هاهو وزيرنا المبجل يخرج لنا كعادته ببدع جديدة... فبعد نتائج الباكالوريا للسنة المنصرمة و عباقرة الشمال الجدد الذين فاق عددهم الألف عبقري ممن تحصلوا على تقدير امتياز في باكالوريا 2010..و بعد أن توعد بتسريح المتغيبين من مستخدمي القطاع ضاربا بذلك عرض الحائط اللجان المتساوية الأعضاء صاحبة القرار في الفصل في هكذا ملفات...
بعد كل هذا و ذاك هاهو معالي الوزير المفدى يستورد لنا تجربة من وزارة الفلاحة اسمها عقود النجاعة
و هي العقود التي تمضيها وزارة الفلاحة مطلع كل سنة مع المديريات الولائية للمصالح الفلاحية (DSA) من أجل توقع كميات الإنتاج الفلاحي في جمع الحليب و العسل و إنتاج اللحوم الحمراء و البيضاء و غير ذلك مما يتعلق بالإنتاج النباتي و الحيواني بصفة عامة.
بن بوزيد صاحب العقل الرشيد و البطانة الحسنة اكتشف أن عقود النجاعة المطبقة على الإنتاج الحيواني تصلح للتجربة على عقول الناشئة من أبنائنا و لا يهم في ذلك الظروف التي تصاحب تمدرسهم فالمهم حسبه هو أرقام و التزامات ثم عقوبات في حال الإخلال بهذه الالتزامات.
خريج جامعة موسكو يساوي في سياسته الجديدة بين التلاميذ و الحيوانات فالأبقار لكي تنتج الحليب تحتاج إلى كميات معينة من الكلأ اليومي و المتابعة الطبية البيطرية و خلايا النحل لكي يزيد إنتاجها لابد من رفع عدد الصناديق المقدمة للنحالين و لابد من تزويدهم بجميع اللوازم الضرورية لذلك و بناءا على ذلك يمكن تقديم تنبؤات حول أرقام الإنتاج المتوقع لتلك السنة.
و بهذه البدعة البوزيدية يمكن من الآن فصاعدا أن تنتقل لغة الأرقام و الإحصاءات القبلية إلى قطاع التربية و هنا تحضرني صورة كاريكاتورية لأبقار داخل اصطبل و قد وضع أمامها الحشيش و التبن ثم توضع لها فيما بعد آلات الحلب لجمع الحليب المتأتي من كمية الكلأ الذي تناولته هذه الأبقار.
نفس الأمر سينتقل إلى قطاع التربية الوطني و هو أن مدير التربية الذي سيجد نفسه أيضا مجبرا على إمضاء عقود نجاعة مع مدراء المؤسسات التربوية و بما أن عراب القطاع الذي اقتبس لنا من تجربة حلب البقرات لا يجيد سوى لغة التهديد و الوعيد فان مدير التربية و بعده مدراء المؤسسات التربوية سيجدون أنفسهم هم الآخرين مجبرين على الوفاء بتلك الأرقام التي قدموها بصفة مسبقة و لو على حساب النوعية في التكوين.
مساكين يا عمال قطاع التربية ..فأنتم قد ابتليتم برجل يريد منكم أن تجروا و تهرولوا في كل الاتجاهات...المهم أن تأتوه بالخبر اليقين و هو أن تحققوا له أرقاما يفاخر بها في القاعات المكيفة و في ليالي المحاسبة الرمضانية على طاولات قلب اللوز و الشاي...على الأقل مادام أن الرجل قد صرح بعقود النجاعة التي سيتم تطبيقها ابتداء من العام الدراسي القادم و في المقابل لم يقدم ضمانات لمن لم يحقق ما أجبر على الوفاء به.
يا بن بوزيد..يا من سيتم قريبا خمس قرن في قطاع التربية...هل تعلم أنك بصدد تطبيق سياسة حيوانية على عقول بشرية..و أية عقول إنها عقول البراءة ..العقول اليافعة..مستقبل المدرسة و الجامعة الجزائرية التي لا يدرس بها أبناء المسؤولين بل في الخارج هم يدرسون.
بعد سياسة حشو الدروس في كراسات – و لا أقول عقول - أبنائنا..ها أنت يا بن بوزيد تريد أن تحشو فينا من جديد أكذوبة النجاح الأسطوري في الدراسة و مع سبق الإصرار و الترصد و الإعلان عن ذلك قبل بداية الموسم الدراسي.
مبروك عليك يا بن بوزيد..من الآن فصاعدا ستنام قرير العين هانيها ... لأن كل ما ستقوم به مستقبلا هو ندوة صحفية في بداية السنة تقول فيها سنحقق نسبة نجاح الباكالوريا بـ 90% و التعليم المتوسط بـ 95% أما التعليم الابتدائي فهو 99.99% و الـ 0.01% المتبقية أكيد أنهم مدراء مشاغبون لم يلتزموا بما وقعوه في عقود النجاعة حول حلب البقرات ...عفوا النتائج المدرسية و لابد من معاقبتهم و هنا أقترح عليك و هو أن تقوم بتسريحهم مثل الذين يتجاوزون الثلاث غيابات و طبعا الحال هنا مادام أن اللجان المتساوية الأعضاء لن يكون لها دور في ظل سياستك الرشيدة.
و بعد نهاية الندوة الصحفية تذهب يا بن بوزيد إلى نقطة الوصول قبل الركب و تتكئ لهم على قارعة الطريق في نهاية العام الدراسي.. و ساعتها طوبى لمن وصل و قد أشبع أبقاره حشيشا و الويل كل الويل لصاحب البقرات العجاف.