حزنت شيماء أشد الحزن على عدم إيفائها بموعد صديقتها أسماء .. فقد اتفقتا على الذهاب معا فى رحلة المدرسة لمشاهدة المعالم السياحية والإستمتاع معا بوقت جميل .. وشددت أسماء عليها وقالت لها: يا شيماء، لو أخلفتِ وعدكِ معي سوف أغضب منكِ.. .. ولكن شيماء تكاسلت فى صباح يوم الخروج للرحلة فلم تذهب
وشعرت الأم بحزن ابنتها .. فأجلستها بجوارها لتحكى لها حكاية عن جمال خلق الوفاء ، وكون أن الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين :-
بعد أن مَـنَ الله على المسلمين بنصر مُؤزر على الفرس في معركة القادسية .. وقُتل قائدهم رستم ، وأسر المسلمون نائبه وصاحبه وكان يسمى الهرمزان ، وأتوا به إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ..
فلما وقف بين يديه قال له عمر :- أعرض عليك الإسلام نُصحاً لك في عاجلك وآجلك فقال الهرمزان :- إنما أعتقد ما أنا عليه ، ولا أرغب في الإسلام ..
فدعا عمر رضى الله عنه بالسيف وأمر بقتله ..
فقال الهرمزان وكان ظمآناً :- شربة ماء هي أفضل من قتلي على الظمأ ..
فأمر له عمر رضى الله عنه بشربة من الماء .. فلما أخذها الهرمزان في يده قال - يا أمير المؤمنين .. هل أنا آمن حتى أشربها ؟ ..
فقال عمر :- نعم ..
فألقى بها الهرمزان على الأرض وقال :- الوفاء يا أمير المؤمنين .. يقصد بذلك أنه لن يشرب هذا الماء الذي في الجرة فيظل آمناً على نفسه من القتل كما وعده أمير المؤمنين ..
كانت خدعة من الهرمزان لينجو من القتل ، والغريب أنه اعتمد اعتماداً كلياً في بناء خدعته هذه على وفاء عمر رضى الله عنه بالعهد معه .. وبالطبع لو حدث هذا الموقف مع رجل آخر غير عمر قد لا يهتم بالأمر وأمر بقتله على الفور .. ولكن أخلاق عمر المسلم المؤمن الوفى أبت إلا الوفاء بعهده للرجل ..
فقال :- صدقت .. ثم أمر السياف أن يرفع عنه السيف ..
فلما رأى الهرمزان هذا الوفاء وهذه الأخلاق قال :- يا أمير المؤمنين .. الآن أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .. وما جاء به حق من عنده ..
فقال عمر مستبشراً :- أسلمت خير إسلام .. فما أخرك ؟! ..
قال :- كرهت أن يظن بي أني أسلمت خوفاً من السيف ..
وهنا وقعت عين الأم على وجه شيماء فوجدتها تبتسم ..
فقالت لها :- ما أجمل الوفاء بالوعد يا شيماء .. ولابد أن تعتذرى لصديقتك عن إخلافك بالموعد ..