منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  



منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباسحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية

FacebookTwitterEmailWindows LiveTechnoratiDeliciousDiggStumbleponMyspaceLikedin
شاطر | 
 

 حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
avatar

MOOH
عضو فعال
عضو فعال

حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية 115810
تَارِيخْ التَسْجِيلْ: : 30/03/2010
العُــمـــْـــــر: : 53
المُسَــاهَمَـــاتْ: : 210
النـِقَـــــــــاطْ: : 5980

حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية Vide





مُساهمةموضوع: حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية   حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية Emptyالأربعاء مارس 31, 2010 3:34 pm




[
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، المبعوث رحمة للعالمين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
فإن التاريخ لم يعرف أحداً من الأمم أوْفى من المسلمين، ولا أرعى للعهد والذّمة منهم، ولا أرحم ولا أعدل ولا أحسن خلقاً ومعاملةً منهم ، ومصدر ذلك إنما هو دينهم الإسلام، الذي بعث الله به نبيه محمداً  رحمة للعالمين , أخرجهم به من الظلمات إلى النور، وهداهم به الصراط المستقيم ، وَضَمِنَ حقوقهم، فعاش الناس آمنين مطمئنين؛ إخوة متحابين ؛ متعاونين في كل ما ينفعهم ، ويصلح شأنهم، كما عاش في ولايتهم ، أهل الذمة من غير المسلمين ، في أمن وأمان .
والمسلم - في ظل دينه القويم - لا يحتاج إلى تشريعات بشرية جديدة ، فالله  قد أكمل لنا الدين ، وأتم علينا النعمة ، ورضي لنا الإسلام ديناً ، فما تجاوز ذلك أو خالفه، أو انحرف عنه ، فهو الظلم بعينه ؛ لأنه خلاف ما شرع الله من الأحكام لعباده ، الذي هو أعلم بها ، وبما يصلح حالهم ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، [ الملك :14]. ليس على المسلمين إلا أن يتمسكوا بدينهم ، ويعضوا عليه بالنواجذ ، ويعملوا بأحكامه، وشرائعه، وآدابه ، ويجعلوها حَكَماً بينهم ، فسوف يجدون الأمن والعافية ، والطمأنينة ، والعدل ، والسعادة ، والرضى ، والقوة ، والتقدم ، وستأتي إليهم الدنيا راغمة ، وسيأتيهم رزقهم رغداً ؛ لأن الله  خلق كل شيء من أجل الإنسان ، وخلق الإنسان لعبادته ، -قال تعالى-: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون... . [الذاريات : 56] .
لا يُصْلح حال الإنسان ، إلاّ ما شرعه الله له ، والواقع شاهد على ذلك ، فحيثما التُزمتْ الشريعة ، وحُكّمتْ في أمور الناس : صلح حالُهم ، وأمنوا علي أنفسهم ، وأعراضهم ، وأموالهم ، وحيثما تنكَّب الإنسان هذا الطريق القويم ، فسيضيع ، وتضيع حقوقه وأموره ... .
... إن قَدَرَ المملكة العربية السعودية - ولله الحمد والشكر - هو الأخذ بـهذا الدين الحنيف ، والدعوة إليه ، والاهتمام بأمور المسلمين ، ومساعدتهم ، والدفاع عن قضاياهم على كل صعيد ، ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً .
وبطبيعة الحال : فإن هذا الواقع الطيب للمملكة لا يسرّ الأعداء ، ولا يعجبهم ، ... فتجدهم يختلقون الاتهامات ، وينشئون الأكاذيب ، وينشرونها ، ويضخمونها ، ويحاولون قلب الحقائق ، وإلباس الباطل ثوب الحق ، ويدلسون على الناس ، حتى إنهم ليُدخلون تطبيق الحدود الشرعية على المجرمين وتنفيذها فيهم ، ضمن التُّهم التي تُتَّهم بها المملكة في مجال (حقوق الإنسان) !! ولك أيها القارئ أن تعجب كل العجب ، فهم يتباكون على مجرم نُفِّذَ فيه حكم الله ؛ لأنه قَتَلَ ، أو أخلّ بالأمن ، أو أفسد في الأرض، أو: حارب الله ورسوله، ولا ينشرون كلمة واحدة عن المسلمين الأبرياء الضعفاء، الذين يُقتّلون بالآلاف في البوسنة والهرسك ، وغيرهما ، ويُخرَجون من أموالهم، وديارهم ، ويُتعدَّى على أعراضهم ، ولا يُمكّنون من الدفاع عن أنفسهم . أما الجرائم التي تُقْتَرف بحق هؤلاء المساكين ، فلا تدخل في قاموس حقوق الإنسان، في نظر هؤلاء الأعداء !!....
إن الذين يتفاخرون بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م ، ويعتبرونه المثل الأعلى في الروابط الإنسانية ، ويعتقدون أنه لم ينسج على منواله شيء من قبل ، وينظرون إليه على أنه: قمة الحضارة ؛ إن أولئك يتجاهلون الإسلام ، ومعاملته الكريمة للإنسان ، وحفظه لحقوقه ، وتنظيم شئون حياته ، على نحو يكفل له الحياة الكريمة ، ويهديه سبيل الرشاد ، ويجنبه مهاوي الرّدى والهلاك ، من أجل ذلك : ينبغي الكشف لأولئك الجهلة ، أو المتجاهلين ، عن وجه الإسلام الناصع ، ونظرته إلى حقوق الإنسان ، والأسس والمبادئ التي قام عليها في هذا الجانب ، وبطبيعة الحال : فلا وجه للمقارنة بين ما في الإسلام من ذلك ، وبين إعلانهم الذي يتشدقون ويتفاخرون به . فأين الثرى من الثريا ؟ ( )" .
وإنه مما لاشك فيه : أن الإسلام كان له فضل السبق على كافة المواثيق والإعلانات ، والاتفاقيات الدولية ، في تناوله لحقوق الإنسان ، وتأصيله ، وتحديده لتلك الحقوق منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان ، وما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والاتفاقات والوثائق الدولية مما فيه مصلحة مُحقّقة للإنسان ، وللمجتمع الإنساني ما هو في حقيقته إلا ترديد لبعض ما تضمنه الإسلام في هذا الخصوص ، الذي تميّز عنها : بكفالته لكافة حقوق الإنسان ، وحمايته لها ، ومراعات المصالح ، وتكميلها ، ودرء المفاسد وتقليلها ؛ فجاءت تشريعاته في هذا الباب : جامعة ، مانعةً ؛ فاقت بذلك كل ماعرفته ، وتعرفه المدنية بكل هيئاتها ، ومنظماتها ، وفروعها( ) .
والهدف من هذه المادة الدراسية: إبراز شيء من هذه الحقوق ، على ضوء تقرير الإسلام لها، والمقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام ، وفي الوثائق الوضعية ، وبيان فضل الإسلام عليها، من حيث الأسبقية، والإلزامية ، والعمق والشمول ، والحماية ، والضمانات ، وتجلية بعض الشبة التي يثيرها أعداء الإسلام ؛ حول هذه الحقوق ، وما ينسبونه إلى الإسلام من تعسّف في تطبيق بعض الأحكام الخاصة بـهذه الحقوق ، واعتداء على الحرّيات الخاصة ، والعامة ، وانتهاك لها –كما يزعمون-.

مكانة الإنسان في الإسلام ومظاهر تكريمه.

للإنسان في الإسلام مكانة عظيمة، فهو من حيث هو إنسانٌ ، أيّاً كان أصله ، أو جنسه، أو لونه ، أو نسبه ، أو منزلته الاجتماعية فهو مكرَّمٌ ؛ كرَّمه الله ، وميّزه عن سائر المخلوقات. ولهذا التكريم مظاهر عديدة ،بيانها في المطالب الآتية:
المطلب الأول : الإنسان خليفة في الأرض :
لقد شاء الله تعالى ، واختار للإنسان ، أن يَعْمُر الأرض ، بعد أن أنزله إليها ، وكان قبْلُ أبو البشرية آدم – عليه السلام- في الجنة ، في أرغد عيش ، وأهنئه .
وقد أخبر الله –تعالى- الملائكة الكرام بـهذا الاستخلاف ، كما قال -سبحانه-: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة . [البقرة : 30].
وتقوم هذه الخلافة على ثلاثة عناصر :
1- الأخذ بالأسباب المادية التي أمر القرآن بها فيما يتعلق بالعمل ، والسعي ، والبحث، والتفكير .
2- الاستفادة من المعطيات الكونية التي سخرها الله –تعالى- للإنسان في الكون ، وما أدّخره له من خيرات الأرض .
3- استخدام المواهب الذاتية ، بدءاً من الحواس ، وانتهاءً بالعقل ، ومروراً بالتعاون والتكاتف ، والاستفادة من سائر الخبرات ، والطاقات .
فإذا أضاف الإنسان إلى هذه العناصر الثلاثة : الالتزام بمنهج الله وشرعه ، فهنا : تتحقق الخلافة الكاملة في الكون ، فيظفر بالسعادة الكاملة ، ويحقق الأهداف الواسعة في الحياة ، ويؤدِّي مهمته على خير وجْهٍ .
قال تعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون [النور : 55] .
المطلب الثاني : الإنسان محور الرسالات السماوية :
الإنسان هو المقصود غاية وهدفاً من ابتعاث الرسل ، وإنزال الكتب ، وقد اقتضتْ حكمة الله –تعالى- ألاّ يخلقه عبثاً ، ويتركه هملاً ، بل خلقه ليقوم بعبادته –تعالى- على الوجه الذي أراده منه ؛ فأنزل الله الكتب ؛ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، ولهدايتهم إلى الطريق المستقيم ؛ كما قال -سبحانه-: وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان. [آل عمران : 4] .
وقال –سبحانه-: إنّا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور [المائدة : 44].
وقال عن القرآن الكريم : إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً  . [الإسراء : 9] .
وقد توالت الرسل ، وتتابعت الأنبياء ، وأُنزلتْ الكتب ؛ لهـداية البـشرية جمعاء، إلى ما يحقق لها السعادة ، ويجلب لها الخير ، في الدنيا والآخرة .
فقد جاءت الرسالات تدعو إلى تحرير الإنسان من الشرك ، والزيغ ، والضلال ، ليبلغ الإنسان بذلك المرتبةَ التي يؤدي بها وظيفة الاستخلاف خير أداءٍ .
المطلب الثالث : تكليف الملائكة بالسجود لآدم :
إن أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم –عليه الصلاة والسلام- لمن أدلّ المظاهر على التكريم الإلهي للإنسان ، وبيان مكانته التي تبوّأها بين الموجودات ، والمنزلة التي بُلِّغها.
وكان هذا السجود : تكريماً للإنسان ؛ إذْ نوَّه الله بذكْره في الملأ الأعلى، قبل إيجاده.
وقد ذكر الله –تعالى- قصة ذلك السجود في القرآن في أكثر من موضع ، منها : قوله –تعالى-: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين [البقرة : 34] .
قال العلماء : أمرهم بالسجود له على وجه التحية والتكرمة ؛ تعظيماً له ، واعترافاً لفضله ، واعتذاراً عمّا قالوا فيه ، وهذه كرامة عظيمة من الله تعالى لآدم -عليه السلام – وهو سجود تعظيم ، وتسلية ، وتحية ، لا سجود عبادة ( ).
المطلب الرابع : تفضيل الإنسان على سائر المخلوقات :
ومن مظاهر تكريم الله -سبحانه وتعالى – للإنسان ، تصريحه وتنويهه بذلك التفضيل والتكريم ، كما في قوله – سبحانه- : ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلاً .[الإسراء : 70].
فمن أوجه هذا التكريم : أن ركّب فيه العقل ، الذي به يفكِّر ويتفكر ، ويدرك ، ويَعِي ، ويختار . ونفخ فيه الروح ، ووهبه إياها ، وخلقه في أحسن هيئة ، وأكمل صورة ، كما قال تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم [التين : 4]. وقال : يا أيها الإنسان ما غرَّك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك [الانفطار : 7] .
قال القرطبي : "والصحيح الذي يُعوَّل عليه : أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف ، وبه يُعرف الله ، ويُفهم كلامه ، ويوصل إلى نعيمه ، وتصديق رسله ، إلاّ أنه لمّا لم ينهض العقل بكلّ المراد من العبد بُعثتْ الرسل ، وأنزلت الكتب ... ( )".
لكن لا ينبغي للإنسان أن يتطاول بـهذا العقل ، ويتجاوز به حدَّه ؛ فالعقل مهما تسامى وتنامى فلن يستطيع أن يُدرك كل الحقائق ، أو يحيط بها علماً ، أو يستوعب كل الممكنات ، فهناك أمور يَقْصُر عنها ، وعن إدراكها ، ولذلك كان لا بُدَّ من كبح جماح هذا العقل بالشرع والدين؛ بحيث يكون العقل تابعاً للشرع ، يَصْدُرُ عنه ، ويأخذ بهديه ، ويسترشد به ، وإلاّ تاَهَ، وهلك، وأهلك : وكان وبالاً على صاحبه ، ودماراً .
فالإسلام أمر بالتوازن بين العقل ، والجسد ، والروح ، على أساس الدين ، الذي ينظم هذه العلاقة ، ويجعلها تصبّ في مصبِّها الصحيح .
المطلب الخامس : تسخير ما في الكون للإنسان :
وهذا من مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان ؛ حيث سخَّر له ما في الكون ، ومكّنه من استغلاله على الوجه الذي ينتفع به ، وأقدره على ذلك ، بل أمره بالسعي لطلب هذه المُسخّرات ، وامتنَّ عليهم بها . قال تعالى : ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة [ لقمان : 20] . وقال : هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور [الملك : 15].
وقال –تعالى- :  هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً [البقرة : 29] . قال القاسمي –رحمه الله- : "ومعنى ( لكم ) لأجلكم ، ولانتفاعكم( ).
فالله –تعالى- سخّر الكون للإنسان ،لتحقيق رفاهيته ، وتأمين سعادته ، وتدبير أسباب العيش ، وجني خيرات الأرض ، واستخراج دفائنها ؛ بما يحقق المصلحة والنفع ، ويتّجّه بها نحو الخير ،والصلاح .

تاريخ حقوق الإنسان

أولاً: حقوق الإنسان كفكرة
ظهرت المناداة بحقوق الإنسان عبر التاريخ البشري الطويل للإنسان ، منذ القديم ، وبرزت بشكل فكري وفلسفي ، في القرن الثامن عشر ، الذي اعتُبر قرن حقوق الإنسان ، -كما يزعمون -.
وهذه الأسس التي انطلقت منها هذه الدعوات كانت متباينة من الناحية الفلسفية ، والقانونية ، ثم جاءت المقدمة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، تصرِّح ببعض الأمور ، وجاءت ديباجة الإعلان الإسلامي تنص على أمور أخرى .
وحقوق الإنسان كفكرة - لها أصولها ، وقواعدها ، وبرنامجها- لم تكن على هذه الصورة فيما مضى ، عبر تاريخ البشرية الطويل ، وإنما اعتراها الغموض ، والتفاوت، والاختلاف، والتطور ، والتدرج ؛ فحقوق الإنسان -كفكرة - أمر فطري جِبلِّيٌّ موجود في النفس البشرية ، والطبيعة الإنسانية ، من لدن أبينا آدم - عليه السلام – وطوال الأحقاب التاريخية المتتالية بعده ، مروراً بالأنبياء والمرسلين . كما أن هذه القضية شغلتْ عقول الفلاسفة الأقدمين ، والمُحدثين كأفلاطون ، وأرسطو ، وسيرون ، وميكافيلي ، وسبنوزا ، ولوك ، ورسو ، ومونتسكيو ؛ الذين وضعوا نظرياتٍ لحقوق الإنسان ، وأقاموها على أساس من الواقع ، أو على أساس من المنطق( ).
إن حقوق الإنسان كفكرة ،لم تظهر جزئياً بشكل رسمي ، إلا في القرن الثالث عشر الميلادي – الموافق للقرن السابع الهجري ، أي : بعد نزول الإسلام بسبعة قرون – وذلك نتيجة ثورات طبقيّة وشعبية في أوربا ، ثم في القرن الثامن عشر في أمريكا ، لمقاومة التمييز الطبقي ، أو التسلط السياسي ، أو الظلم الاجتماعي .
ففي عام (1215م) صدر في إنجلترا ما يسمى بـ (الشرط الكبير) الذي فرض فيه أمراء الإقطاع المعروفون بـ (البارونات) على الملك (جان) توقيع هذا الشرط للاعتراف بحقوقهم وامتيازاتهم .
وفي عام (1627م) أصدر الملك (شارل الأول) قانون إعلان الحقوق الذي يقرر مبدءاً واحداً وهو : " لايجبر أحدٌ على دفع أيِّ ضريبة ، أو على تقديم أيِّ هبة – أو عطاء مجاني – إلا بقرار من البرلمان" .
وفي سنة (1628م) صدرت وثيقة" إعلان الحق" لأمراء الإقطاع أيضاً .
وفي سنة (1679م) أصدر الملك (جان الثاني) القانون المعروف باسم : قانون الجسد، الذي يوجب امتناع حبس الأفراد إلا لدين ، أو تهمة جنائية ، ثم ألْغي الحبس من أجل الدين بقانون (1816م) ، واقتصر الحبس على المتهمين بالجرائم الجنائية .
وفي عام (1688م) صدرت وثيقة الحقوق في أعقاب ثورة سنة (1688م) البيضاء .
وفي أمريكا ظهرت فكرة حقوق الإنسان ، خلال إعلان الاستقلال الأمريكي عام (1776م) ، ومن أبرز ما تضمنته : حق الحياة ، والحرية ، والمساواة بين الناس ، وأنّ صلاحية الدولة لإقرار هذه الحقوق مستمدة من الشعب ؛ الذي له حق التمرد علي انحراف الدولة .
ولم يكن مقصودهم من بيان هذه الحقوق ، هو : تقرير حق الإنسان ، وإنما قصدوا: بيان المسوّغ للحرب التي أعلنوها على إنجلترا عام (1775م) ، وانتهت باستقلالهم عام (1783م) ، ثم صدر بعد ذلك الدستور الأمريكي عام (1787م) ، وتعّرض لبعض الحقوق الإنسانية ، مثل : حق العقيدة ، وحرمة النفس ، والمال ، والمنزل ، وضمانات حرية التقاضي، وعدم التجريم بدون محاكمة عادلة ، وتحريم الرِّق ، وإيجاب المساواة ، وتعرّضتْ هذه الحقوق للتعديل مرراً سنة (1789م) إلى سنة (1791م) ، وسُمِّيَ يوم الخميس الأخير من تشرين الثاني سنة (1789م) يوم الشكر ، واعتبره الأمريكيون عيداً وطنياً ( ) .

ثانياً: حقوق الإنسان نظاماً وتشريعاً

أما حقوق الإنسان نظاماً وتشريعاً – أعني في القوانين الوضعية – فلم تظهر إلا مع الثورة الفرنسية . ومناداة كُتَّاب الثورة بذلك ، مثل : (جان جاك روسو ) ، صاحب كتاب : "العقد الاجتماعي" ، و(مونتسكيو) ، و(ديدرو) ... وغيرهم . وقد صدر في الرابع من شهر آب ، عام (1789م) وثيقة حقوق الإنسان والمواطن ، وكان ذلك ردّ فعل للمخازي المؤلمة في العهود البائدة ؛ في عصر الاضطهاد الديني ، وامتهان الحريات الشخصية ، ومصادرة الأموال ، وغيرها .
وبدأت الوثيقة بعبارة : "يُولد الناس أحراراً ومتساوين في الحقوق" وقد تضمنتْ عدّةً من الحقوق ، كتقرير : المساواة ؛ وصيانة الفرد وسلامته ؛ واحترام الملكية ؛ وأنه لا يجوز الاستملاك إلا للضرورة العامة ، ولقاء تعويض عادل ؛ وأن الأصل براءة الذمة ؛ ولا يجوز التجريم والحكم إلاّ بقانون ؛ وضرورة المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية ، وهي : الحرية ، والملك ، والأمن ؛ ومقاومة الاضطهاد ؛ وحق الشعب في محاربة الظلم والاستبداد ، كما شمل هذا الإعلان حقوقاً أخرى . ولقد حرص الفرنسيون على هذا الإعلان ، ووضعوه في مقدمة الدستور الفرنسي الصادر في الثالث من أيلول عام (1791م) .
ثم جاءت المؤسسات الدولية في القرن العشرين ، فأعلنت في مواثيقها سنة (1919م) في عُصبة الأمم، وفي سنة (1941م ) في ميثاق الأطلسي ، ثم في اقتراحات (دمبارتون أوكس) الموقعة سنة (1944م)، ثم في ميثاق الأمم المتحدة سنة (1945م) الذي أسس لجنة حقوق الإنسان، فعملتْ على صياغتها ، وأصدرت (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) في (18) حزيران يونيو عام (1948م) ، ثم صدَّقت عليه الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة في (10) كانون الأول (ديسمبر سنة (1948م) ، واعتُبر هذا اليوم من كل عام : اليوم العالمي لحقوق الإنسان .
وأمَّا في الاتحاد السوفيتي ، فلم تُعلن الحقوق الأساسية للإنسان إلا في اليوم الخامس من كانون الأول سنة (1936م) عند إعلان الدستور الذي ذكر الحقوق الإنسانية الأساسية ، ثم تكرر ذلك سنة (1977م) ، ونصّ على إقرار المساواة – ولو نظرياً- بين المواطنين ؛ وحق التعليم المجاني ؛ وحرية الفكر والتعبير ؛ والاجتماع الشخصي ؛ والتظاهر ؛ وتأسيس الجماعات والنقابات ؛ وحرمة المنازل ؛ وحق المواطن في العمل ؛ والإجازات ؛ والضمانات الاجتماعية ضد الشيخوخة ، والبطالة ، والمرض ، والعجز( ).

ثالثاً: تقرير الإسلام لحقوق الإنسان منذ أكثر من أربعة عشر قرناً

لم تُعْرف حقوق الإنسان بشكل كامل ، حقيقة وواقعاً ، إلا بظهور الدين الإسلامي الحنيف ، الذي وضع تصوُّراً واضحاً لهذه الحقوق ، امتاز بها على غيره من الأديان السابقة ، والتشريعات البشرية الوضعية اللاحقة .
يقول الدكتور إبراهيم مدكور : "فحقوق الإنسان المهدَّدة اليوم ، والتي ندعو إلى حمايتها ، واحترامها ، قد أقرّها الإسلام ، وقدّسها ، منذ أربعة عشر قرناً ، فسبق بها سبقاً بعيداً عمّا قال به القرن الثامن عشر ، الذي عُدَّ قرن حقوق الإنسان ، أيَّدها الإسلام ، وثبَّتها ، وجعل منها ديناً ودنيا ، وأقامها على دعائم أخلاقية ، وروحية"( ).
ويقول المجلس الإسلامي الأعلى في البيان العالمي عن حقوق الإنسان : "شرع الإسلام منذ أربعة عشر قرناً حقوق الإنسان في شمول وعمق ، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها ، وصاغ مجتمعه على أصول ومبادئ تمكِّن لهذه الحقوق ، وتدعمها"( ).
"لقد أعلن رسول الهدى : محمد - - ، حقوق الإنسان في خطبته في حجة الوداع ؛ يقول صلى الله عليه وسلم ، معلنا مبادئ حقوق الإنسان : ((أيها الناس : إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد فكلكم لآدم وآدم ، من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى)) ( ) .
لقد سبق رسولُ الله -  - بـهذه الوصية إعلان حقوق الإنسان في الثورتيْن : الأمريكية ، والفرنسية ، كما سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الصادر عن هيئة الأمم المتحدة سنة : 1948م .
في هذه الخطبة المباركة ، يلخص رسول البشرية : محمد بن عبد الله _عليه الصلاة والسلام _ موقف الإسلام جلياً ، وواضحاً ، حول حقوق الإنسان ؛ فالناس سواسية في القيمة الإنسانية المشتركة ، وهم كأسنان المشط ، ولا تفاضل بينهم إلا بالتقوى ، على أساس أعمالهم الصالحة ، وما يقدمه كل منهم لربه ، ونفسه ، وأمته ، والمجتمع الإنساني . وبـهذا قضي الإسلام على الطائفية ، وأساليب التفرقة بين الطبقات ، وقواعد المفاضلة بين الناس، تبعاً لاختلاف شعوبهم ، أو تفاوتهم في الأحساب والأنساب . يقول الله عز وجل في هذا المعنى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم . [الحجرات : 13] .
لقد نقل الإسلام الإنسان من التعصب للقبيلة ، أو العشيرة، أو البيت، أو البطن، أو اللون، أو الجنس، نقله من هذه الحدود الضيقة ، إلى الإنسانية الواحدة ، التي ترجع إلى أصل واحد. وهذه الاختلافات لا ينبغي أن تفرق الناس، ولكن يجب أن تعمل على تآلفهم، وتعارفهم.
ولم يقتصر الأمر على وضع قواعد ونظريات ، بل إن التاريخ الإسلامي ليخبرنا أن هذه القواعد كانت منفذة أدق تنفيذ في عهد النبي -  - وفي عهد الخلفاء الراشدين –رضوان الله عليهم- وغيرها من العهود الإسلامية الزاهرة :-
فحين احتّدَّ أبوذر الغفاري ، على بلال بن رباح – رضي الله عنهما- وقال له : يا ابن السوداء : غضب النبي -  - وقال : ((طف الصاع – طف الصاع- أي تجاوز الحد- ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى وعمل صالح )) فوضع أبوذر – رضي الله عنه- خدَّهُ على الأرض ، وقال لبلال : قم فطأ على خدّى( ).
وهكذا يتضح جلياً أن الإنسانية في نظر الإسلام، متساوية القيمة، في أيِّ مكان كانت ، لا يفرّق بينها سوادٌ ، أو: بياض ، ولا بـتفاوت بينها نسبٌ أفريقي ، أو:أوروبي ، بخلاف الحضارة المعاصرة ،التي تعتز بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، فيمكن أن توصف بأنها حضارة قوميات ، وألوان ، أجناس ؛ فمازالت التفرقة العنصرية تُمارس بشكل أو بآخر ، في كثير من دول العالم المتقدم منه ، والنامي"( ) .
وعلى سبيل المثال نجد أن الثورة الفرنسية التي اتخذت مبادئها من أفكار الفلاسفة: "جان جاك روسو" و"فولتير" و"مونتسكيه"، ورفعت عبارة: (الحرية – الإخاء – المساواة) كشعار لها، لم تلتزم بهذا الشعار سواء على صعيد الداخل الفرنسي إبان الثورة أو على صعيد سياسة حكومتها الخارجية فيما بعد.
فعلى الصعيد الداخلي الفرنسي يقول "سيرجو بوسكيرو" رئيس الحركة الملكية الإيطالية: إن الثورة الفرنسية بحق قامت بأكبر مجزرة في التاريخ أو على الأقل في الشعب الفرنسي، حيث قتلت 300 ألف فلاح، وهي بذلك تعد منبع الإرهاب العالمي؛ إذ ولدت "ظاهرة الإرهاب" من الثورة الفرنسية.
أما على صعيد السياسة الخارجية التي انتهجتها حكومات الثورة الفرنسية فقد جاءت متناقضة تمامًا مع ما أعلنته الثروة من مبادئ (الحرية والإخاء والمساواة) وبخاصة فيما يتعلق بشعوب آسيا وإفريقيا التي استعمرتها والتي تعاملت معها بمنطق السيد والعبد. ولم تمضِ فترة وجيزة من الزمن حتى جاءت الحملة الفرنسية على مصر عام (1213هـ = 1789م)، ثم بعدها بفترة جاء الاحتلال الفرنسي للجزائر والمغرب وتونس وغيرها من المناطق في آسيا وإفريقيا.
ومما يؤكد أسطورية المبادئ التي رفعتها الثورة الفرنسية من الحرية والإخاء والمساواة إلقاء نظرة سريعة على بعض أفكار الفيلسوف الفرنسي "مونتسكيه" الذي قامت الثورة على مبادئه وأفكاره، وفي ذلك تقول الدكتورة "زينب عصمت راشد" أستاذة التاريخ الحديث بجامعة عين شمس: إنه ليؤسفنا حقًا أن ينخدع العالم بوجود مفكرين راشدين بين من زعموا أنهم ثاروا لدعوة الحق والحرية والعدالة والإخاء والمساواة، وفيهم من استحل ظلم الإنسان لأخيه الإنسان لا لشيء سوى بشرته. ويعد مونتسكيه أشهر الأمثلة على ذلك، وهو من أئمة التشريع في الثورة الفرنسية، وصاحب كتاب "روح القوانين"، إذ يقول في تبرير استرقاق البيض للسود كلامًا لا يمكن صدوره من عقل مفكر، يقول مونتسكيه في بعض عباراته: "لو طلب مني تبرير حقنا المكتسب في استرقاق السود لقلت إن شعوب أوروبا بعد أن أفنت سكان أمريكا الأصليين لم تر بدًا من استرقاق السود في إفريقيا لتسخيرهم في استغلال تلك البقاع الواسعة، ولولا استغلالهم في زراعة هذه الأرض للحصول على السكر لارتفع ثمنه".
وتمضي د. زينب قائلة: يقول مونتسكيه مبررًا جرائم الاستعمار الأوروبي ما يأتي: "أولئك الذين سخروا في هذا العمل ليسوا غير أقوام من السود، فطس الأنوف لا يستحقون شيئًا من رحمة أو رشاد".
ويقول: "إنه لا يتصور مطلقًا أن الله بحكمته السامية قد وضع في تلك الكائنات السود أرواحًا يمكن أن تكون طيبة".
والمثال الثاني ما ورد في الإعلان العالمي عام ( 1948م) عقب الحرب العالمية الثانية، فقد نص على المناداة بحقوق الإنسان، وهي عبارة جميلة في ظاهرها، إلا أنها تهدف إلى أمر آخر، تهدف إلى تمكين الدول العظمى من السيطرة على سائر الدول، فبعد الحرب العالمية الثانية أُلغي الاستعمار، فلم يكن للدول العظمى من طريق للتدخل في شؤون سائر الدول إلا باسم حماية حقوق الإنسان.
يقول معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: فبعد الحرب العالمية الثانية أرادوا وضع نظام عالمي جديد تتمكن به الدول العظمى من السيطرة على سائر الدول، والسيطرة تكون ثقافية تارة، وتكون من جهة قوة النظر والممارسة للحريات تارة، وتكون القوة من جهة التدخل في شؤون البلاد التي يريدون التدخل فيها، فكان من جملة التنظيم العالمي الجديد ما أعلن عام 1948م باسم النداء العالمي لحقوق الإنسان ووضعت وثيقة من هيئة الأمم المتحدة من ثلاثين مادة، ثم جرت عليها تعديلات وإضافات, فهذه الوثيقة هي التي ينادى الآن بها مع ما طرأ عليها من إضافات، وتسمى حقوق الإنسان.
إلى أن قال: ومن ضمن تلك البنود التي وردت: منع أنواع التصرفات، وتقييد حق الدولة في التعامل مع الناس، ومن هنا تدخلت الدول الغربية، والأمم المتحدة في شؤون كثير من الدول، وفرضت عليها أشياء، وربما نشرت إعلانات عن بعض الدول متهمة إياها بأنها لا تطبق تلك الحقوق، وربما كان التدخل أعظم في شؤونها وسؤالها ماذا عندكم من تحقيق هذه الحريات؟ مع ذكر الحالات الفردية.


مميزات حقوق الإنسان في الإسلام

تتميز حقوق الإنسان في الإسلام بميزات عديدة، فهي ربانية، منضبطة، ملزمة، ثابتة، شاملة... وسنبين بعض هذه الميزات عند المقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.


مقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وفي الوثائق الوضعية الدولية

أولاً: من حيث المصدر.
حقوق الإنسان في الوثائق الوضعية مصدرها الإنسان ، الذي هو مركب النقص ، وهو يخطئ أكثر مما يصيب ؛ إن إحاط بجزئيةٍ ، غفل عن أكثرها ، وإنْ أدرك أمراً : قصر عنه آخر ، كما أن الإنسان بطبيعته يغلب عليه الهوى، فيرى الحق ولا يتبعه، يدل على ذلك أن المجتمعات الغربية تسمح بالزنا وتسمح بشرب الخمر وغير ذلك من الأمور التي لا يشك عاقل في أنها مضرة بالمجتمع.
أمَّا في الإسلام :- فمصدر حقوق الإنسان كتاب الله المعجز ، وسنة رسول -  - الذي لا ينطق عن الهوى .
فهي تشريعات ربانية ، لا خلل فيها ، ولا نقص ، ولا تقصير ، ولا ضيق نظر ، فهي متوازنة ، وتراعي مصلحة الفرد -كفرد في مجتمع – وتراعي مصلحة المجتمع .

ثانياً: من حيث الإلزامية.
هذا الفرق يترتب على الفرق الأول:
فالوثائق الوضعية التي وضعها الإنسان ليست إلا مجرد تصريحات، وتوصيات صادرة عن الأمم المتحدة ، لا إجبار وإلزام فيها ، ولا يترتب على الإخلال بها أي جزاء قانوني.
أما في الإسلام فهي أبدية ، ثابتة ، إلزامية ، لا تقبل : الجزئية ، والحذف ، والتبديل. وعلى الفرد : الأخذ بها ؛ راجياً ثواب الله ، خائفاً من عقابه ، ومن تُسوّل له نفسه العبثَ بها، فإن مِن حق السلطة العامة في الإسلام ، إجباره على تنفذيها ، وإيقاع العقوبة الشرعية عليه، في حال إخلاله بها .

ثالثاً: من حيث الأسبقية.
نقول في صدد المقارنة بينهما الآتي: في الوثائق الوضعية أول وثيقة لحقوق الإنسان، كانت ما جاء به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، في القرن الثالث عشر الميلادي ، سنة (1215م ).
أما في الإسلام فبدأت بظهور الإسلام نفسه ، وقد اشتملت على: حقوق ثابته لله ، وحقوق للعباد، كحقوقه المدنية ، والسياسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، إلي غيرها من الحقوق الأخرى .
وما كانت الآيات القرآنية ، وأحاديث الرسول  في حقيقتها إلا مواثيق وقوانين . ويُعَدُّ من أشهر المواثيق في الإسلام لحقوق الإنسان ما جاء على لسان الرسول الكريم  في حجة الوداع ، وخطبته المشهورة في تلك المناسبة العظيمة.

رابعاً: من حيث حماية حقوق الإنسان وضماناتها في الإسلام، وفي الوثائق الدولية.
وتتضح الفروق بينهما في المقارنات التالية :
1- في الوثائق الدولية حقوق الإنسان -البشرية المصدر- وكذلك الحماية الدولية لها لا تعدو كونها توصيات أدبية ، ومحاولات لم تصل إلى حد التنفيذ. وعلى كلٍ فهي تقوم على أمرين :
أ – محاولة الاتفاق على أساس عام ومعترف به بين الدول جميعاً .
ب- محاولة وضع جزاءات ملزمة ، تدين الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان .
وهذه التوصيات في حقيقتها –كما يقال- : حبر على ورق ، يتلاعب بها واضعوها حسبما تملية عليه أهوائهم ، وشهواتهم ، ومصالحهم ، وإن كان فيه الضرر البالغ على الأفراد، بل وعلى الأمم .
أمَّا في الإسلام فالحقوق التي منحها الله للإنسان محمية مضمونة، وذلك لأنها:
أ- مقدسة قد أُلبست الهيبة والاحترام؛ لأنها منزلة من عند الله، وهذا يُشَكِّلُ رادعاً للأفراد والحكام على السواء عن تعديها وتجاوزها.
ب- احترامها نابع من داخل النفس المؤمنة بالله .
جـ – لا يمكن إلغاؤها ، أو نسخها ، أو تعديلها .
د- أنها خالية من الإفراط ، والتفريط.
وزيادة على ذلك وحتى تُحمى حقوق الإنسان وتحفظ شرع الله  إقامة الحدود الشرعية. وإقامة الأنظمة القضائية ، لحماية حقوق الإنسان .

رابعاً: من حيث الشمول.
الإسلام يتميّز عن غيره بالشمولية ، ونذكر هنا بعض حقوق الإنسان التي لم يذكرها مشرعو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وهي كالآتي :
1- حقوق اليتامى : ففي الميثاق العالمي أشار إلى حق رعاية الطفل فقط .
أمَّا الإسلام : فقد تميز بإعطاء عناية خاصة لليتامى ، وحَفِظَ حقوقهم ، وأمر بالإحسان إليهم، بكافة أنواع الإحسان ، بل ورتَّبَ على ذلك الأجر ، والثواب .
قال تعالى-: ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم … [ البقرة : 121] .
وقال تعالى : وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً [النساء : 2].
فرتَّب العقوبة الشديدة على من أكل أموالهم ، قال تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً [النساء 10] .
2- حق ضعاف العقول : كفل لهم الإسلام حق الرعاية والاهتمام ، وأمر بحسن معاملتهم ، كما قال –تعالى-: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم وقولاً معروفاً .[ النساء : 5] .
3- حق الميراث : وهذا الحق قد غفلت وتغافلت عنه الوثائق البشرية ، بينما نظم الإسلام ، وأقرّ هذا الحق ، في أروع صوره ، وأبطل ما كان عليه الناس قبل الإسلام ، من إسقاط حق المرأة في الميراث ؛ قال –تعالى-: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً [النساء : 7] .
وقد أفاض الإسلام في هذا الأمر ، وبيّن مقدار الأنصبة في كثير من الآيات ، كما حثت السنة المطهرة على ذلك في قوله -  - "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر"( )
4- حق الدفاع عن النفس : أيضاً هذا الحق من الحقوق التي لم يذكرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، بينما وردت العديد من الآيات والأحاديث ، التي تقرّ هذا الحق وتنظمه كما في قوله –تعالى- : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين [البقرة :194] .
بل أمر الله -سبحانه وتعالى- بالجهاد ، وبالإعداد له ، فقال : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمُهُم... [الأنفال : 60] .
5- حق العفو : الإسلام دين رحمة ، وتسامح ، وعفو ، وإحسان ، من غير استسلام ، أو ذل ، أو تمكين للأشرار ، وهذا ما لم يهتم به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . فمن الآيات التي تقرّر هذا الحق ، قوله -تعالى- : ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم [فصلت : 34] . وقوله : وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم  [التغابن : 14] .










التوقيع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس :: قسم العلوم الانسانية والاجتماعية :: || منتدى الحقوق~-

 
©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع