[right]ذكره القرآن المجيد مع الإيمان بالله بقوله تعالى (آمنوا بالله واليوم الأخر ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه،فالذين أمنوا وأنفقوا لهم أجر كبير)سورة الحديد الآية (7)ولم يترك أمر الأنفاق إلى الناس بل حدد ذلك في شريعته،فأوجب زكاة المال بنسبة معلومة في كل موارد الكسب من المعادن والزروع والثمار والسوائم من الإبل والغنم والبقر بالشكل الذي فصلته الشريعة السمحاء .وقرر الإسلام كذلك زكاة الفطر على كل مسلم قادر وكذلك نظام الوقف والإرث والوصية وسائر الصدقات التي تتجه في مجموعها إلى إنقاذ الفقراء والمعوزين وتمكينهم من الحياة الحرة الكريمة .ثم أن الخالق العظيم قسّم أموال الزكاة بنفسه تأكيدا منه على خطورتها وأهميتها في إعانة الطبقات الضعيفة في المجتمع قال سبحانه وتعالى(إنما الصدقات للفقراء, والمساكين, والعاملين عليها،والمؤلفة قلوبهم،وفي الرقاب
والغارمون, وفي سبيل الله, وأبن السبيل, فريضة من الله, والله عليم حكيم)سورة التوبة الآية (60)
وأوجب الإسلام كفالة الأيتام والأرامل ورعايتهما.أن كفالة مستلزمات عيش الإنسان في الشريعة الإسلامية من مأكل وملبس ومسكن, تأتي في المقدمة من أهداف التكافل الاجتماعي وتدخل من باب الضروريات التي لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا وهي مسؤولية تقع على عاتق الأمة أفرادا وسلطات في تقديم المعونة لمن يستحقها من المواطنين .
أما القوانين الوضعية،فأنها أيضا أكدت على ضرورة التكافل الاجتماعي المادي وتأمين ضرورات حياة الإنسان فمثلا المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على حق الشخص(في مستوى معيشي كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته ويتضمن ذلك حق التغذية والملبس والمسكن .. وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من أسباب فقدان وسائل العيش نتيجة ظروف خارجة عن أرادته).
الدستور العراقي المؤقت من جهته نص في المادة (32) فقرة د (تكفل الدولة توفير أوسع الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة في حالات المرض أو العجز أو البطالة أو الشيخوخة)وفعلا سن المشرع العراقي استنادا للدستور قوانين كثيرة لتحقيق التكافل الاجتماعي منها قانون رعاية القاصرين وقانون الرعاية الاجتماعية بهدف توفير الضمان الاجتماعي للمواطنين خلال حياتهم ولأسرهم في حال وفاتهم وأنشأت مؤسسات خدمية كثيرة لتقديم الخدمات الطبية والسكن لهولاء المواطنين ودور للأرامل والأيتام وكبار السن وشديدي العوق ودور لمعوقي الحرب صممت خصيصا للايوائهم ومستشفيات خاصة لهم تقدم خدماتها مجانا لهم .أما الدستور الحالي فأشار في المادة (30) بفقرتيها أولا وثانيا (أن الدولة تكفل للفرد والأسرة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال المرض أ والشيخوخة أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة وتعمل على وقايتهم من الجهل والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم وينظم ذلك بقانون)لكن حكومات الاحتلال المتعاقبة لم تصدر أي قانون يؤكد على الضمان الاجتماعي ولم تقم بأي أجراء للتخفيف عن المواطنين المحتاجين وعجزت عن توفير أبسط الخدمات للمواطنين.
التكافل المعنوي:- وبقصد به أن يشعر كل فرد نحو الآخرين بشعور الحب والعطف والتعاون في شؤون الحياة كافة سرائها وضرائها تدفع أليه العواطف النبيلة والعناصر الخيرة المستندة إلى الإيمان وهو قمة ما يسعى الإنسان لتحقيقه في هذه الحياة.فالإسلام يرمي بطبيعته إلى أيجاد ترابط قوي بين المسلمين قائم على أسس مادية ومعنوية قال تعالى في محكم كتابه (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)سورة التوبة الآية (71) أهم ما يراه الإسلام للمجتمع الفاضل هو أن يقوم كل فرد فيه بدوره في سبيل تحقيق ذلك عن طريق النصح والإرشاد والتوجيه وهو كما عبر عنه القرآن الكريم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. دعا الإسلام كذلك للتكافل بين الفرد والمجتمع فأوجب إن يكون الفرد في المجتمع المسلم جزء من كل فهو مسئول عن المجتمع كما المجتمع مسئول عنه فلا تطغى مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة ولا تذوب مصلحة الفرد في مصلحة الجماعة والمقصود به هو البر والتقوى وكل وجوه الخير،إن قيام الإفراد بمسؤولياتهم ينجيهم وينجي مجتمعاتهم من الهلاك والعقاب الجماعي الذي يصيب المجتمع جراء تهاونهم في حق الله أو حقوق الإفراد . القوانين الوضعية كذلك أشارت إلى التكافل الاجتماعي بنوعيه المادي والمعنوي وأثره في بناء المجتمع وتحقيق التضامن بين أفراده وأشار الدستور العراقي المؤقت لسنة 1970 في المادة (10) منه إلى (التضامن الاجتماعي هو الأساس الأول للمجتمع) ومضمونها إن يؤدي كل مواطن واجبه تجاه المجتمع في مقابل أن يكفل المجتمع له كامل حقوقه وحرياته، ولم نجد في دستور حكومة الاحتلال نظيرا لهذه المادة أو ما يشير إلى دور المواطنين في مجتمعهم .
الوسائل العلاجية الشرعية و القانونية لحماية حق الإنسان في الحياة:-أكد فقهاء الشريعة الإسلامية على إن حفظ حياة الإنسان تأتي في مقدمة المصالح الضرورية التي جاءت الشريعة الإسلامية لحفظها من جانبين :- الأول حفظها من جانب الوجود عن طريق تامين مستلزمات استمرارها من مأكل وملبس والجانب الثاني من خلال حفظها من العدم عن طريق تشريع العقوبة .أن حماية الشريعة الإسلامية لحياة الإنسان تبدأ من مراحل تكوينه الأولى وهو نطفة في رحم أمه بتحريمه الإجهاض وتستمر معه بعد انفصاله عن أمه وخلال مراحل حياته جميعها طفلا كان أم صبيا .شاب كان أم شيخا،صحيحا أم سقيما،فإنها لاتسمح أبدا لآي كان أن يسلبه حقه في الحياة كما هو الحال في جريمة القتل،وبلغ حرص الشريعة الإسلامية على حياة الإنسان حد حماتها من صاحبها من الإنسان ذاته وحرمت الانتحار ويمكن إن ندرس هذه المواضيع الثلاث بإمعان أكثر وبيان رأي الشريعة والقانون وهي(تحريم الإجهاض), و(تحريم القتل)، و(تحريم الانتحار) .
تحريم الإجهاض:- لقد عني الإسلام بحياة الإنسان وحمايتها منذ بداية تكوينه جنينا في رحم أمه ولم ير نور الحياة بعد بتحريم إسقاطه وهذا ما يتعارف عليه(بالإجهاض)الذي معناه التخلص من الجنين قبل المدة الطبيعية للولادة والتي تحدد بمائه وثمانين يوم على الأقل بعد الحمل وهي اعتداء موجه ضد شروط تكوينه (1). وهو تعريف أتفق على مضمونه فقهاء الشريعة والقانون الوضعي والأطباء الشرعيين وهو إن الإجهاض إخراج الجنين من بطن أمه قبل استكمال مدة الحمل الطبيعية وهو متفقون كذلك على أن عملية الإجهاض أنما تتم بتأثير عوامل خارجية تقطع مدة الحمل بغية أخراج الجنين سواء تم ذلك عمدا أم خطأ .الشريعة الإسلامية حرّمت الإجهاض تحريما مطلقا ولم تفرق بين إن تتم العملية برضا إلام أو بدون رضاها،وسواء أجهضت نفسها أم مكنت غيرها من ذلك،المرأة الحامل في نظر الإسلام مؤتمنة على الجنين في بطنها فلا يجوز لها التفريط فيما اؤتمنت عليه، وإنما الواجب الديني والأخلاقي يوجب عليها المحافظة عليه إلى الزمن الذي حددته مشيئة الله سبحانه وتعالى لانفصاله عنها بالولادة وتصبح له حياة مستقلة أنعم الله عليها بالحياة لها حرمتها وكرامتها الإنسانية . وهذا أيضا ما قرره المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 في المادة 417 عاقب المرأة التي تجهض نفسها عمدا بأي وسيلة كانت وأمكنت غيرها من ذلك برضاها بعقوبة الحبس والغرامة هي ومن ساعدها عمدا وبرضاها,إما من أجهض امرأة حامل عمدا بدون رضاها فعاقبة المشرع في المادة 418 من نفس القانون بالسجن مدة عشر سنوات .ولكن هناك حالات أجازت فيها الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي الإجهاض, متى شكل بقاء الجنين في
بطن إلام خطرا على حياتها يهددها بالموت أو العاهة لعدم وجود قصد جنائي للإجهاض.
تحريم القتل:-حرّم الإسلام القتل وعاقب عليه وجعل الاعتداء عليه وإزهاق روحه بمثابة العدوان على الله سبحانه وتعالى خالق الإنسان ومانحه الحياة بأنفاسه الربانية وعده تحديا سافرا لإرادة الله ومشيئته .أن القرآن الكريم عد إزهاق روح الإنسان اعتداء على الإنسانية كلها، وعد حفظها من الهلاك نعمة على الإنسانية كلها وإحياء لها قال تعالى في محكم كتابه (من قتل نفسا بغير نفس أو فسادا في الأرض كأنما قتل الناس جميعا,ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)سورة المائدة الآية(32)
وتوعد الله سبحانه وتعالى من يزهق روح إنسان بأشد أنواع العقوبات في الآخرة إلى جانب الخلود في النار بقوله سبحانه وتعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد
1-شرح قانون العقوبات العراقي وتعديلاته دكتور عباس الحسني،مطبعة العاني 1974
له عذابا عظيما))سورة النساء الآية (93) وأوجب الله سبحانه وتعالى أنزال أشد العقوبات الدنيوية به،حتى يتآزر المجتمع المسلم في دفع جريمة القتل وزجر الناس عنها وازع الدين ووازع السلطان،إن فكرة الردع بالعقوبة في جرائم القتل تستند في الإسلام إلى فكرة القصاص العادل .
الجماعات البشرية واجهت جريمة القتل بصلابة وفرضت من أجلها القصاص بطرق مختلفة وتكمن أهميته في شفاء صدور أولياء الدم من ذوي المقتول الذين يندفعون فطريا للانتقام من الجاني لفورة الغضب التي تتمكن منهم بسبب قتل أقاربهم وهذه طبيعة البشر،فكل دافع نفسي يدعو للجريمة،يواجه من عقوبة القصاص دافعا نفسيا مضادا يصرفه عن الجريمة (1).والإسلام مثلما قرر المساواة لجميع الناس في القيمة الإنسانية قرر هذا المبدأ في العقوبة فأوجبه بحق الجاني سواء كان المجني عليه شريفا أو من عامة الناس،مسلما أم ذميا،غنيا أم فقيرا .ذكرا أم أنثى ولم يجعل لدم واحد من الناس فضلا على دم آخر, فلا يذهب دم في الإسلام هدرا مادام دمهم معصوما بالإسلام والأمان (2).ثم إن الإسلام منع أنزال عقوبة القصاص إلا بحق الجاني ولا تتعداه إلى غيره وقال تعالى (ولاتزر وازرة وزر أخرى)سورة الإنعام الآية 164
من هنا يتبين لنا أهمية القصاص في حفظ حياة البشر وحمايتها واستتباب الأمن في المجتمع. ومن الجدير بالذكر في هذا المقام إن الإسلام لم يجعل عقوبة القصاص مبدأ واجب التحقيق في جميع الظروف وإنما جعله اختياريا, فمثلما جعل استيفاء القصاص حقا لأولياء المجني عليه, فأنه جعلهم يملكون العفو عن الجاني لقوله تعالى (فمن عفي له من أخيه شيء فأتباع بالمعروف وأداء بإحسان)3
فيصار حينئذ إلى الدية يدفعها الجاني لأولياء المجني عليه ومن حقهم إن يتنازلوا عن الدية.ذلك لان الغاية من القصاص في الإسلام ليس الانتقام من الجاني وإنما هي ضبط هذه العقوبة عندما يتمسك بها أولياء المجني عليه ويصرون عليها لئلا تتجاوز حدود المماثلة التي هي شرط أساس لتحقيق المساواة التامة بين الجريمة والعقوبة فإذا ما تخلى هولاء عن حقهم في القصاص تسقط العقوبة (4)هذا ما قررته الشريعة الإسلامية بشان من يعتدي على حياة غيره ويسلبها دون وجه حق .أما ماتضمنته القوانين الوضعية نجدها لا تعاقب القاتل بالقصاص الإعدام ألا أذا أقترن القتل بظروف مشددة وفي مقدمتها سبق الإصرار والترصد وهذا ما نصت المادة 406 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وإلا فعقوبة الجاني هي السجن المؤبد وإن كان أرتكب جريمة القتل عمدا.وبين شراح القانون أن العلة في تشديد جريمة القتل العمد المسبوق بالإصرار والترصد،هو كون الجاني قد أصر على جريمته وصمم تنفيذها بعد تفكير وهدوء نفسي وتقليب لوجوه الرأي بالإضافة إلى ترصده للمجني عليه ومراقبته له مما يدلل على نية إجرامية خطيرة لدى الجاني تهدد المجتمع ينبغي أن تكافح بتشديد العقاب،بعكس المجرم الذي يرتكب جريمته بدافع ثورة الغضب الآني أو نتيجة لاستفزاز الجاني من قبل المجني عليه فلا يشكل خطورة على المجتمع وأمنه .هذا بالإضافة إلى إن الدول الحديثة أخذت على عاتقها معاقبة الجاني نيابة عن أولياء المجني عليه بوساطة الهيئات القضائية والتنفيذية، ولم تجعل لأولياء المجني عليه حق العفو عن الجاني وإنما ذلك من حقها،أما دور ذوي المجني عليه ينحصر في رفع الدعوى أمام الجهة المختصة كما إن الغرامة حولت إلى خزينة الدولة وليس إلى ذوي المجني عليه،وبذلك حولت العقوبة في القتل من حق خاص إلى حق عام.
1-التشريع الجنائي الإسلامي،عبد القادر عودة
2-التشريع الجنائي الإسلامي المصدر السابق
3-سورة البقرة الآية 178
4-مباحث في التشريع الإسلامي،دكتور محمد فاروق النبهان
ولابد إن نشير إلى إن جرائم القتل مثلما تحدث بفعل ايجابي بإزهاق روح إنسان سواء بآلة قاتلة أو باليد تتحقق أيضا بفعل سلبي بطريق الامتناع عن فعل لإنقاذ حياة المجني عليه وهذا ما يسمى (بجرائم الامتناع)،أو أن الجاني ينهي حياة المجني عليه إشفاقا عليه وهذا ما يســمى (القتل بدافع الشفقة) أو(القتل الرحيم)
القتل بالامتناع:-مثلما ترتكب جريمة القتل بإزهاق روح إنسان فإنها ترتكب أيضا بالترك أو الامتناع عن إتيان فعل من شأنه إنقاذ حياة هذا الإنسان في حالة كونه مشرفا على الهلاك لأي سبب كان.لذا فأن الشريعة الإسلامية انطلاقا من حرصها الشديد على حماية حق الإنسان بالحياة, اعتبرت الترك أو الامتناع يصلح لأن يكون سببا للجريمة, فإذا ما وقعت على هذا الوجه أستحق فاعلها العقوبة،مثلا امتناع إلام عن أرضاع طفلها بقصد قتله،مثل مسافر منع فضل مائه عن آخر فتسبب بهلاكه عطشا . والممتنع عن تقديم يد العون لإنسان مشرف على الهلاك يحاسب عن جريمة امتناعه, حيث يجب عليه شرعا وعرفا أن لا يمتنع عن ذلك هذا ما وخلص أليه فقهاء الشريعة الإسلامية.أما المشرع العراقي على الرغم من كونه سلك منهج الشريعة الإسلامية إلا انه عد الامتناع عن الإغاثة جريمة اجتماعية عاقب عليها بالحبس أو الغرامة أو كليهما بمقتضى أحكام المادة 370 من قانون العقوبات .
القتل بدافع الشفقة:- هذا النوع من القتل استئثار بالاهتمام الدولي في السنين الأخيرة من قبل رجال القضاء والقانون, وهو ارتكاب الجاني جريمته بدافع الشفقة على المجني عليه, كان يكون مريضا يعاني من الآلام شديدة وأكد الأطباء نتيجة التحاليل والمعاينة السريرية بأن هذا المريض لايرجى شفاؤه مما يدفع الطبيب أو الممرض إلى إعطائه كمية كبيرة من العلاج أو غير ذلك مثل رفع أجهزة التنفس وكل ما من شانه إن يؤدي إلى هلاكه إشفاقا عليه، وقد يكون هذا الأمر بموافقة المريض أو ذويه.ويطلق على هذا الموت الكثير من الأسماء الموت الرحيم،الموت الهادئ،الموت الطيب .فقهاء الشريعة الإسلامية الأوائل لم يقولوا بإباحة القتل مهما كان الدافع لعدم اعتدادهم برضا المجني عليه في جرائم القتل مطلقا .أما فقهاء الشريعة الإسلامية المحدثون فأنهم صرحوا أن القتل بدافع الشفقة يعد قتلا عمدا وان كان القاتل طبيبا قصد إن يخلص القتيل من الآلام مرضه الذي لايرجى شفاؤه (1)لان حياة الإنسان نعمة وهبها الله للبشر وهي دليل قدرته وعظيم صنعه سبحانه وتعالى ويعتبر إزهاق روح إنسان اعتداء على أرادة الله وتعسفا من قبل البشر .وكذلك أمرنا الله بالتعاون على البر والتقوى وكل ما في صالح البشر ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان ويقول سبحانه وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)سورة المائدة الآية 2 ولما كان إزهاق روح إنسان ولو برضاه أو بفعله هو شخصيا يعد إثما وعدوانا منهيا عنه بصريح النص القرآني فلا يجوز للجاني أن يعين المريض الميئوس من حالته على الموت،وإنما الواجب الديني إن ينصحه ويجعله يعدل عن رأيه الآثم لا أن يعينه عليه . وقد نهى الرسول الكريم عن مجرد تمني الموت لأي سبب كان حينما قال عليه الصلاة والسلام (لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فأن كان فاعلا فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني متى كانت الوفاة خيرا لي)صدق رسول الله،أن وظيفة الأطباء منذ خلق البشرية هي لمساعدة الناس على الحياة وتخفيف ألآلامهم وشفاء إمراضهم وليس سلبهم حياتهم هذا ما أقره الأطباء منذ أقدم العصور لذا رفضوا بشدة كثير من الأطباء الدعوات التي تهدف إلى إزهاق أرواح المشوهين والممسوخين والمرضى الذين لايرجى شفاؤهم لان كل مذهب طبي أو اجتماعي لا يحترم الحياة ينتهي به المطاف إلى انتهاك قوانين المجتمع وارتكاب الجرائم فواجب الطبيب هو احترام الحياة الإنسانية وهو مبدأ لا يقبل الاستثناء .
1-التشريع الجنائي الإسلامي،دكتور عبد القادر عودة،الكويت
إن المسائل التي تتعلق بحياة الإنسان يجب إن لا يتم التساهل فيها مطلقا لان الله سبحانه وتعالى يمكن أن يلطف بالمريض ويشفيه.
وتعتبر لهذه الأسباب جريمة القتل بدافع الشفقة قتلا عمدا توافرت فيها جميع أركان جريمة القتل من وجود فعل القتل ووقوع القتل على إنسان حي ونية الجاني في إزهاق روح المجني عليه وباستيفائها لجميع شروط جريمة القتل يعتبر القتل بدافع الشفقة جريمة قتل عمدي يستحق مرتكبها القصاص.
المشرع العراقي سكت عن إيراد نص قانوني عن مرتكب جريمة القتل بدافع الشفقة ولكن عموما يذهب فقهاء القانون إلى إخضاع هذه الجريمة للقواعد العامة لجريمة القتل العمد،لأن الباعث عليها المتمثل بالشفقة على المجني عليه لا يؤثر على المسئولية الجنائية وليس له تأثير في قيام الجريمة أو تقرير العقاب عليها .لكن بعض التشريعات العربية كما في لبنان وسوريا عدت القتل بدافع الشفقة عذرا مخففا في العقوبة.
تحريم الانتحار:-حرّم الإسلام على الإنسان إن يعتدي على حياته ويقتل نفسه كما حرّم عليه إن يقتل غيره من الناس ويزهق روحه مهما كانت الأسباب والدوافع لقوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا)(1)
ونهى الرسول عليه السلام أن قتل النفس في أحاديث كثيرة ومن يفعل ذلك مصيره النار يوم القيامة قال عليه الصلاة والسلام ((الذي يخنق نفسه يخنقها في النار, والذي يطعنها يطعنها يوم القيامة))صدق رسول الله.
إن عملية الانتحار مرفوضة من الناحية العقلية والمنطقية وتعتبر من أشنع أنواع القتول،ذلك لان الأصل في الإنسان نزوعه الفطري لحفظ نفسه وحمايتها والانتحار بهذا يتنافى مع الفطرة الإنسانية السليمة في حب البقاء .لأنه لما كان دافع الجاني في قتل غيره الحصول على مصلحة مادية أو معنوية ينشدها وراء جريمته تحقيقا لنزعة الاستعلاء والبقاء،وأن كان بطريق غير مشروع،فأن أقدام الإنسان على قتل نفسه يكون الدافع أليه ونتيجته موته هو بالذات دون تحقيق أي مكسب وهذا ما لا يقره عقل ولا منطق ولا فطرة سليمة .(2)
أن الإسلام يعد الحياة واجبا على الإنسان أكثر من كونها حقا له فهي من حقوق الله على الإنسان إن يحافظ عليها.و نهى الإسلام كما ذكرنا سابقا عن مجرد تمني الموت وان لم يقترن بفعل مادي.
ألانتحار باعتباره واقعة قتل مادية قد يكون عمدا وقد يكون خطأ وكلاهما محرم في الإسلام ويبقى الإثم في ذمة المنتحر يحاسب عليه يوم القيامة. العقوبة على المنتحر لكونه مات وسقطت العقوبة ولا على شروعه بالانتحار في القانون العراقي الأ انه عاقب من يحرض المنتحر ويساعده بأية وسيلة على الانتحار وعاقبه بالسجن وشدد العقوبة أذا كان المنتحر لم يتم الثامنة عشرة أو كان ناقص الأهلية والإدراك ويعاقب بعقوبة القتل العمد عمدا أو الشروع فيه لأنه من السهل التأثير على هولاء ودفعهم إلى الانتحار.
1-سورة البقرة الآية 179
2-الإسلام عقيدة وشريعة،محمود شلتوت
مبحث خاص: عقوبة الإعدام أهدار لحق الإنسان في الحياة
تشكل عقوبة الإعدام ذروة العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة وتنتهك الحق في الحياة.وهي عقوبة لا يمكن الرجوع عنها حال تنفيذها ويمكن أن تُنزل بالأبرياء. ولم يتبين قط أنها تشكل رادعاً ضد الجرائم أكثر فعالية من العقوبات الأخرى. تعتقد عدة حكومات أن الإعدام ضروري في المجتمعات الموبوءة بالجريمة، حيث إن هذه العقوبة الصارمة تردع الآخرين عن ارتكاب جرائم مماثلة. ولكن جميع الأدلة أظهرت أن فاعلية الإعدام كرادع لارتكاب الجريمة لا تفوق فاعلية العقوبات الأخرى. فالذين يقترفون الجرائم الأكثر خطورة لا يفكرون في نتائج عملهم، وإنما يكونون غالباً خاضعين لضغوط كبيرة أو لألم شديد، أو واقعين تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو لحظات الرعب الكبير، أي في الحالات التي لا يوجد فيها أثرٌ للردع. من غير الممكن أن تصبح عقوبة الإعدام مقبولة في يوم من الأيام، وكل عملية إعدام تنطوي على أقصى انتهاك للحق في الحياة. وتفاقم من غلواء هذا الانتهاك أن تكون الأحكام قد صدرت إثر إجراءات قضائية جائرة.
إن التمييز والمحاكمات الجائرة والأخطاء القضائية وإعدام المدانين الأطفال ومن يعانون من إعاقات عقلية ترقى جميعاً إلى مرتبة خذلان العدالة؛ كما توفر الأسباب الموجبة لإلغاء عقوبة الإعدام.لقد أثبتت الدراسات خطأ فرضية الردع؛ إذ أظهرت أن معدلات الجريمة في الدول التي ألغت عقوبة الإعدام ليست أعلى منها في الدول التي ما زالت تطبق هذه العقوبة، وأنه لا توجد أية علاقة ذات بال بين تطبيق الإعدام وعدد الجرائم في بلد ما، وإنما تتعلق معدلات الجريمة بمستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي وصل إليه البلد. وجميع الدول التي ألغت الإعدام لم تعانِ من نتائج خطيرة نتيجة هذا الإلغاء.
عقوبة الإعدام من المنظور الإسلامي:- الإسلام دائماً يسعى لدرء جميع أنواع العقوبات التي هي أدنى بكثير من عقوبة القتل (الإعدام)، من خلال الشروط المشددة التي منع إنزال أي عقوبة مهما دنت، تحقيقاً للعدالة الإلهية، النسبية في الدنيا والمطلقة في الآخرة.
و حديث النبي صلى الله عليه وسلم واضح الدلالة "ادرءوا الحدود بالشبهات"، والشبهة هنا تعني أن أية جناية ينزل مستوى التأكد منها عن اليقين القاطع، يجب أن يسعى لدرء العقوبة وعدم تطبيقها. وهنا دخول عامل الشك أو الشبهة يوقف إنزال العقوبة المحددة تجاه الموضوع أو الجناية، والنزول إلى عقوبات أخرى أدنا منها تحقيقاً للعدالة، وهذا ما يقدره القضاء العادل.
أن الله سبحانه وتعالى بين لنا مقاصد شريعته وهي خمسة أولها حفظ الدين الذي أنزله سبحانه وتعالى وبعد ذلك مباشرة حفظ النفس والحيلولة دائماً دون إزهاق روح الإنسان الذي خلقة الله وكرمه. ما تتميز به الأديان، بما في ذلك الإسلام ونصوصها المرجعية من حيوية وما توفره من إمكانية لقراءات أكثر إنسانية تختلف عن القراءات التقليدية الضيقة وتسمح بنظرة مغايرة للعديد من الجوانب التشريعية، وهو ما يشكل أداة مهمة في إعادة الاعتبار للذات البشرية وتثبيت حق الإنسان في الحياة.
الإعدام والتمييز:- إن عقوبة الإعدام طريقة غير عادلة لتحقيق العدالة؛ إذ ينطوي تطبيق هذه العقوبة على الظلم. فهناك اعتبارات مختلفة تلعب دوراً هاماً عند تحديد ما إذا كان القاتل يستحق الموت أولا يستحقه، كالغنى، والجاه، والعرق، ولون الجلد، والجنس، والسياسة،والدين. فزنزانات المحكوم عليهم بالإعدام تكتظ بالسجناء المحرومين والفقراء والأقليات الإثنية والسود وكل الذين يكونون أقل قدرة على الدفاع عن أنفسهم أمام المحاكم. وقد تطبَّق عقوبة الإعدام بصورة تعسفية نتيجة عوامل اعتباطية، ككفاءة المحامين، أو المساومات المتعلقة بالاعتراف بارتكاب جريمة أقل خطورة، أو منح العفو العام احتفالاً بأعياد ميلاد الحكام! وبذلك يتم التلاعب بالحياة والموت كعملية مقامرة. كما تقترن عقوبة الإعدام باحتمال قتل أبرياء، وذلك إما بسبب استخدام هذه العقوبة كأداة سياسية لإسكات معارضي الحكومات، وإما بسبب أخطاء قضائية. ونستطيع أن نجد أمثلة على التمييز في كل دول العالم التي ما زالت تشرِّع الإعدام:
- ففي الولايات المتحدة يشكل السود الذين يمثلون 12% من الشعب الأمريكي 42% من المحكوم عليهم بالإعدام. ورغم أن عدد ضحايا القتل من السود والبيض يكاد يكون متساوياً فإن نسبة 82% ممَّن جرى إعدامهم منذ 1977 كانوا قد أدينوا بتهمة قتل شخص أبيض.
- وفي الدول العربية تتعلق العقوبة بجنس المجرم. فعلى عكس ما يجري للمرأة، لا يستحق عقوبةَ الموت الرجلُ الذي يقتل أمَّه أو أخته أو ابنته أو زوجه بسبب العِرْض، بل تُخفَّف عقوبته.
- ورغم أن الحكومة الإسرائيلية تفتخر بأن إسرائيل هو الدولة الوحيدة في الشرق الأدنى التي لم تشرِّع الإعدام، فإن ذلك يسري فقط على اليهود؛ حيث إنها تطبق الإعدام على الفلسطينيين مع سبق الإصرار والترصد. فقد اغتال الجنود الإسرائيليون خلال 16 شهر من الانتفاضة حوالي مئة كادر من كوادرها، كما أعدموا ميدانياً عشرات المواطنين الفلسطينيين مع التمثيل بجثثهم وسرقة أعضائهم. وهناك خلل جوهري في عقوبة الإعدام، وهو عدم إمكانية العودة عنها إذا نُفِّذَت – وهناك دائماً إمكانية حدوث أخطاء واستحالة في العودة عن هذا الخطأ. وفي كل عام تُكتشَف حالات لسوء تطبيق أحكام العدالة، ولكن بعد فوات أوان إنقاذ حياة المحكوم عليه بالإعدام.
استخدام عقوبة الإعدام ضد المذنبين الأطفال:-
تنص المادة 37(أ) من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل على ما يلي:
((لا تفرض عقوبة الإعدام ...بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة سنة))
تحظر المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان إصدار أحكام بالإعدام أو تنفيذها ضد أي شخص يقل عمره عن 18 عاماً وقت ارتكاب الجريمة. وترد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية حقوق الطفل والميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهه والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ترد فيها جميعها نصوص بهذا المعنى . وقد صادقت جميع الدول، باستثناء دولة واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية، على واحدة على الأقل من هذه المعاهدات من دون تسجيل أية تحفظات على الحظر. وبقيامها بذلك، فقد ألزمت هذه الدول نفسها بمقتضى القانون الدولي باحترام هذا الحظر. ولازالت أكثر من 110 دول ما زالت تنص قوانينها على عقوبة الإعدام بالنسبة لبعض الجرائم على الأقل قوانين تستثني تحديداً إعدام المذنبين الأطفال أو قد يُفترض أنها تستبعد عمليات الإعدام هذه عبر كونها طرفاً في إحدى المعاهدات المذكورة أعلاه. لكن عدد قليل من الدول يواصل إعدام المذنبين الأطفال.ومن المعروف أن ثماني دول أعدمت منذ العام 1990 سجناء كانوا دون سن 18 عاماً وقت ارتكاب الجريمة – الصين والكونغو (جمهورية الكونغو الديمقراطية) وإيران ونيجيريا وباكستان والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية واليمن. وقد رفعت الصين وباكستان واليمن السن الدنيا إلى 18 عاماً، وبحسب ما ورد فإن إيران هي في صدد القيام بذلك. وأعدمت الولايات المتحدة الأمريكية عدداً من المذنبين الأطفال يفوق ما أعدمته أية دولة أخرى. (19بين العامين 1990 و2003).وسجلت منظمة العفو الدولية 4 عمليات إعداما لأطفال مذنبين في العام 2004 – واحد في الصين وثلاثة في إيران. وأُعدم مذنب طفل آخر في إيران في يناير/كانون الثاني 2005. ينبثق الإجماع الدولي الساحق على ضرورة عدم تطبيق عقوبة الإعدام على المدانين الأحداث عن الاعتراف بأنه ليس بمقدور الأشخاص اليافعين، بسبب من عدم نضجهم، أن يدركوا تماماً النتائج المترتبة على أفعالهم، ولذا فإنه ينبغي أن ينتفعوا من إصدار أحكام أقل قسوة بحقهم من الأحكام الصادرة بحق الراشدين. والأهم من ذلك، فإن هذا الإجماع يعكس الاعتقاد الجازم بأن الأشخاص اليافعين أكثر عرضة للتغيير، وبذا فإن لديهم قابلية أكبر لأن يُعاد تأهيلهم بالمقارنة مع الأشخاص البالغين. لذا ندعو من أجل ما يلي:
- الإنهاء الفوري لجميع عمليات إعدام المذنبين الأطفال؛
- تخفيف جميع أحكام الإعدام التي صدرت بحق مدانين أطفال؛
- ضمان جميع الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام حظر استخدامها ضد المدانين الأطفال بحكم القانون؛
- اتخاذ مثل هذه الدول تدابير لضمان أن لا تُصدر محاكمها أحكاماً بالإعدام ضد مدانين أطفال، بما في ذلك، وعند الضرورة، تفحُّص شهادات ميلادهم. وحيث لا وجود لأنظمة لإصدار شهادات الميلاد، ينبغي إدخال مثل هذه الأنظمة حيز التطبيق تمشياً مع متطلبات المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل؛
عقوبة الإعدام في العراق:- وفي ظل الاحتلال اصدر المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة الأمر المرقم 7 في 9/ 6/ 2003 علق بموجبه عقوبة الإعدام في كل حالة تكون فيها تلك العقوبة هي العقوبة الوحيدة المنصوص عليها لمعاقبة مرتكب الجناية وأجاز للمحكمة إن تستعيض عنها بمعاقبة المتهم بالسجن مدى الحياة أو بفرض عقوبة أخرى عليه اقل منها وفقاً لما ينص عليه قانون العقوبات. فعلق الأمر عقوبة الإعدام واستحدث عقوبة جديدة لم تكن معروفة في التشريع العراقي هي السجن مدى الحياة التي تعني بقاء المحكوم عليه في السجن لحين وفاته أو هي تختلف في ذلك عن عقوبة السجن المؤبد التي تعني بقاء المحكوم عليه في السجن لمدة عشرين سنة فقط. وقد قيل بان السبب الذي دعا سلطة الائتلاف إلى تعليق عقوبة الإعدام بمعاهدات دولية تلزمهم بعدم الدخول في إي عمل من شأنه فرض عقوبة الإعدام، باعتبار إن الأوربيين يتمسكون بان فرض عقوبة الإعدام في القوانين مما يخالف حقوق الإنسان لسلبه حق الإنسان في الحياة.ولكن الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة إبراهيم الجعفري التي نقلت سلطة الائتلاف المؤقتة السلطة إليها في يونيو/حزيران 2004، أعادت العمل بعقوبة الإعدام مرة أخرى.
أفاد تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية(رقم الوثيقة2007/020/14MDE 20 أبريل 2007
بأن السلطات العراقية تفرض عقوبة الإعدام على نحو متزايد، بما في ذلك بعد " اعترافات" متلفزة قبل المحاكمة ومزاعم تعذيب لم يتم التحقيق فيها وإثر محاكمات جائرة. مع إعدام ما لا يقل عن 65 شخصاً في العام الماضي، أصبح العراق الآن يحتل المرتبة الرابعة في العالم من حيث عدد حالات الإعدام بعد الصين وإيران وباكستان.
ومنذ إعادة العمل بعقوبة الإعدام في أواسط العام 2004، حُكم بالإعدام على أكثر من 270 شخصاً، وأُعدم ما لا يقل عن مئة شخص. وقد تناقص عدد حالات بث "الاعترافات" المتلفزة في أواخر العام 2005، ولكن العديد من الأشخاص الذين ظهروا على شاشات التلفزة حُكم عليهم بالإعدام أو أُعدموا فيما بعد.وقال مالكوم سمارت، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إن الزيادة المثيرة في استخدام هذه العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة تمثل منـزلقاً خطيراً في أخطاء الماضي الوحشية، ولا سيما عندما تُنفذ عمليات الإعدام بعد محاكمات جائرة و "اعترافات" متلفزة ومزاعم تعذيب لم يتم التحقيق فيها. وعلى الرغم من التبريرات الرسمية لاستخدام عقوبة الإعدام كرادع للجريمة، فإن تصاعد العنف في شوارع العراق يشير إلى أن إعادة العمل بهذه العقوبة ربما تكون قد أسهمت في إثارة النـزعة الوحشية في المجتمع العراقي."إن تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان: لا عدل فيها ولا إنصاف: عقوبة الإعدام في العراق، يستند إلى فحص المنظمة لمئات الأحكام التي صدرت عن المحكمة الجنائية المركزية في العراق، فضلاً عن شهادات أُسر المدانين ومحامييهم. كما يتضمن التقرير تحليلاً مفصلاً للقوانين العراقية التي تقوض الحق في المحكمة العادلة.
ومن النتائج الرئيسية التي يخلص إليها التقرير:
- عدم كفاية التحقيقات في مزاعم التعذيب، أو عدم إجرائها أصلاً، على الرغم من كثرة الاعتماد على "الاعترافات" التي يدلي بها المتهمون أثناء احتجازهم، للوصول إلى إدانتهم بارتكاب جرائم يعاقَب عليها بالإعدام؛
- بث "اعترافات" متلفزة قبل إجراء المحاكمات، وقبول الأدلة التي تستند إلى التعرف على المتهمين من قبل شهود كانوا قد شاهدوا الاعترافات في السابق، لاستخدامها في المحكمة؛
- عدم كفاية إمكانية الوصول إلى محاميي الدفاع، وترهيب المحامين، بما في ذلك التهديدات بالقتل والاعتداءات.
- التعريف الغامض والفضفاض للجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام بموجب القانون العراقي، بما فيها عمليات الاختطاف التي لا يصاحبها قتل وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة بهدف تقويض الأمن والاستقرار.
إعدام القيادة العراقية السابقة:-
أجمع الملاحظون على إدانة إعدام الرئيس العراقي السابق فجر يوم عيد الأضحى اعتبارا لقدسية يوم العيد و ارتباطه عادة بقيم التسامح و العفو. أن الإعدام كان تتويجا لمحاكمة جرت في ظل الاحتلال و لم تستجمع أبسط شروط المحاكمة العادلة.و خطأ التوقيت لا يجب أن يحجب خطيئة الانحدار إلى مهاوي استحضار مفردات التحريض الطائفي البغيض مما يشير على أقل تقدير إلى انعدام حساسية هذا التنفيذ إزاء واقع العراق والأزمة الطائفية التي يمر بها.
أن ما شاب تنفيذ "حكم الإعدام" من انتهاكات معنوية ونشر صور الرئيس السابق ميتا فضلا عن تصوير عملية الإعدام ونشرها بشكل يصدم الحس الإنساني السليم، وتعتبر ذلك مساسا بحرمة الميت التي نصت عليها الشرائع السماوية والمواثيق الإنسانية..، و من انتهاكات جسدية (ثبت حصولها) يشكل اعتداء صارخا على كل القيم الدينية و الأخلاقية و القانونية و لا يمكن أن تجد لها تبريرا فيما ينسب إلى من سلطت عليه. وقد قصَّرت المحاكمة التي جرت أمام المحكمة الجنائية العراقية العليا في الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة. وقوضت التدخلات السياسية استقلال المحكمة وحياديتها، الأمر الذي دفع رئيس المحكمة الأول إلى الاستقالة ومَنَعَ تعيين آخر، وتقاعست المحكمة عن اتخاذ تدابير كافية لضمان حماية الشهود ومحامي الدفاع، الذين اغتيل ثلاثة منهم خلال سير المحاكمة. كذلك حُرم صدام حسين من الاستعانة بمستشار قانوني في السنة الأولى التي أعقبت إلقاء القبض عليه، ولا يبدو أن المحكمة استجابت بشكل كاف للشكاوى التي تقدم بها محاموه طوال سير المحاكمة والتي تتعلق بإجراءاتها. ومن الواضح أن عملية الاستئناف جرت على عجل وفشلت في تصحيح أي من أخطاء المحاكمة الأولى.
الاتجاه نحو إلغاء عقوبة الإعدام:- لقد بررت عقوبة الإعدام بشكل عام وعلى مر الزمن بالحد من تكرار ممارسة الفعل الذي استحق هذه العقوبة، وتحقيق الرادع لعدم تكراره. إلا أنه من الواضح من الدراسات الميدانية والأكاديمية أن عقوبة الإعدام وبشكلها العام في تطبيقاتها المختلفة في الدول التي تقرها قوانينها لم تفلح في تحقق هذه الغاية. كذلك فإن التوسع في تطبيق عقوبة الإعدام لم يخفف من موجات الإجرام التي بدأت تنحو باتجاه أكثر خطورة نظرا للتقنيات الحديثة التي أيضا أتاحت الفرص لارتكاب جرائم منظمة عابرة للحدود كالاتجار في البشر والمخدرات واتساع رقعة الإرهاب. إنه لا يمكن تحديد حجم الظلم الذي يمكن إن ينجم عن إزهاق روح قد يتبين فيما بعد أن هذا الشخص الذي أعدم كان بريئاً أو أنه لا يستحق هذا المستوى من العقوبة.
يتزايد عدد الدول التي تلغي الإعدام كل عام. ففي عام 1899 كانت هناك 3 دول فقط في العالم لا تطبق عقوبة الإعدام هي: كوستاريكا، سان مارينو، وفنزويلا؛ وقد أصبح العدد عام 1948 ثمانية دول. وفي نهاية عام 1978 وصل العدد إلى 19 دولة؛ وخلال العشرين سنة الماضية قفز الرقم إلى أكثر من 3 أمثاله. وفي مطلع هذا القرن كانت هناك 108 دول ألغت الإعدام بالقانون أو بالتطبيق:
- 75 دولة ألغت الإعدام نهائياً، كفرنسا التي ألغته عام 1981، وتركمانستان عام 1999.
- 13 دولة استبْقته للجرائم الاستثنائية فقط، كجرائم الحرب، مثل ألبانيا والبرازيل.
- 20 دولة ألغته واقعياً، أي أنها لم تنفِّذ أي حكم بالإعدام خلال العشر سنوات الماضية، مثل تركيا* (جرت آخر عملية إعدام فيها 1984) ألغت تركيا رسمياً عقوبة الإعدام في أوائل آب 2002. أما بقية دول العالم – حوالي 86 دولة – فما زالت تنفذ عمليات إعدام، كالولايات المتحدة الأمريكية، الصين، إيران، والدول العربية كافة، ما عدا البحرين.
الاتفاقيات الدولية لإلغاء عقوبة الإعدام:-نعيش اليوم مرحلة تاريخية تشهد كل يوم تطوّرا للتيار العالمي الداعي إلى إلغاء عقوبة الإعدام، من أهم التطورات في السنوات الأخيرة اعتماد معاهدات دولية تلتزم الدول بموجبها بعدم تطبيق الإعدام. وتوجد الآن أربع معاهدات من هذا النوع:
- البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدَّقت عليه 54 دولة. ووقعت ثماني دول أخرى على البروتوكول معبرة عن نيتها بأن تصبح أطراف فيها في تاريخ لاحق.
- البروتوكول الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لإلغاء عقوبة الإعدام والذي صدَّقت عليه ثماني دول ووقعت عليه دولة واحدة أخرى في الأمريكتين.
-• البروتوكول رقم 6 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، الذي صدَّقت عليه 44 دولة أوروبية ووقعت عليه اثنتان أخريتان
- البروتوكول رقم 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، الذي صدَّقت عليه 30 دولة أوروبية ووقعت عليه 13 دولة أخرى
- ويشكل البروتوكول رقم 6 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لإلغاء عقوبة الإعدام في زمن السلم
- والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
- البروتوكول الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ينصان على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، لكنهما يسمحان للدول التي ترغب في الاحتفاظ بعقوبة الإعدام في زمن الحرب كاستثناء بأن تفعل ذلك
- وينص البروتوكول 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على الإلغاء الكامل لعقوبة الإعدام في جميع الظروف.
مبررات المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام :-
بدأت الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام في أواسط القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة الأمريكية وبلغت ذروتها في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين لتشمل بعد ذلك دول الاتحاد الاوروبى حالياً وعددا من بلدان العالم. وقد اكتسبت الحركة الداعية إلى إلغاء عقوبة الإعدام دفعة قوية بسبب زيادة تأثير ونفوذ الحركة الداعية إلى الدفاع عن حقوق الإنسان والسلام العالمي. حيث ساهمت منظمات حقوق الإنسان محليا ودوليا في تنمية الوعي وزيادة الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان مما مكن من انتشار المنظمات التي تعمل على مناهضة وإلغاء عقوبة الإعدام بوصفها شكلا من أشكال العقوبات البربرية والتي باتت لا تتناسب مع مستوى التطور الحضاري والانسانى الذي من المفترض إن تكون بلغته حضارة الإنسان. وتعد منظمة العفو الدولية واحدة من أهم المنظمات الرائدة في مجال مناهضة عقوبة الإعدام على المستوى العالمي. ومع الزيادة المطردة في عدد الدول التي تنحو باتجاه وقف تطبيق عقوبة الإعدام سعياً لإنهائها ومع تنامي الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان في المنطقة العربية بصرف النظر - مؤقتاً - عن الأسباب والدوافع السياسية والدولية وبناء على المستجدات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط نرى لزاما علينا المشاركة في هذا السجال الدائر حول تطبيق تلك العقوبة في بلادنا. خاصة مع تمتع تلك العقوبة بالتبريرات الفقهية سواء على المستوى القانوني أو الفلسفي أو الديني بالرغم من انتهاكها لواحد من أهم حقوق الإنسان "الحق في الحياة". وبدون ذكر الحالات التي يتم فيها توقيع تلك العقوبة نتيجة لغياب المعايير الدولية للمحاكمة العادلة أو تلك التي تستخدم فيها تلك العقوبة لأسباب سياسية أو عرقية أو عنصرية ومع التنويه إلى إمكانية تطبيق تلك العقوبة على أشخاص أبرياء الأمر الذي يشكل خطئا لا يمكن تداركه، فإن قتل أي شخص ولو باسم القانون يمكنه أن يذكرنا بالبداية البربرية للجنس البشرى لاحظ أسطورة قتل الأخ التي تفيد أننا جميعاً أحفاد القاتل .كما سيذكرنا استخدام عقوبة الإعدام و الحكم بها بممارسات باتت من الماضي مثل الرق والاستعباد والتعذيب المبرر اجتماعياً أو المسوغ قانونياً. لقد بينت المسيرة التاريخية للجنس البشرى زيف الدعاوى القائلة بأن عقوبة الإعدام "أو القتل القانوني " بإمكانها خلق مجتمع خال من جرائم القتل أو الجرائم المروعة. ويبدو أن استمرار ثقافة الثأر والانتقام والتي تفتقد لأي معيار موضوعي تلعب دورا جوهريا في طريقة التعامل مع المجرمين الذين يقترفون جرائم القتل أو يتسببون في ترويع الآمنين أو يهددون أمن المجتمع، كما أن مستوى التعليم وتطور الوعي الثقافي في المجتمع وسيادة مناخ التسامح والانفتاح على الآخر من العوامل التي تساهم بشكل إيجابي في تعزيز الرؤى المنادية بالنظر إلى هؤلاء المجرمين بوصفهم في المحصلة النهائية بشر كما تساهم في تعزيز الدعاوى المنادية بإلغاء عقوبة الإعدام. لقد تم اعتبار يوم 10 أكتوبر من كل عام يوما عالميا لمناهضة عقوبة الإعدام وهو اليوم الذي ألغيت فيه عقوبة الإعدام بالولايات المتحدة لأول مرة عام 1786. وهناك من يعتبر أن عقوبة الإعدام أبشع من جريمة القتل، فالمحكوم عليه بالإعدام يكون عاجزا كل العجز عن القيام بأي شيء لمحاولة انقاد حياته في لحظة تنفيذ العقوبة.من جهة أخرى يقال أن إعدام القاتل مثلا أمر ضروري لكي يكون عبرة للآخرين، لكن أليس ثمة سبيل آخر أكثر إنسانية و أفضل من الإعدام لتعليم البشرية فداحة عمل القتل و هل عقوبة الإعدام قادرة على وقف تلك النوعية من الجرائم التي تهدد أمن المجتمع.لقد بينت الإحصائيات أن نسبة الجريمة بالنسبة لعدد السكان هي أعلى في البلدان التي تطبق عقوبة الإعدام من تلك التي ألغتها و لا تعتمدها في قوانينها. ونحن نرى أن الوسيلة الوحيدة للحفاظ على حياة الناس لا تتأتى إلا بنشر وتكريس المفاهيم الداعية لنشر ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المظلومين.كما أن تجفيف منابع الجريمة من فقر وجهل وبطالة سيساهم بدون شك في تقليل معدل الجريمة وفى هذا السياق فان مناهضة كافة أشكال استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وما يترتب عن ذلك من انتشار للأمراض الاجتماعية والنفسية التي تشكل الأرضية المادية الخصبة لارتكاب الجريمة - وإطلاق العنان للملكات الإبداعية لكافة البشر دون تمييز سيساهم في خلق مجتمعا حراً ومسئولا في ذات الوقت. فجرائم النفس ليس لها صلة بوجود أو عدم وجود عقوبة الإعدام، لكن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع له بالغ الأثر في انتشار مثل تلك الجرائم، وبالتالي فان إزالة أسباب الجوع و التهميش و الإقصاء و الحرمان والاغتراب و الشعور بالقهر والغبن الاجتماعي والمهانة اليومية التي يلقاها المواطنون في عالمنا العربي من شأنه العمل على تقليل الجريمة بشكل كبير. ولا ينبغي التعويل على تخلف البني الديمقراطية للمجتمعات العربية كمبرر لاستمرار العمل بعقوبة الإعدام كما لا ينبغي الركون إلى سيادة الرؤى المحافظة أو المتخلفة طالما أن استخدام تلك العقوبة في مختلف الحضارات الإنسانية بدوافع وأشكال مختلفة وعلى مدار التاريخ البشرى لم يؤدى إلى منع جرائم النفس أو الجرائم المروعة .كما لاينبغى سوق الحجج الدينية لتطبيق عقوبة الإعدام في المنطقة العربية، فالإسلام - على سبيل المثال لا الحصر - لم ينادى بتطبيق عقوبة الإعدام وإنما تنادى بالقصاص في حالة القتل العمد والذي يمكن الاستغناء عنه بعقوبة الدية "أي دفع التعويض" وهى أخف من عقوبة السجن مدى الحياة !!! في حالة تسامح أهل الضحية مع الجاني .أما في الجرائم الغير مقصودة يكون الجزاء هو دفع الدية فقط، ولا يفوتنا الإشارة إلى أن هناك بعض الفقهاء المسلمين طالبوا بإلغاء تلك العقوبة الوحشية.
و من مبررات المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام أنه من أولى مقومات دولة القانون أن تكون العقوبة للإصلاح و التقويم لا للثأر والانتقام ولم تثبت الدراسات العلمية حتى الآن صحة المقولة التي تفترض أن عقوبة الإعدام تقلل من جرائم القتل أو تخفف من انتشار الجريمة في المجتمع أو أنها تشكل رادعاً للمجرمين وبالرجوع إلى الأرقام والإحصائيات يمكننا أن نكتشف بسهولة أن معدلات الجريمة في بلد كالولايات المتحدة تقوم بتطبيق عقوبة الإعدام بطرق تتسم بالقسوة والوحشية أكثر بكثير من معدلات الجريمة في بلد كفرنسا التي لا تطبق عقوبة الإعدام.
بالطبع لا يمكننا اعتبار الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام دفاعا طيباً وساذجاً عن مرتكبي الجرائم الخطرة في المجتمع أو دعوة للتسامح معهم بقدر ما نعتبرها دعوة لتعزيز الدفاع عن الحق في الحياة لكل إنسان وهو الحق الذي يقع في القلب من منظومة حقوق الإنسان فحياة الإنسان هي أعلى قيمة يجب الحفاظ عليها والدفاع عنها، ولا يفوتنا في هذا السياق التنويه إلى أن لوسائل الإعلام المختلفة بالغ الأثر في تغيير النظرة ضيقة الأفق في التعامل مع الظواهر الإجرامية في المجتمع.كما نرى أن الالتزام باحترام حقوق الإنسان على ضوء المعايي