها الاستدلالات ويجرى فيها تحقيق وهو مرد اسم النظام التحقيقي ويمكن حصر
خصائص هذا النظام في عنصرين أولهما يتعلق بالتتبع الجزائي أي إثارة الدعوة
العمومية وثانيهما يتعلق بسير الدعوى.

ففي ما يتعلق بإثارة الدعوى
العمومية فإن هذا النظام قد اقتصر في إعطاء الحق في إثارة الدعوى العمومية
إلى هيكل مختص في ذلك وهذا الهيكل هو جهاز النيابة العمومية، وبالتالي فإن
الاتهام لم يعد حقا يمارسه من يشاء كما هو في النظام السابق إذ أنه أصبح
وظيفة تحتكرها الدولة وتباشرها عن طريق بعض أجهزتها.

وبالتالي فإن
النيابة العمومية لها سلطة في إثارة الدعوى العمومية في النظام التحقيقي
فهي الجهاز المختص في إثارة الدعوى العمومية وهذا ما يترتب عنه احتكار
النيابة العمومية لهذا الحق وبالتالي اختلال التوازن بين عنصري الاتهام
والدفاع.

أما فيما يتعلق بسير الدعوى فإن البحث عن الحقيقة في ظل
هذا النظام هو من مشمولات قاض مكلف بذلك يسمى قاضي التحقيق والذي لـه دور
إيجابي في الدعوى فهو الذي يقوم بتجميع الأدلة سواء كانت أدلة اتهام أو
أدلة براءة وذلك في إطار ما كلّف به من بحث عن الحقيقة فيجب عليه التحري
والتنقيب عنها كما تدل على ذلك تسمية هذا النظام (النظام التحقيقي). هذا
بالإضافة إلى أن التتبع الجزائي في النظام التحقيقي مقيّد بشكليات كتابية
تنجز في كنف السريّة إذ لا يطلع عليها إلاّ الأطراف المعنيين بالقضية.

و
يقصد بسرية التحقيق أن تتم إجراءات التحقيق في غير علانية، وأن تخفى عن كل
من لا يهمه أمر التحقيق بصورة شرعية، والسرية من مظاهر النظام التحقيقي،
ومن المبادئ المسيطرة على التحقيق الإبتدائي .

وعلة ذلك لا تخفى
على أحد وهي الإلمام بتفاصيل هذا التحقيق التي لم تصل بعد إلى غايتها ( كشف
الحقيقة)، وقد يؤدي ذلك إلى التأثير على الشهود أو التلاعب بآثار الجريمة
وأدلتها، أو العبث بمعالم الجريمة "سليمان عبد المنعم: أصول الإجراءات
الجزائية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1997، ص 518."

فالنيابة
العمومية في ظل هذا النظام تسهر على إثارة الدعوى العموميّة ضد مرتكبي
الجرائم ثم تحيلهم مباشرة على قاضي التحقيق لمزيد البحث والتنقيب عن أدلة
البراءة والإدانة ضد الشخص المحال عليه والمتهم بارتكاب جريمة ما.

فالنظام
التحقيقي مؤسس على جهاز النيابة العمومية التي تمثل الجهاز الوحيد في
إثارة الدعوى العمومية وقاضي التحقيق الذي أسندت إليه مهام البحث والتنقيب
عن الأدلة حتى يتمكن من الفصل في الدعوى المعروضة أمامه.

إلا أن
تميز النظام التحقيقي ببعض الإيجابيات المتمثلة في الضمانات التي يوفرها
للمتقاضين عند النظر في قضاياهم بصفة عادلة وسريعة وذلك بالنظر إلى ما حققه
هذا النظام من زجر سريع وفعّال لمرتكبي الجرائم لا يغطي النقائص الموجودة
به.

إن النظام التحقيقي أخل بمبدأ عام ولا بد من توفره في كل النظم
القانونية وهو مبدأ المساواة إذ أن هذا النظام منح النيابة العمومية سلطة
مطلقة في إثارة الدعوى العمومية دون قيد أو شرط فهي الجهاز الوحيد الذي
خوّل لـه القانون القيام بتتبع مرتكبي الجرائم وفي هذا نكران للأطراف
المتبقية وهم المتهم والمتضرر. فالنيابة العمومية منحها هذا النظام حقوق
وامتيازات جعلتها في مركز أفضل من المتهم فلا تعتبر خصما عاديا يقف مع
المتهم على قدم المساواة. كما تدعم هذا بالسلطة التي خوّلها هذا النظام إلى
قاضي التحقيق في البحث والتنقيب عن الأدلة الموصلة إلى الحقيقة وهذا ما
فيه إخلال بمبدأ الحياد إذ أن قاضي التحقيق يصبح لـه دور في إتمام الأدلة
وذلك بالبحث عنها عوضا عن تقديمها لـه من الأطراف.

هذا بالإضافة
إلى السلطات الواسعة لقاضي التحقيق الذي خوّله القانون القيام بأي عمل من
شأنه أن يكشف الحقيقة في مقابل حرمان وتجريد المتهم من بعض الضمانات الخاصة
للدفاع عن حقوقه فلا نجد أن هذا النظام منح حقوقا للمتهم حتى يتمكن من
الدفاع عن نفسه خلال مراحل التحقيق خلافا للنظام الاتهامي الذي يضمن حقوق
الدفاع ضمن مراحل البحث والتتبع الجزائي وفي ظل غياب هذه الضمانات يمكن
حصول بعض التجاوزات والأخطاء.

رغم أن النظام التونسي والنظام
الفرنسي تأثرا بهذا النظام التحقيقي إلا أنهما لم يعتمداه كليا وذلك
للنقائص التي تشوبه مما دعا إلى البحث عن نظام وسطي يحد من سلبيات النظامين
السابقين ويجمع بين مزاياهما.




المبحث الثالث: النظام المختلط
سمي
هذا النظام بالمختلط نظرا لاقتباس قواعده من النظامين التحقيقي والاتهامي
وهو النظام المعتمد من قبل جل دول العالم وذلك بالنظر إلى خصائصه المميّزة
عن غيره من النظم .

تبرز أهم خصائص النظام المختلط في جمعه بين
النظامين السابقين إذ اقتبس بعض قواعد النظام الاتهامي من جهة واقتبس البعض
من قواعد النظام التحقيقي من جهة أخرى.

لقد تأثر النظام المختلط
بالنظام الاتهامي على ثلاث مستويات يتعلق الأول بالمواجهة بين الخصوم
والثاني بالإجراءات الشفاهية والثالث بالعلانية.

ففي خصوص المواجهة
بين الخصوم يمكن القول أن النظام المختلط أقتبس هذه الخاصية من النظام
الاتهامي وكرّسه في مرحلتين من مراحل الدعوى مرحلة التحقيق ومرحلة الحكم.

ففي
مرحلة التحقيق نجد أن قاضي التحقيق يتولى القيام بإجراء الأبحاث اللازمة
وسماع المتهمين والشهود والإذن لهم بتقديم ما لديهم من مؤيدات ولهم كذلك
الحق في تقديم مذكرات دفاع سواء بأنفسهم أو بواسطة محام وأقر لهم إمكانية
الإطلاع على أوراق الملف كذلك الأمر بالنسبة لقلم الإدعاء بوصفه طرفا في
الدعوى فمن حقه الاطلاع على الملف وأوراقه إذ أن وكيل الجمهورية يمكنه أن
يطلب الاطلاع على سائر أوراق ملف القضية.

ولـه أن يطلب إجراء بعض
الأعمال فقد نص الفصل 55 م إ ج التونسية على أنه : "لوكيل الجمهورية أن
يطلب من حاكم التحقيق في قرار افتتاح البحث وفي كل طور من أطوار التحقيق
بمقتضى قرار تكميلي إجراء الأعمال التي يراها لازمة لكشف الحقيقة.

ولهذا الغرض يمكنه أن يطلب الاطلاع على سائر أوراق القضية على أن يرجعها إلى حاكم التحقيق في ظرف ثمان وأربعين ساعة".

كذلك نجد أن هذه الخاصية كرّسها الفصل الأول من مجلة الإجراءات الجزائية الفرنسية في فقرته الأولى إذا جاء فيها :

« La procédure pénale doit être équitable et contradictoire et préserver l’équilibre des droits des parties. »

أما
في المرحلة الحكمية نجد أن هذه الخاصية وقع تكريسها سواء كان ذلك في
القانون الفرنسي أو التونسي فبالرجوع إلى نظام الجلسات بالمحاكم يمكن القول
أن المتضرر والمتهم يقع سماعهم في قاعة الجلسة بحضور ممثل النيابة
العمومية الذي لـه حق تقديم طلباته، ويمكن كذلك مكافحة الأطراف ببعضهم بحيث
أن المواجهة بين أطراف الدعوى موجودة وأن القاضي محايد عن النزاع إذ يتولى
إدارته فقط ثم البث فيه بعد ذلك.

فالمواجهة بين الخصوم سواء كانت
في مرحلة التحقيق أو المرحلة الحكيمة فان الهدف منها هو تحقيق المساواة بين
طرفي الدعوى العمومية كما هو مكرّس بالنظام الاتهامي.

أما في خصوص
الإجراءات الشفاهية فهي تبرز خاصة في التزام أسلوب المرافعات الشفاهية في
المرحلة الحكمية كسماع أقوال الشاكي والمتضرر والشهود و محامي الدفاع
والقائم بالحق الشخصي و النيابة العامة مع العلم أنه لا يوجد مانع في تقديم
مذكرات وتقارير كتابية.

كذلك الأمر بخصوص العلانية فالمحاكمة في
ظل النظام المختلط تتميز بأن جلساتها علنية يسمح بالحضور فيها للأطراف
والعموم دون أن يمنع ذلك من إجراء جلسات سرية إذا رأت المحكمة طبق الفصل
143 م إ ج التونسية ونصه : "تكون المرافعات علنية وبمحضر ممثل النيابة
العمومية والخصوم إلا إذا رأت المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ممثل
النيابة العمومية إجراءها سرا محافظة على النظام العام أو مراعاة للأخلاق
وينص على ذلك بمحضر الجلسة ..."

وقد أبدى فقه القضاء التونسي• حرصا
شديدا على احترام مبدأ العلنية باعتبارها مبدأ أساسيا للإجراءات الجزائية
لـه أهمية كبيرة للمصلحة العامة فلا ثقة في المحاكمات السرية.

و من
ذلك قرار تعقيبي عـ9147ـدد صادر بتاريخ 13 ديسمبر 1972 جاء فيه "أن الأصل
في جلسات القضاء العلانية ويحمل الأمر عليها عند عدم التعرض لذلك إلى أن
يثبت العكس" نشرية محكمة التعقيب 1972 ص 141.

أما أهم ميزة اقتبسها
النظام المختلط من النظام التحقيقي هي تكريس مرحلة خاصة بالتحقيق مختلفة
عن تلك الموجودة في النظام التحقيقي نوعا ما، هذا بالإضافة إلى اقتباس
القواعد المتعلقة بالسرية والكتابة في هاته المرحلة.

فنجد أن
النظام المختلط المتبع في كل من تونس وفرنسا أرسى قواعد منظمة لإجراءات
التحقيق وجعل هاته المرحلة سابقة لمرحلة المحاكمة وذلك بالنظر إلى الأعمال
التي يقوم بها قاضي التحقيق والتي تهدف إلى إرشاد المحكمة إلى الحقيقة
بالبحث عنها دون توان فقد خوّل القانون التحقيق في القضايا الجزائية والبحث
فيها بدون توان كما يمكنه أن يتولى سماع الشهود واستنطاق المتهم وإجراء
الاختبارات وكل الأعمال التي يراها ضرورية لإتمام أعماله. وقد خص المشرع
التونسي مثلما هو الشأن في فرنسا مرحلة التحقيق ونظمها بنصوص قانونية ضمن
مجلة الإجراءات الجزائية... في تونس الفصل 47 وما بعده من م إ ج. و في
فرنسا الفصل 49 وما بعده من م إ ج.

أما فيما يتعلق بالسرية
والكتابة فان ذلك يتضح من خلال الأعمال التي يقوم بها قاضي التحقيق والتي
يقع إجراؤها بمكتب قاضي التحقيق بحضور كاتبه والمستنطق ونائبه ثم بعد أن
يتم استنطاقه يُدون ذلك بمحضر ويمضى من قبل قاضي التحقيق وكاتبه والمستنطق
ونائبه إن وجد فقد نص الفصل 72 من م إ ج التونسية على ما يلي : "يبتدئ حاكم
التحقيق باستنطاق ذوي الشبهة فرادى ثم يكافحهم ببعضهم أو بالشهود عند
الاقتضاء ويضمّن الأسئلة والأجوبة وما نشأ عن الاستنطاق من الحوادث بمحضر
يحرره في الحال..." ويعني مبدأ السرية في التحقيق ان جمهور الناس لا يصرح
لهم بالدخول في المكان الذي يجري فيه التحقيق، ولا تعرض محاضر التحقيق لكي
يطلع عليها العامة ولا يجوز إذاعتها أو نشرها في الصحف "ممدوح خليل البحر:
مبادئ القانون، أصول المحاكمات الجزائية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان
1998، ص.230."

هذا وقد نص الفصل 11 من م إ ج الفرنسية على ما يلي:

«
sauf dans le cas où la loi en dispose autrement et sans préjudice des
droits de la défense, la procédure au cours de l’enquête et de
l’instruction est secrète »

هذه هي أهم الخصائص المميزة للنظام
المختلط من خلال تأثره بالنظام الاتهامي والنظام التحقيقي فهل أنه بهذه
الطريقة الاقتباسية تجاوز نقائص النظامين المذكورين.

باعتبار أن
النظام المختلط جاء ليوفق بين النظام الاتهامي والتحقيقي محاولا بذلك
اقتباس إيجابيات النظامين وتفادي سلبياتهما فإنه قد وضع قواعد خاصة به
ميّزته عنهما تمثلت في عنصرين أساسيين مرتبطين ببعضهما البعض إذ أنه كرّس
مبدأ الاستقلالية بين الهيئات القضائية التي تملك إثارة الدعوى العمومية
وممارستها وفي ذلك توفير الضمانات للمتقاضين وخاصة حق الدفاع والحق في
محاكمة عادلة.

ففي خصوص مبدأ الاستقلالية يمكن القول أن النظام
المختلط قد كرّس هذا المبدأ من خلال استقلالية النيابة عن التحقيق والهيئة
الحكمية وكذلك استقلالية قاضي التحقيق عن النيابة والهيئة الحكيمة فالمراحل
التي تمر بها الدعوى العمومية هي مرتبطة ببعضها البعض لكن الاستقلالية
المذكورة تتعلق بالأعمال التي تقوم بها الهيئات التي تنظر في الدعوى
العمومية من الإثارة إلى الحكم.

فبالنسبة لاستقلالية النيابة يمكن
القول أنه بالرغم من أن مهام النيابة العمومية تقتضي قيام علاقة بينها وبين
قضاة الحكم، تظل النيابة مستقلة عن قضاة الحكم والتحقيق ويتجسم ذلك في أنه
ليس من حق قضاة الحكم والتحقيق توجيه أوامر وتعليمات للنيابة العمومية
فيما يتعلق باختصاصها كما انه لا يمكن لقضاة الحكم إثارة الدعوى العمومية
إلى في حالات استثنائية حددها القانون

فقد نص على ذلك الفصل 01 م إ ج الفرنسية الذي جاء فيه ما يلي :

« … elle doit garantir la séparation des autorités chargées de l’action publique et des autorités de jugement ».

وبالتالي
فإن النيابة العمومية تبقى لها مطلق الحرية فيما تراه صالحا من إجراءات
سواء فيما يتعلق بإثارة الدعوى العمومية أو بحفظها كما أنها تتمتع بحرية
مطلقة في تقرير مصير الشكاية باعتبار أن إثارة الدعوى العمومية ومباشرتها
يظل موكول لاجتهادها وسلطتها و هو ما يسمى مبدأ ملائمة التتبع. كما نص على
ذلك الفصل 30 م إ ج التونسية الذي جاء فيه ما يلي : "وكيل الجمهورية يجتهد
في تقرير مآل الشكايات والاعلامات التي يتلقاها أو التي تنهى إليه".

أما
بالنسبة لاستقلال التحقيق فان قاضي التحقيق في مباشرته لوظائفه مستقل عن
جهات قضاء الحكم وعن النيابة العمومية التي لا تقيده طلباتها كما أنه مستقل
عن الخصوم فلا سلطة للنيابة على قاضي التحقيق رغم أنها هي التي تعهده
بالقضية عدى في حالات التلبّس التي يتعهد بها مباشرة فهو حر عند مباشرته
للتحقيق في الالتجاء إلى كل أعمال التحقيق التي يقدر ضرورتها لإظهار
الحقيقة. إذ لئن سمح القانون لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق
إجراء الأعمال التي يراها لازمة فإنه وإن تراءى لـه أن لا ضرورة لإجراء هذه
الأعمال يرفضها ولا تثريب عليه في ذلك إن كان قراره غير معللا وبالتالي
فقاضي التحقيق غير ملزم باتباع طلبات النيابة العمومية.

أما في
خصوص ضمان حقوق الدفاع والمساواة فإن النظام المختلط كرّس ذلك ضمن جميع
مراحل الدعوى العموميّة سواء كان ذلك في طور الإثارة والممارسة أو في طور
المحاكمة فقد مكن المشرع التونسي والفرنسي المتهم من حق الدفاع بما يراه
صالحا سواء كان ذلك أمام مرحلة التحقيق أو أمام المرحلة الحكمية فقد نص
الفصل 01 م إ ج الفرنسيّة على ما يلي :

« La procédure pénale doit être équitable et contradictoire et préserver l’équilibre des droits des parties…

Les
personnes se trouvant dans des conditions semblable et poursuivies pour
les même infraction doivent être jugées selon les mêmes règles.

L’autorité judiciaire veille à l’information et à la garantie des droits des victimes au cours de toute procédure pénale… ».

كما
أقر القانون التونسي العديد من الضمانات لحقوق الدفاع كالحق في إنابة محام
فقد نص الفصل 69 م إ ج التونسية على ما يلي : "يثبت حاكم التحقيق هوية ذي
الشبهة ... وتلقى جوابه بعد أن ينبه عليه بأن لـه الحق في ألا يجيب إلا
بمحضر محام يختاره... وإذا كانت التهمة في جناية ولم ينتخب ذو الشبهة
محاميا وطلب تعيين من يدافع عنه وجب تعيين محام له."

كما نص الفصل
72 من نفس المجلة على أنه "لا يستنطق دو الشبهة إلا بمحضر محاميه..." ولعل
هذا الحق هو من أبرز حقوق الدفاع التي جاء بها النظام المختلط وأرسى
قواعدها.

وخلاصة القول أن النظام الإتهامي يحرص على حماية حقوق
المتهم في حين أن النظام التحقيقي حرص أكثر على حماية السلطة العامّة، أما
النظام المختلط فهو يحرص على الموازنة بين المصلحتين، وهذا النظام يسود
قانون الإجراءات الجزائيّة في تونس، وهو نظام أخذ عن النظام التحقيقي
خاصيّة السريّة والكتابة وذلك بهدف التصدّي لمحاولات التضليل التي قد يعمد
لها المتهمون، فيتم تدوين تصريحاتهم حتى تواجههم بها المحكمة فيما
بعد.ويغلب على هذا النظام طابع التنقيب والتحري في مرحلة التحقيق الإبتدائي
وعموما في مرحلة إعداد الدعوى قبل طرحها على القضاء. و تكون الإجراءات
مدونة وغير علنيّة للجمهور ويجوز أن تقرّر سرّيتها حتى عن الخصوم متى رأى
المحقق ضرورة لإظهار الحقيقة. ويقوم موظفون عموميون بجمع الأدلّة وتعقبها
فلا يترك ذلك للمجني عليه أو لأصحاب المصلحة في الدعوى، وإنما يجوز لهؤلاء
تتبع حقوقهم المدنيّة وفي أحوال قليلة تتوقف الدعوى العموميّة وجودا
وانقضاءا على شكوى من المتضرر.

أما في مرحلة المحاكمة فإن
الإجراءات شفاهيّة وعلنيّة للجمهور. ويتضح مما سبق عرضه أن الإجراءات
الجزائيّة هي قواعد خاصة تمثل المنهج أو الإطار الذي تتحرك فيه الدعوى
العموميّة لاختلاف هذه الأخيرة عن الدعوى المدنيّة، خصوما و سببا وموضوعا
فهي تستقل بإجراءات خاصّة من حيث إثارتها وإعدادها، وتشكيل المحاكم
المختصّة بالنظر فيها وتوزيع الإختصاص فيما بينها وإجراءات الطعن في الحكم
الصادر فيها. ومن هذا المنطلق تكتسي الإجراءات الجنائيّة خطورة خاصة لا تقل
عن خطورة قواعد التجريم، فهي مثل هذه الأخيرة لصيقة بحرية الناس "بل إن
قواعد التجريم تصبح لغوا وأداة محاباة وتحكم في يد الحاكم إذا لم تكن قواعد
التحقيق الجنائي وليدة تدبر عميق عند وضعها بما تستلزمه من حبس وإخراج أو
قبض وتقتيش ومن قواعد للمحاكمة توفر للخصوم ضمانات كافية لحيدة القاضي
وسداد قضائه، وأخرى للطعن في الأحكام عندما تخطئ وتنفيذها، لتكون عند
التطبيق دستورا حقيقيا يحفظ للحاكم رغبته المشروعة في تتبع الجريمة كما
يحفظ أيضا للمحكوم عليه البرئ رغبته المشروعة في أن لا يناله من تتبعها
ضرر.










التوقيع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
timo

timo
عضو مؤسس
عضو مؤسس

> نظم الاجراءات الجزائية 115810
البلد: : > نظم الاجراءات الجزائية Dz10
تَارِيخْ التَسْجِيلْ: : 18/02/2010
العُــمـــْـــــر: : 34
المُسَــاهَمَـــاتْ: : 804
النـِقَـــــــــاطْ: : 6816

> نظم الاجراءات الجزائية Vide





مُساهمةموضوع: رد: > نظم الاجراءات الجزائية   > نظم الاجراءات الجزائية Emptyالجمعة فبراير 04, 2011 2:10 pm




شكررررررررررررررررررر










التوقيع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

> نظم الاجراءات الجزائية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس :: أقسام القانونية Droit :: منتدى القانون العام :: منتدى السنة الأولى-

 
©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع