المطلب Ш
عناصر القاعدة القانونية :
تتكون القاعدة القانونية من عنصرين :
العنصر الأول : الفرض .
العنصر الثاني : الحكم أو الحل .
و
يعتبر كل من الفرض و الحكم ظاهرة أو واقعة , و يعتبر الفرض الواقعة أو
الظاهرة التي إذا تحققت وجب أن يترتب على ذلك أثر معين , ويسمى الفرض
تمييزا له عن الحكم بـ الظاهرة الأصلية أو الواقعة الأصلية .
و يعتبر الحكم الواقعة أو الظاهرة التي يجب إهمالها في حالة تحقق الظاهرة الأصلية
( الفرض ) أو هو ( الحكم ) الأثر الذي يرتبه القانون على تحقق الظاهرة الأصلية
( الفرض) .
مثال : المادة 353 من القانون المدني التي تنص على ما يلي :
إذا كان البيع بالعينة يجب أن يكون المبيع مطابقا لها .
عنصر الفرض في هذه القاعدة هو : البيع بالعينة .
عنصر الحكم فيها هو الوجوب كون المبيع مطابقا للعينة .
مثال : المادة 261 من قانون العقوبات تنص على ما يلي :
كل من قتل نفسا متعمدا يعدم .
عنصر الفرض في هذه القاعدة هو القتل العمد .
عنصر الحكم فيها هو قتل القاتل بالإعدام .
ملاحظات : يلاحظ أن :
· الحكم في القاعدة القانونية على نوعين :
- النوع الأول : يشمل الحكم المقصود لذاته .
- النوع الثاني هو الحكم الغير مقصود لذاته .
· الحكم المقصود لذاته هو الحكم الذي لا يحتاج لتطبيقه أي إجراء آخر
( إجراء قانوني ) .
· الحكم غير المقصود لذاته هو الحكم الذي يكون الغرض من وجوده هو تيسير تطبيق أحكامه لقواعد قانونية أخرى .
مثال : المادة 40 من القانون المدني تنص على ما يلي :
- كل من بلغ 19 سنة و لم يحجر عليه يعتبر رشيدا .
- كل من بلغ سن 19 سنة ,وكان متمتعا بجميع قواه العقلية ( رشيدا ) .
عنصر الفرض : بلوغ 19 سنة .
عنصر الحكم : الرشاد ( حكم غير مفصود لذاته ) .
و
يلاحظ ثانيا أنه لا تلازم بين مادة القانون أو نصه و بين ما يتضمنه من
قواعد قانونية بفرض واحد و حكم واحد , كما هو الحال في الأمثلة السابقة .
بل يمكن أن تتضمن مادة القانون أو نصه أكثر من قاعدة قانونية واحدة , مثال
ذلك ما تنص عليه المادة 125 من القانون المدني , على أنه :
<< يكون ناقص الأهلية , مسؤولا عن أعماله الضارة من صدرت منه و هو مميز,
غير أنه إذا وقع الضرر من شخص غير مميزو لم يكن هناك منهو مسؤول
عنه أو تعذر الحصول على تعويض من المسؤول جاز للقاضي أن يحكم على
من وقع منه الضرر بتعويض عادل مراعيا في ذلك مركز الخصوم . >>
تتضمن هذه المادة قاعدتين قانونيتين , أما الأولى ( القاعدة ) تحدد مسؤولية
القاصر المميز , وأما القاعدة الثانية فتحدد مسؤولية الصبي غير المميز .
المطلب ΙV:
تقسيم القانون :
أ 1 / تعريف القانون العام و الخاص :
الفقه قديما يعرف القانون العام على أنه القانون الذي يحكم العلاقات القانونية التي تكون الدولة طرفا فيها .
و يعرف القانون الخاص بأنه القانون الذي يحكم العلاقات القانونية التي لا تكون الدولة طرفا فيها .
و
يلاحظ أن العلاقة القانونية بما تنشئه من حقوق و ما تفرضه من التزامات يجب
أن تنسب إلى أصحابها أي أطراف هذه العلاقة , وقد جرى الاصطلاح القانوني
على تسمية صاحب الحق أو من يلتزم بالالتزام بالشخص فكل صاحب حق في العلاقة
نسميه بالشخص , ويعرف الشخص في القانون من يتمتع بالشخصية القانونية أي من
تكون له صلاحية تلقى الحقوق و تحمل بالالتزامات .
والشخص بنظر
القانون قد يكون من بني البشر أي إنسان و يسمى في هذه الحال <<
بالشخص الطبيعي >>, الشخصية القانونية ليست حكرا على بني آدم , بل قد
تثبت على مجموعة من الأموال أو مجموعة من الأشخاص , و تعتبر الأشخاص في
هذه الحال من غير الكائنات الحية و من غير بني آدم , ويسمى الشخص في هذه
الحال بالشخص الاعتباري أو الشخص المعنوي , كالجمعيات و الشركات و الدولة
من فروعها كوزارات و مؤسسات عمومية و الشخص المعنوي نوعان :
شخص معنوي خاص : كالجمعيات و الشركات .
شخص
معنوي عام : كالدولة و فروعها من وزارات و مؤسسات عمومية , يمنحه القانون
حقوقا و امتيازات السلطة العامة لا يمنحها القانون لا للشخص الطبيعي و لا
للشخص المعنوي الخاص .
مثال : إقدام الدولة على نزع ملكية خاصة من أجل منفعة عامة , و يلاحظ
أن الشخص المعنوي عندما يدخل في العلاقة القانونية قد يتصرف
بصفته سلطة عامة .
مثال : قيام الدولة بنزع ملكية خاصة من أجل منفعة عامة , وقد تتصرف
كفرد عادي , مجردة السيادة أي مجرد من صفة السلطة العامة .
كأن
تقوم وزارة بشراء قطعة أرض من شخص معنوي خاص , وبناء على ذلك يتصور أن
العلاقات القانونية التي تقوم في المجتمع لا تخرج عن أربعة أنواع :
1 – علاقة قانونية : تقوم بين أشخاص جميعهم أشخاص طبيعيون , أو بينهم
و بين أشخاص اعتباري خاص .
2 - علاقة قانونية : تقوم بين أشخاص جميعهم أشخاص طبيعيون أو بينهم و
بين أشخاص معنوية خاصة أو بينهم و بين أشخاص
معنوية عامة تصرفت مجردة من صفة السلطة العامة .
3 – علاقة قانونية: بين شخص طبيعي أو بين شخص اعتباري خاص و
شخص اعتباري عام تصرف باعتباره صاحب سيادة .
4 – علاقة قانونية : بين أشخاص اعتبارية عامة تصرفت بصفتها صاحبة
سيادة .
ونظرا
لكون الشخص الاعتباري العام يمكن أن يتصرف باعتباره سلطة عامة , و قد
يتصرف مجردا من هذه السلطة لينزل منزلة الأفراد , و من ثم من العدل أن يخضع
في هذه الحال للقانون الذي يحكم الأفراد و هو القانون الخاص .
وعلى
هذا الأساس , يعرف الفقه الحديث أن القانون العام هو القانون الذي يحكم
العلاقة القانونية التي تكون الدولة أو إحدى فروعها أو هيئاتها العامة
بصفتها سلطة عامة .
والقانون الخاص هو الذي يحكم العلاقات القانونية
التي لا تكون في الدولة طرفا و كذا العلاقات القانونية التي تدخل فيها
الدولة أو إحدى هيئاتها مجردة من السلطة العامة أي مجردة من السيادة .
2 / أهمية التفريق بين لقانون الخاص و القانون العام :
ا – إن جميع قواعد القانون العام قواعد آمرة لأنها و جدت أساسا لتحقيق
المصلحة العامة أما القانون الخاص فيتضمن إلى جانب القواعد الآمرة
قواعد مكملة .
2 - إن الدولة أو هيئاتها العامة يمكنها بما تتمتع به من امتيازات السلطة العامة
أن تحصل على حقها بنفسها دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء كاتخاذ
القرار بنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة .
في حين أن القانون الخاص لا يمنح مثل هذه الامتيازات للشخص الطبيعي
أوالشخص الاعتباري الذي لا يمكنه أن يقضي حقه إلا باللجوء إلى القضاء.
3 - إن الأشخاص الاعتبارية العامة تهدف في علاقاتها إلى تحقيق المنفعة العامة,
ومن ذلك فإن الأموال المخصصة لها و التي تسمى بالأموال العامة تتمتع
بحماية لا يتمتع بها المال الخاص و تتمثل هذه الحماية في أنه لا يجوز
التصرف في المال العام و لا الحجر عليه و لا تملكه بالتقادم .
3 / فروع القانون الخاص و القانون العام :
* فروع القانون الخاص :
1 - القانون المدني .
2 - القانون التجاري .
3 - القانون البحري .
4 - القانون الجوي .
5 - قانون العمل .
6 - قانون الإجراءات المدنية .
7- القانون الدولي الخاص .
و ما يمكن ملاحظته على فروع القانون الخاص , ما يلي :
1- إن ق م ينظم في الدول الغربية التي تأخذ به , نوعين من العلاقات القانونية :
- العلاقات المالية ,أو العلاقات العينية , أي التي يكون موضوعها معاملات
مالية .
- العلاقات العائلية , أو علاقات الأحوال الشخصية من زواج و طلاق وما يترتب عنهما .
أما
في الدول العربية ومنها الجزائر فالقانون المدني لا ينظم إلا النوع الأول
من هذه العلاقات , تاركا بذلك تنظيم النوع الثاني من العلاقات إلى فرع آخر
من القانون الخاص , وهو قانون الأسرة أو قانون العائلة .
2 - أن ق م
يعتبر أقدم فروع القانون الخاص , و لذلك يعتبر أصل هذه الفروع , فيسمى
بالشريعة العامة , ولذلك يجب الرجوع إليه ( ق م ) في جميع الأحوال التي لا
يوجد فيها حكم في فروع القانون الخاص الأخرى , يحكم العلاقة القانونية أو
النزاع , وترتيبا على ذلك , فإن ق م لا يطبق إذا وجد حكم في أي فرع من فروع
القانون الأخرى , بمعنى أن فروع القانون الخاص هذه لا تطبق إلا إذا أتت
بأحكام استثنائية عن الأحكام الواردة في القانون المدني , و ذلك تطبيقا
لقاعدة (( الحكم الخاص يقيد الحكم العام )) .
مثال : ق م : يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا ( حكم في شركات مدنية و
تجارية ) .
القانون التجاري : يجب أن يكون عقد الشركة مثبتا في شكل رسمي ( أي
عقدا موثقا ) ( حكم في الشركات التجارية ) .
3 - إذا جاء في القاعدة أن الحكم الخاص يقيد الحكم العام ( الخاص يقيد العام ) ,
فان تطبيق القاعدة الخاصة لا يعني عدم تطبيق القاعدة العامة ,لأن الشخص
له في الواقع حياتان حياة تحكمها القاعدة الخاصة , وحياة تحكمها القاعدة
العامة , فالتاجر مثلا له حياة خاصة كفرد يخضع فيها لاحكام القانون المدني
وحياة تخص تجارته يخضع فيها لأحكام القانون التجاري كتاجر .
أ - فروع القانون العام :
1 - القانون الدولي العام .
2 - القانون الدستوري .
3 - القانون الإداري .
4 - القانون المالي .
5 - القانون الجنائي ( قانون العقوبات , وقانون الإجراءات الجزائية ) .
ب - القانون الموضوعي والقانون الشكلي :
إذا
كان القانون هو مجموعة قواعد تنظم سلوك الأفراد في المجتمع فهي تنظم هذا
السلوك عن طريق بيان حقوق و التزامات كل فرد من أفراد المجتمع للحفاظ على
النظام فيه , فإن القواعد التي تبين هذه الالتزامات و الحقوق , تسمى
بالقواعد الموضوعية التي يضمها ما يسمى بالقانون الموضوعي .
أما
القواعد الشكلية أو الإجرائية فهي تبين حقوق أو التزامات الأفراد و إنما
تبين ما هي الطرق الواجبة الإتباع لتطبيق القواعد الموضوعية .
* فروع القانون الشكلي :
- القانون الدولي الخاص .
- قانون الإجراءات المدنية .
- قانون الإجراءات الجزائية .
* فروع القانون الموضوعي :
كل ما تبقى من فروع القانون سواء كان عاما أو خاص .
- قانون الإجراءات المدنية :
مجموعة القواعد التي تبين سير الخصومة ابتداء من رفع الدعوى
إلى صدور الحكم إلى تنفيذ هذا الحكم .
- قانون الإجراءات الجزائية :
هو عبارة عن مجموعة القواعد التي تبين كيفية ضبط الجريمة و
التحقيق فيها , والحكم عليها , وتنفيذ هذا الحكم .
- القانون الدولي الخاص :
هو عبارة عن مجموعة القواعد التي تبين القانون الواجب التطبيق و
المحكمة المختصة في العلاقات ذات العنصر الأجنبي .
كل علاقة قانونية تتضمن 3 عناصر , بتوضيحها تفهم المقصود بالقانون الدولي الخاص .
1 – سبـب العلاقة : وهو دائما تصرف.
2 - موضوع العلاقة: وهو إما القيام بالعمل أو الامتناع عن القيام بهذا
العمل
جـ - أشخاص العلاقة "أطرافها": وقد يكون أطرافها عبارة عن بائع ومشتر مؤجر ومستأجر دائن ومدين...الخ .
وقد
تكون جميع عناصر العلاقة القانونية , وطنية وفي مثل هذه الحال لا يثور أي
أشكال إذ يطبق القانون الوطني على هذه العلاقة وتكون المحكمة الوطنية هي
المختصة للفصل في النزاع القائم بشأنها.
مثال: إن تزوج جزائري
بجزائرية في الجزائر يقيمان بها بعد إبرام عقد الزواج فإذا أراد لحدهما
الطلاق ورفع الأمر على المحكمة الجزائرية فلا شك أن القانون الجزائري هو
الواجب التطبيق على اعتبار أن جميع عناصر هذه العلاقة جزائرية وطنية , كما
أنه لا شك أن المحكمة الجزائرية تكون المختصة وحدها في الفصل في هذا النزاع
, ولكن ليس من الضروري أن تكون جميع عناصر العلاقة القانونية وطنية فقدت
في إحدى عناصرها أجنبية , وفي هذه الحال يثور التساؤل حول القانون الواجب
التطبيق والمحكمة المختصة ومثال ذلك أن يبيع شخص من جنسية جزائرية عقارا
يقع في الجزائر لشخص آخر من جنسية فرنسية , ثم يقوم بينهما نزاع بشأن هذا
البيع , ومن ثم يتوجب تحديد القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة , فهل
نطبق القانون الجزائري على اعتبار أن العقد ابرم في الجزائر, وأن العقار
يوجد في الجزائر وأن البائع جزائري؟ أم تطبق القانون الفرنسي على اعتبار
المشتري فرنسيا ؟ وإذا ما حددنا القانون الواجب التطبيق بتعيين (تحديد)
المحكمة المختصة . هل هي المحكمة الجزائرية أو المحكمة الفرنسية؟
فالذي يجيبنا عن هذا السؤال هو القانون الدولي الخاص.
وما
يجب ملاحظته هو أن القانون الدولي الخاص قد يتضمن إلى جانب القواعد
الشكلية التي سبق بيانها , قواعد موضوعية تتعلق بالجنسية والموطن ومركز
الأجانب فإذا تضمن القانون الدولي هذه المواضيع فيعتبر قانونا مختلطا لا
شكليا.
جـ) القانون الخارجي والقانون الداخلي:
القانون
الخارجي هو عبارة عن مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات القانونية بين
أشخاص المجتمع الدولي سواء كانوا دولا أو منظمات دولية.
أما القانون
الداخلي فهو عبارة عن مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات القانونية بين
أشخاص طبيعيين وبين أشخاص اعتبارية خاصة وأشخاص اعتبارية عامة.
ملاحظة: يمكن اعتبار القانون الخارجي هو القانون الدولي العام.
--------------------