منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  



منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباسنظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني

FacebookTwitterEmailWindows LiveTechnoratiDeliciousDiggStumbleponMyspaceLikedin
شاطر | 
 

 نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
avatar

MOOH
عضو فعال
عضو فعال

نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني 115810
تَارِيخْ التَسْجِيلْ: : 30/03/2010
العُــمـــْـــــر: : 52
المُسَــاهَمَـــاتْ: : 210
النـِقَـــــــــاطْ: : 5784

نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني Vide





مُساهمةموضوع: نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني   نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 7:10 pm




[right]الاستثنائية التي طرأت بعد تنفيذ الالتزام, فكان على المحكمة والحالة هذه تطبيق أحكام المادة 146/2 من القانون المدني...)(43).
ومن القرارات الأخرى التي أصدرتها محكمة التمييز والمتعلقة بذات الموضوع نذكر القرار الآتي (... إن المميز يستند في دعواه بطلب الفسخ إلى حكم المادة (878) مدني وحيث أن الحكم الذي جاءت به المادة المذكورة هو تطبيق لنظرية الظروف الطارئة التي تقرر مبدأها في المادة 146/2 من القانون المدني, ولما كان من شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة في عقد المقاولة أن يحدث أثناء تنفيذ عقد المقاولة حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وقت التعاقد يترتب عليها زيادة تكاليف العمل زيادة فاحشة تجعل تنفيذ المقاول التزامه مرهقاً وعسيراً وحيث أن الثابت في أوراق الدعوى... أن فيضان سنة 1968 كان غير اعتيادي بمقارنته بالفيضانات للسنوات السابقة وإنه لم يكن متوقعاً... لذا كان على المحكمة أن تتحقق عما إذا كان الفيضان... يعتبر من الحوادث الاستثنائية العامة غير المتوقعة. وهل ترتبت عليها زيادة فاحشة جعلت تنفيذ المقاول التزامه بإكمال العمل مرهقاً وعسيراً أم لا ؟..)(44).
أما إذا وقع الحادث عند التعاقد فلا يعتبر من الحادث الاستثنائية العامة ولا مجال عندئذ للمطالبة بتطبيق نظرية الظروف الطارئة وبهذا قضت محكمة التمييز (... إن الاعتراضات التمييزية غير واردة لأن المميز قد استند على الفقرة (2) من المادة (146) من القانون المدني ولما كانت هذه الفقرة تشترط أولاً أن تكون الحوادث الاستثنائية عامة وقعت بعد التعاقد... ولأن ابتداء تنفيذ التعهد كان بتاريخ 1/2/1954 وكان الظرف الاستثنائي العام وهو الفيضان واقع قبل ذلك التاريخ وعند التعاقد فلا يكون الفيضان من الحوادث الاستثنائية التي لم يكن من الممكن توقعها ...)(45).
ولكن من الجائز أن تترتب آثار أخرى غير متوقعة على الظرف الطارئ الذي كان واقعاً عند التعاقد وتسبب إرهاقاً للمدين, وفي مثل هذه الحالة يكون من حق المدين المرهق المطالبة بتطبيق النظرية للاستفادة من أحكامها والحلول التي تتضمنها وفي قرار لها بهذا الشأن قضت محكمة التمييز (... وجد أن محكمة الاستئناف ذهبت إلى أن الحادث الاستثنائي هو الفيضان وإنه كان في تاريخ الضم قائماً ... وقد فاتها أن قبول مبدأ الحوادث الاستثنائية مبني على أساس اختلال التوازن الاقتصادي للعقد ... وقد تأيد بأن المميز عليه أثرى على حساب المميز واختل بينهما التوازن الاقتصادي للعقد, .... وعلينا أن نبحث الأسباب التي دعت المميز أن لا يتوقع تلك الحوادث فنجد أن مجرد وجود الفيضان في شهر أيار لا يوحي له بأنه سيستمر المدة التي بقيت المياه راكدة فيها على المزارع, إذ عادةً إن الفيضانات تنحسر بعد أن تغمر مياهها الأراضي الزراعية مدة وجيزة وتترك على الأراضي المذكورة طبقة غرينية تزيد من قابليتها الإنباتية ... لهذا فإن مجرد حدوث الفيضان لا يوحي للمميز استمراره المدة الطويلة التي سببت إضراره, فالحادث الاستثنائي في هذا الموضوع هو استمرار مدة الغرق وعدم هبوط مستوى المياه وبقاء مياه الفيضان غامرة للأراضي مدة طويلة, بحيث إنتهى الموسم الزراعي وأوشكت مدة العقد على الانتهاء, فكان على المحكمة أن تدقق هذه الجهة فإذا تأيد لها أن المياه في تلك السنة بقيت غامرة للأراضي مدة طويلة, بحيث انتهى الموسم الزراعي وأوشكت مدة العقد على الانتهاء, فكان على المحكمة أن تدقق هذه الجهة فإذا تأيد لها أن المياه في تلك السنة بقيت غامرةً الأراضي الزراعية على الشكل المذكور فتكون الحالة استثنائية غير متوقعة ويستحق المميز التعويض استناداً للفقرة (2) من المادة (146) من القانون المدني ...)(46).
2. أن يكون الحادث عاماً : يقصد بالحادث العام أن لا يكون خاصاً بالمدين فقط كإفلاسه أو موته أو مرضه بل يجب أن يكون عاماً شاملاً لطائفة من الناس, بمعنى أنه يشمل بآثاره طائفة من الناس أو أكثر كأهل البلد أو سكان إقليم معين من بلد ما أو مجموعة من الناس يؤلفون طبقة في المجتمع أو فئة منها. كالحرب والثورة والفيضان والحرارة أو البرودة الشديدة غير المتوقعة وتساقط الثلوج بشكل غير عادي. وهذا الحادث في عموميته تسبب في إلحاق الضرر الجسيم بالمدين. وفي قرار لها قضت محكمة التمييز (... أن نظرية الحوادث الطارئة التي تمسك بها المميز وفقاً للمادة 146 من القانون المدني يشترط لتطبيقها شروط ثلاثة هي:
أولاً: أن توجد بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه حوادث استثنائية عامة, فالحوادث الاستثنائية الخاصة بالمدين وحده لا تكفي لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة ...)(47). هذا وينتقد اشتراط صفة العمومية في الحادث الاستثنائي من ناحيتين:
الأولى : إن هذا الشريط يجافي المنطق القانوني من حيث طبيعة الحادث والأثر الذي يترتب عليه, ذلك أن القوة القاهرة قد تكون أمراً عاماً وقد تكون حادثاً فردياً خاصاً بالمدين وربما تكون أشد وطأة من الحادث الطارئ العام بالنسبة إلى المدين فهي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً وهذه الاستحالة تؤدي إلى انقضاء الالتزام في حين أن الحادث الاستثنائي العام يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً فقط فكيف يجوز بعد ذلك أن يشترط في الحادث الاستثنائي مالا يشترط في القوة القاهرة.
الثانية : إن اشتراط الوصف المذكور يخالف الاتجاه الجديد في نظرية الحوادث الطارئة الذي أخذت به تشريعات عديدة وفي دول مختلفة. بالإضافة إلى أن الوصف المذكور يضيق من نطاق هذه النظرية(48). 3. أن يكون الحادث غير متوقع ولا يمكن دفعه : ويراد بهذا الشرط أن لا يكون في الوسع توقع الحادث وقت إبرام العقد. فالحادث غير المتوقع هو الحادث الذي يجاوز تقدير الطرفين عند إبرام العقد. والعبرة في الوقع بمعيار موضوعي وهو معيار الشخص المعتاد(49) وقوامه أن لا يكون في وسع الرجل المعتاد توقع وقوع الظرف الطارئ عند إبرام العقد. وكان مجلس الدولة الفرنسي أول من أخذ بهذا المعيار وصولاً إلى معرفة هل الحادث الطارئ متوقع الحصول أو غير متوقع(50).
وبذلك فإن الحدث المتوقع لا يترتب عليه تطبيق نظرية الحوادث الطارئة ففي قرار لها قضت محكمة التمييز (... إن مناط تطبيق نظرية الظروف الطارئة هو أن يكون الحادث غير متوقع وكانت محكمة الاستئناف حسب سلطتها الموضوعية قد قررت بأن برودة الجو أمر متوقع وقد جرى بذلك قضاء هذه المحكمة لذا فلها مجال لتطبيق نظرية الظروف الطارئة...)(51).
وتعتبر الحوادث التي ترافق إعلان الحرب وبدء عملياتها من قبيل الحوادث غير المتوقعة حيث قضت محكمة التمييز (... إن الحكم المميز غير صحيح لأن المميزة كانت قد قامت من جهتها بكل ما يترتب عليها من الواجبات فطلبت الأدوات الاحتياطية برقياً, على أن تشحن بالطائرة لتأمين سرعة وصولها وحيث قد طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وهي الحوادث التي رافقت الاعتداء الإسرائيلي في الخامس من شهر حزيران 1967 وتوقف الشحن الجوي بين إنكلترا والعراق لذا لا تكون المميزة مسئولة عما نشأ من هذا الظرف الاستثنائي الذي لا دخل لها فيه ...)(52).
كما إنه إذا تم إبرام عقد معين في ظروف استثنائية فلا يحق للمدين في مثل هذه الحالة أن يطالب بتطبيق نظرية الظروف الطارئة بدعوى الظروف الاستثنائية ما دام بالإمكان توقع الآثار المترتبة عليها أو كانت معلومة لديه, وفي قرار لها قضت محكمة التمييز بما يلي (... إن حصول ارتفاع في أسعار المواد وفي الأيدي العاملة لم يكن من قبيل الحوادث الاستثنائية غير المتوقعة ... لأن هذا الارتفاع كان قائماً ومعلوماً لدى الطرفين حتى التعاقد ...)(53).
هذا وينبغي أن يكون عدم التوقع نسبياً لا مطلقاً فالحادث الطارئ الذي لا يمكن توقعه هو الحادث غير الممكن توقعه اعتيادياً ومما يدل على (اعتيادية الحادث) كثرة وقوعه, أما الحوادث النادرة فلا تعتبر متوقعة. وإذا كان العقد مبرماً لمدة طويلة فإن احتمال وقوع الظروف الطارئة خلال مدة تنفيذه أكبر من احتمال وقوع الظروف الطارئة في حالة كون العقد مبرماً لمدة قصيرة. وتتأثر درجة توقع الظرف الطارئ بحالة المتعاقد فيما إذا كان شخصاً أم شركة, فمهما أوتي المقاول الشخص من إمكانات وقدرات فإن إمكانية توقعه للظرف الطارئ تكون محدودة بخلاف الشركة وبما تملكه من إمكانيات وخبرات في توقع الظرف الطارئ (فالشركة المتخصصة بالتجارة مثلاً تكون على دراية بالأزمات والاختناقات التي تحصل في الموانئ). وبمثل هذا قضت محكمة التمييز في قرارها المرقم 137/84/85 في 9/2/1986 (54).
ويترتب على أن الحادث لا يمكن توقعه أن يكون نصاً مما لا يستطاع دفعه فالحادث الذي بالإمكان وقعه يستوي في شأنه أن يكون متوقعاً أو غير متوقع ذلك أن الحادث الذي لا يمكن دفعه هو الذي ليس بإمكان المتعاقد أن يتفاداه وأن يتوقى آثاره فإذا كان بإمكانه دفع هذا الحادث وتوقي آثاره ولم يفعل كان مخطئاً وعليه أن يتحمل نتيجة خطأه وليس له المطالبة بتطبيق نظرية الظروف الطارئة للاستفادة من حمايتها. ومن أبرز الأمثلة على الحوادث التي لا يمكن دفعها الحرب والتمرد والزلازل وثورات البراكين.

ثالثاً : إرهاق المدين :
أن إرهاق المدين يعتبر من أهم الشروط التي يجب الاعتماد عليها للقول بأن هناك إختلالاً في التوازن الاقتصادي في العقد ومن ثم تطبيق نظرية الظروف الطارئة على الواقعة محل النزاع وعلى أن تتوافر الشروط الأخرى المقتضية لذلك. والملاحظ على المشرع العراقي أنه تجنب تحديد معنى الإرهاق, وبذلك فإنه ترك أمر تحديده إلى القضاء لكنه على العموم ينطوي على الخسارة الجسيمة المؤكدة والثابتة التي تصيب المدين جراء تنفيذه لالتزاماته المترتبة عليه بموجب العقد الذي هو طرف فيه(55). ويؤدي إلى اختلال التوازن الاقتصادي.
وهذا الأمر هو الذي يميز نظرية الظروف الطارئة عن القوة القاهرة, حيث أن القوة القاهرة في حال تحققها تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً وبها ينقضي العقد, بينما الظرف الطارئ يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً دون أن يبلغ حد الاستحالة والإرهاق هو الشرط الوحيد الذي ينتج أو ينشأ من العقد نفسه وينقل نظرية الظروف الطارئة من الميدان النظري إلى ميدان العمل. وإذا لم يحصل شرط الإرهاق امتنع تطبيق نظرية الظروف الطارئة حيث قضت محكمة التمييز في قرار لها حول هذا الموضوع بما يلي (... وجد أن الحكم المميز بالنظر لما أستند إليه من أسباب موافق للقانون ... إذ أن تنفيذ الالتزام لم يصبح مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة...)(56). وهنا يطرح سؤال مهم نفسه على بساط البحث وهو كيف يتم تحديد الإرهاق أو الخسارة الفادحة؟ وما هي الأسس والمعايير التي تعتمد في ذلك؟ الإرهاق كما تقول محكمة التمييز (... حالة متغيرة تتغير بتغير الظروف فما يكون مرهقاً لمدين لا يكون مرهقاً لمدين آخر وما يكون مرهقاً لمدين في ظروف معينة لا يكون مرهقاً لنفس المدين في ظروف أخرى ...)(57).
ولغرض الوصول إلى تقدير الإرهاق يتم الاعتماد على معيارين:
الأول : موضوعي وهو يتعلق بالعقد ذاته وعلى أساسه يتم تحديد الفرق في القيمة بين كل من قيمة الالتزام أثناء التعاقد وقيمته أثناء التنفيذ ووقوع الظرف الطارئ. ومن ثم البحث حول ما إذا كان الفرق المذكور يصل إلى مستوى الخسارة الفادحة للمدين.
أما المعيار الثاني فهو معيار شخصي يتعلق بحالة المتعاقد ذاته حيث نبحث امكاناته وظروفه وصولاً إلى تحديد ما إذا كان تنفيذ المدين لالتزامه مرهقاً له أم لا؟ هذا وعلى المحكمة أن تستعين بالخبراء والجهات ذات الاختصاص للوصول إلى الغرض المذكور وليس لها الانفراد في الرأي في تقدير تحقق الإرهاق من عدمه وبهذا قضت محكمة التمييز (... ليس للمحكمة أن تنفرد برأيها في تقدير عدم تأثير زيادة الرسوم الكمركية على التوازن الاقتصادي بين الطرفين بل عليها أن تستطلع رأي الخبراء في ذلك ...)(58). وحول نفس الموضوع وفي قرار آخر لها أكدت محكمة التمييز أهمية الخبرة في تحديد الإرهاق حيث قضت (... حتى إذا قدر الخبراء ذلك وازنت المحكمة بين مصلحة الطرفين فإن أتضح لها أن الالتزام أصبح مرهقاً أنقصته إلى الحد المعقول ...)(59).
ولا تعتبر الخسارة المادية المألوفة في التعامل من قبيل الإرهاق, فكما يحتمل التعامل التجاري الربح فإنه يحتمل الخسارة أيضاً ما دامت مألوفة ومتوقعة وذلك تطبيقاً لقاعدة (الغرم بالغنم) وبهذا قضت محكمة التمييز (... وجد أن الارتفاع الذي طرأ على المادة التي وقع التعهد عنها لا يعتبر غير اعتيادي إذ أن ارتفاع الثمن وانخفاضه لمادة استهلاكية يعتبر نتيجة محتملة لثمن تلك المادة وفق العرض والطلب فالزيادة أو النقص لا يخلان بمنطوق التعهد أو يجعلانه مرهقاً ...)(60).
وبالإضافة إلى ما تقدم توجد بعض الأسس التي يجب مراعاتها في تحديد الإرهاق منها الأخذ بنظر الاعتبار جميع أوجه النشاط الاقتصادي التي يمارسها المتعاقد والتي يقوم بينها اتصال وثيق بحيث يمكن اعتبارها فرعاً من الالتزام الأصلي, أو ما إذا كان المتعاقد يمارس أنشطة متعددة ومختلفة بمقتضى عقد واحد حيث تؤخذ جميع هذه الأنشطة ومردوداتها المالية عند تقدير الإرهاق الذي يتعرض له المتعاقد بسبب الظرف الطارئ, كما لا يدخل في حساب الخسائر ما قد تحمله المتعاقد منها قبل وقوع الظرف الطارئ إذ تقع هذه الخسائر على المتعاقد وحده باعتبارها ضرباً من ضروب المخاطرة التي يتعرض لها المتعاقد عادةً(61).
هذا وإنه من المتفق عليه فقهاً وقضاءاً أنه يمكن للمحكمة الاستعانة بجميع وسائل الإثبات ومنها القرائن لتحديد درجة الإرهاق أو الخسارة.

المبحث الثاني
آثار النظرية في تنفيذ الالتزامات

إذا توافرت الشروط القانونية لتطبيق نظرية الظروف الطارئة, فما مدى ذلك على استمرارية المدين في تنفيذ التزامه المرهق له؟ وإذا نفذ التزامه رغم إرهاقه وتعرضه إلى خسائر مادية فادحة فهل يستطيع المطالبة بتطبيق النظرية ومن ثم الاستفادة من أحكامها؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها سوف نتولاها في هذا المبحث وكما يلي:
أولاً : حالة استمرار المدين في تنفيذ الالتزام :
على المتعاقد الذي يطالب بتطبيق نظرية الظروف الطارئة ويتمسك بها أن يستمر في تنفيذ التزامه بالرغم من الظرف الطارئ الواقع وتأثيراته الضارة على المتعاقد وإذا توقف عن تنفيذ التزاماته العقدية كما هي واردة في العقد, فيكون عندئذ غير جدير بالحماية التي تقررها فكرة (نظرية الظروف الطارئة) في مساعدة المدين والأخذ بيده لغرض تمكينه من تنفيذ ما كان قد التزم به, وبهذا المعنى قضت محكمة التمييز (... يتبين من أوراق الدعوى أن المدعين (المميز عليهم) قد حصروا دعواهم بالأضرار التي أصابتهم جراء تنفيذ العقد المبرم بين الطرفين استناداً إلى نظرية الظروف الطارئة وقد أقر المدعون في عريضة الدعوى أنهم توقفوا عن تنفيذ العقد, بينما كان عليهم أن يستمروا بتنفيذ العقد إلى نهايته ... ولما كانت المادة 146/2 من القانون المدني تجيز للقضاء إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب عليها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي صار مرهقاً للمدين ويهدده بخسارة فادحة أن ينقص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك ومفهوم هذا أن يستمر المتعاقد الذي يشكو الإرهاق في تنفيذ التزامه, لكي يستفيد من تدخل القضاء لتخفيف حدة الإرهاق, فإذا امتنع من جانبه وتوقف عن تنفيذ التزامه كله أو بعضه فلا يستفيد من نظرية الظروف الطارئة ولا يحق له المطالبة بالتعويض لأن الهدف الرئيسي للنظرية هو مساعدة المتعاقد على تنفيذ التزامه التعاقدي وتخفيض الأضرار التي أنزلتها به الظروف الطارئة بسبب تنفيذ التزامه التعاقدي وذلك بشرط استمراره على تنفيذ هذا الالتزام, لأنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما أشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية فكان على المميز عليهم (المدين) الاستمرار في تنفيذ العقد ثم المطالبة بالتعويض...)(62). وليس للمدين أن يطلب فسخ العقد عند تعرضه للظرف الطارئ بالاستناد إلى نص المادة 146/2 من القانون المدني وبهذا قضت محكمة التمييز في قرار لها حيث جاء فيه (... إن المادة 146 من القانون المدني لم تجز للملتزم الفسخ إنما أجازت تنقيص الالتزام إذ لا يجوز فسخ العقد إلا إذا أصبح الالتزام مستحيلاً فينقضي حينذاك الالتزام أما الحالة الواردة في المادة 146 فتعالج ما إذا أصبح الالتزام مرهقاً بحيث يهدد المتعهد بخسارة فادحة وللمحكمة أن تعدل التوازن الذي أختل نتيجة الحادثة الطارئة ...)(63).
وهذا الحكم هو تطبيق للقاعدة العامة في تطبيق نظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في الفقرة (2) من المادة (146) من القانون المدني العراقي التي لا تجيز فسخ العقد وإنما تجيز للمحكمة أن تعدل العقد بإنقاص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك, وإن رفض الفسخ يعني الإبقاء على العقد كما هو بالرغم من عدم التوازن الاقتصادي الذي حدث فيه.
لكن المشرع العراقي نفسه خرج على هذه القاعدة وذلك في المادة 787 من القانون المدني حيث عالج فيها فسخ عقد المقاولة إذا انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات رب العمل والمقاول انهياراً تاماً بسبب حوادث لم تكن في الحسبان وقت إبرام العقد أدت إلى انعدام الأساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة.
ثانياً : حالة تنفيذ الالتزام والمطالبة بتطبيق النظرية :
الثابت فقهاً وقضاءاً أن للمدين الحق في المطالبة بتطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا تمسك أثناء تنفيذ العقد.
وهنا يثور السؤال التالي:
إذا نفذ المدين التزامه المترتب عليه جراء العقد بصورة تامة ووفقاً لما كان قد التزم به عند التعاقد بالرغم من آثار ونتائج الظرف الطارئ الذي تعرض له أثناء التنفيذ, فهل يستطيع مثل هذا المدين أن يطالب بتطبيق نظرية الظروف الطارئة بعد تنفيذ التزامه؟.
الملاحظ أن القضاء العراقي ومن خلال ما أطلعنا عليه من أحكام قضائية ذات صلة بالموضوع, إنه قد اتجه إلى عدم جواز المطالبة لتطبيق نظرية الظروف الطارئة في حالة تنفيذ المدين لالتزامه. إذ أن تنفيذ العقد تماماً يعني إنه انقضى بالوفاء وبالتالي لم يعد هذا العقد قائماً حتى يكون من الممكن المطالبة بتعديله وفق أحكام النظرية وإنقاص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول لأن الالتزام قد نفذ, وانقضى بالتنفيذ ولأن تدخل المحكمة لإعادة التوازن الاقتصادي المختل بين الدائن والمدين نتيجة الظرف الطارئ يفترض أن هناك عقداً قائماً بين الطرفين لتتمكن من تعديله بقوة القانون. أما وإن العقد قد أنقضى بالتنفيذ فكيف إذن يتم تعديل عقد غير قائم.
هذا إضافة إلى أن نظرية الظروف الطارئة تشترط تحقق إرهاق المدين وتنفيذ العقد دليل على انتفاء الإرهاق, وبهذا المعنى قضت محكمة التمييز في قرار لها حيث جاء فيه (... إن المدعية أقامت دعواها مستندة إلى حكم الفقرة (الثانية) من المادة (146) من القانون المدني, بعد أن نفذت التزامها كاملاً.
ولما كانت الفقرة المشار إليها لا تجد مجالاً للتطبيق إلا إذا كان الحادث الاستثنائي الذي يتسبب عنه الإرهاق قد طرأ في الفترة بعد إبرام العقد وتنفيذ الالتزام الناشئ عنه, فإذا كان الالتزام قد نفذ فإنه ينقضي ويمنع انطباق نظرية الظروف الطارئة لأن تطبيقها لا يكون إلا على التزام لم ينفذ بعد, بالإضافة إلى أن تنفيذ الالتزام فيه الدلالة الكافية على انتفاء شرط الإرهاق ...)(64).
وفي قرار آخر قضت محكمة التمييز (... وجد أن المميز عليه كان قد أبرم عقد مقاولة مع المميز وبعد تنفيذ العقد أقام المميز عليه الدعوى بطلب الحكم بإلزام المميز بمبلغ ... تعويضاً عما أصابه من خسارة بسبب زيادة أسعار الحديد زيادة فاحشة أثناء تنفيذ العقد, فأصدرت محكمة البداءة حكماً بإلزام المدعى عليه بالمبلغ المدعى به, فاستأنف المدعى عليه الحكم البدائي فأيدت محكمة الاستئناف الحكم ... وحيث أن الذي تراه الهيئة العامة هو أن ما قررته المادة 878/مدني هو تطبيق في عقد المقاولة لنظرية الظروف الطارئة التي تقرر مبدأها في المادة 146/2 من القانون المدني, فشروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة في عقد المقاولة هي نفس شروط تطبيقها في مبدأها العام... ولما كان مفهوم الشرط الأول فيها هو أن تفصل فترة من الزمن بين إبرام عقد المقاولة وتنفيذه, وينبني على هذا أن انطباق نظرية الظروف الطارئة يمتنع إذا كان المقاول قد نفذ التزامه لأن النظرية ترد على التزام لم يتم تنفيذه فيستند إليها المقاول لرفع الإرهاق الذي حل به من جراء الحادث الطارئ وتنفيذ المقاول التزامه خير دليل على أن ما ترتب على الحادث الطارئ من ارتفاع الأسعار لم يكن مرهقاً له, ولما كان ذلك وكان عقد المقاولة المبرم بين الطرفين قد تم تنفيذه فليس للمميز عليه أن يستند إلى حكم المادة 878/مدني للمطالبة بتعويض عن زيادة الأسعار لمادة الحديد ... وحيث أن شروط تطبيق المادة 878/مدني لم تتوفر في دعوى المميز عليه إذ أنه أقام دعواه بعد أن نفذ التزامه التعاقدي ...)(65).
ومن ذلك يتضح ويتأكد من التطبيقات القضائية لمحكمة التمييز عدم أحقية المدين في المطالبة أو التمسك بنظرية الظروف الطارئة في حالة تنفيذه التزامه التعاقدي بالكامل.


المبحث الثالث
إزالة اختلال التوازن الاقتصادي في التزامات طرفي العقد

إذا توافرت شروط النظرية وبعد الموازنة بين الموازنة وبين مصلحة كل طرف من طرفي العقد, جاز للمحكمة معالجة أو إزالة الاختلال في التوازن وبما يؤدي إلى رفع الإرهاق الواقع على أي من الطرفين وسنتناول في هذا البحث كيفية قيام المحكمة بذلك وما هي الأساليب التي تتبعها لتحقيق هذا الهدف.
أولاً : زيادة التزامات الدائن :
بعد الموازنة بين مصلحتي الطرفين المتعاقدين قد ترى المحكمة إن مقتضيات العدالة, توجب إزالة الإرهاق عن المدين وذلك بزيادة التزامات الدائن فمثلاً إذا كان شخص ما قد تعاقد مع آخر على توريد كمية معينة من مادة معينة وبسعر محدد ومتفق عليه بين الجانبين وقت التعاقد, ولظروف طارئة غير متوقعة حصلت أثناء التنفيذ أرتفع ذلك السعر ارتفاعاً كبيراً بحيث أدى إلى أن تكون عملية توريده من قبل الطرف الآخر مرهقة له. ولغرض إزالة الإرهاق عن المدين, على المحكمة أن تتبع أسلوباً بمقتضاه يتم الوقوف على مقدار الزيادة المتوقعة أو المألوفة في الظروف الاعتيادية في أسعار نفس المادة. وخلال نفس الفترة التي يتم بها تنفيذ الالتزام معاصرة مع الظرف الطارئ, أي أن يتم احتساب الزيادة في الأسعار ضمن نموها الطبيعي وكأن الظرف الطارئ لم يقع أو ليس له وجود, وبعد تحديد هذه الزيادة بمعرفة أهل الخبرة والاختصاص يتم طرحها من المستوى الذي بلغته الأسعار لنفس المادة بسبب الظرف الطارئ. وبذلك يتم التوصل إلى معرفة مقدار الزيادة غير المتوقعة في الأسعار وبعدها تقرر المحكمة زيادة التزامات الدائن برفع السعر المتفق عليه أثناء التعاقد إلى حد معقول بحيث لا يتحمل أحد طرفي العقد بمفرده الزيادة غير المتوقعة بل توزع على كلا طرفي العقد. وبهذا المآل قضت محكمة التمييز حيث جاء في قرار لها ما يلي: (... إن نظرية الظروف الطارئة قد توفرت أركانها في الدعوى المقامة, وإن المادة 146/مدني التي بحثت في ذلك قد توفرت في ادعاء المدعي لذلك من حق المحكمة الموازنة بين مصلحة الطرفين وتنزيل الخسارة المألوفة من المبلغ العام لمجموع الضرر ثم توزيع ما بقي على طرفي الالتزام ...)(66).
وفي قرار آخر قضت محكمة التمييز (... كان عل المحكمة الخوض في أساس الدعوى والمتثبت من انهيار التوازن الاقتصادي بين التزامات المقاول ورب العمل فإذا ثبت لديها ذلك فعليها الحكم بزيادة الأجرة بنسبة ما أنجزه المدعي من العمل تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة وما استقر عليه قضاء محكمة التمييز في مثل هذه الدعاوى ...)(67). وفي قرار حديث لها قضت محكمة التمييز (... ولكن المحكمين وإن كانوا قد أخذوا بنظرية الظروف الطارئة وكان قرارهم مسبباً وواضحاً إلا إنهم أخطأوا في حساب ما يتحمله كل من الطرفين حيث أنهم حملوا الطرفين مناصفة جميع الزيادات الحاصلة في المواد الإنشائية وأجور العمل وإن الحساب الصحيح هو احتساب الخسارة المألوفة من هذه الزيادة وهي خسارة متوقعة في حساب كل مقاول حيث أن المقول هو الذي يتحمل الخسارة المألوفة دائماً ثم ما زاد عن الخسارة المألوفة يقسم مناصفة بين رب العمل والمقاول ... )(68).
على أن الدائن, في مثل هذه الحالة لا يجبر على قبول السعر الجديد فله أن يقبل أو يطلب فسخ العقد (69).
ثانياً : إنقاض التزامات المدين :
وقد ترى المحكمة أن إزالة الإرهاق وإعادة التوازن الاقتصادي بين طرفي العقد يتم بأنقاض الالتزامات المترتبة على المدين, وبمثل هذا قضت محكمة التمييز في قرار لها (... ثبت منع الحكومة للذبح خلال المدة المطالب بها ... وهو يعتبر من الحوادث الاستثنائية التي لم يكن للمستأجر أو المؤجر يد فيها, وحيث أن المنع جعل المأجور أثناء الفترة المذكورة في حالة لا يصلح معها للانتفاع الذي أجر من أجله وهو الذبح فيكون من حق المستأجر أن يطالب بإنقاص الأجرة عن الفترة المشار أليها ...)(70).
وفي قرار آخر قضت محكمة التمييز (... إن المميزين رفعا بأن عدم تنفيذ الالتزام كان لسبب شحة مياه نهر الفرات ... فكان على المحكمة ملاحظة ما تقدم وإنقاص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ...)(71) وحول ذات الموضوع وفي قرار آخر أكدت محكمة التمييز (... إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي صار مرهقاً للمدين فللمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن تنقص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ...)(72).
هذا ويدور حكم المحكمة بإنقاص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول مع الظرف الطارئ وجوداً وعدماً فإذا زال الظرف الطارئ زال معه الإنقاص ورجع العقد إلى ما كان عليه والعكس صحيح في حالة اشتداد وتفاقم آثار الظرف الطارئ.
ثالثاً : إمهال المدين :
إذا وجدت المحكمة أنه من المؤمل قرب زوال الظرف الطارئ, جاز لها أن تقرر ولغرض إزالة الإرهاق عن المدين بوقف تنفيذ العقد لحين زوال الظرف الطارئ(73). وإذا جاز للمحكمة ذلك فإنه لا يجوز لها فسخ العقد باستثناء ما ورد في المادة 878 من القانون المدني ذلك أن نص المادة 146/2 من القانون المدني لا يجعل لها إلا (إنقاص) الالتزام المرهق إلى الحد المعقول, فالالتزام المرهق يبقى ولا ينقضي ولكن ينقص إلى الحد المعقول.
وقد أجازت الفسخ في مثل هذه الحالة بعض القوانين كالقانون البولوني حيث أجاز للمحكمة فسخ العقد إذا رأت ضرورة لذلك والقانون الإيطالي الذي ينص على فسخ العقد لمصلحة المدين المرهق ولكن يجعل للمتعاقد الآخر الحق في أن يدرأ طلب الفسخ بأن يعرف تعديلاً لشروط العقد بما يتفق مع العدالة وقد أراد القانون الإيطالي بالطريقة التي ذكرناها أن يجعل تعديل العقد من عمل المتعاقد لا من عمل المحكمة ولكنه يفرض عليه هذا التعديل عن طريق تهديده بالفسخ(74).

الـخــاتـمـة

تبين من البحث في نظرية الظروف الطارئة إنها قد شقت طريقها وبدأت في الظهور في عدد من التشريعات المدنية الحديثة لعدد من الدول. بعد أن تردد صداها في آراء وبحوث الفقهاء عبر مراحل تاريخية متعاقبة كما وجدت نصيباً لها في التطبيقات القضائية.
وتتأكد أهمية هذه النظرية وتزداد كلما تقدم الزمن وتبعاً للتطورات التي تحصل في المجتمعات البشرية والتي تترافق معها ظروف طارئة غير متوقعة تؤثر بشكل مباشر على التوازن الاقتصادي للمتعاقدين إلى حد اختلاله وبما يؤدي إلى إلحاق الغدر المادي الجسيم بأحد أطراف العملية التعاقدية.
وهنا تظهر أهمية نظرية الظروف الطارئة ومعالجاتها العادلة في إعادة التوازن الاقتصادي بين طرفي العقد بما ينعكس إيجابياً على المعاملات الاقتصادية والتجارية حيث يشعر المتعاقد بالطمأنينة أثناء التعاقد أو خلال تنفيذ العقود.
وقد ظهر لنا من خلال البحث أن القانون المدني العراقي من بين القوانين المدنية التي أخذت بالنظرية وبنص عام فيه وهو نص المادة 146/2 منه. وهذا النص من النظام العام وكل اتفاق يخالف أحكامه هذه يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً. فإذا اتفق المتعاقدان عند إبرام العقد على إنه إذا أصبح تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين بسبب ظروف طارئة غير متوقعة فلا يجوز لأي منهما أن يلجأ إلى القضاء طالباً حمايته كان الاتفاق باطلاً لمخالفته للنظام العام.
ولكن يلاحظ على النص المذكور أنه أشترط بتطبيق النظرية أو التمسك بها أن يكون الحادث الطارئ عاماً بالإضافة إلى الشروط الأخرى, وحيث تقع في الحياة العملية حوادث استثنائية لكنها لا تتصف بالعمومية إذ إنها قاصرة على المدين فقط أي على أحد طرفي العقد وتسبب له إرهاقاً مادياً جسيماً, وفي مثل هذه الحالة لا يستطيع هذا المتعاقد أن يطالب بتطبيق النظرية والاستفادة من أحكامها, ونرى من الضروري إعادة النظر في هذا الشرط واستبعاده وصولاً إلى تحقيق الغايات والأهداف العادلة التي تسعى إليها وتنشدها النظرية.
كما ظهر من البحث أن القاعدة العامة في تطبيق نظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في الفقرة في الفقرة الثانية من المادة 146 من القانون المدني لا تجيز فسخ العقد وإنما تجيز تعديل العقد بإنقاص الالتزام المرهق إلى الحد المعقول.
وإننا نرى إن رفض الفسخ يعني الإبقاء على العقد كما هو بالرغم من عدم التوازن الاقتصادي الذي حدث فيه. لذا نرى إعادة النظر في النص المذكور حتى يمكن الفسخ إذا تطلب الأمر ذلك وحسب تقدير محكمة الموضوع.
وبما يتفق مع العدل والإنصاف الذي تقوم عليه نظرية الظروف الطارئة. ولا سيما وإن المشرع العراقي ذاته أخذ بمثل هذا الحكم في المادة 878 منه وكذلك في المادة 792 أيضاً بالإضافة إلى أن عدداً من القوانين المدنية الحديثة لعدد من البلدان قد أخذ بمبدأ الفسخ عند تحقق الظرف الطارئ. كما رأينا ومنها القانون الإيطالي.
وقد ظهرت من خلال البحث أيضاً أن التطبيقات القضائية لمحكمة التمييز تميل إلى عدم نظرية الظروف الطارئة بها ومطالبته بعد إكمال تنفيذ المدين لالتزامه بالرغم من الإرهاق الذي أصابه بسبب الظرف الطارئ. ونرى أنه من الضروري وجوب المداخلة التشريعية في النصوص النافذة ليصبح بالإمكان طلب المدين تطبيق نظرية الظروف الطارئة حتى وإن نفذ التزامه بالكامل وذلك استجابة لمتطلبات العدالة وما تهدف إليه النظرية في حماية المدين أو الطرف الضعيف في العلاقة العقدية. فلا نرى موجباً لحجب الحماية المقررة بموجب النظرية عن المدين (المرهق) إذا نفذ التزامه ولمجرد إنه نفذ التزامه, فالظرف الطارئ ليس إلا واقعة مادية يترتب عليها إرهاق المدين نتيجة الخسارة المادية الفادحة وغير المألوفة. وإن تمسك المدين بالظرف الطارئ بعد أن يكون قد نفذ التزامه التعاقدي لا يغير في حقيقة هذه الواقعة وأثرها شيئاً فالخسارة الفادحة غير المألوفة تهدده أثناء التنفيذ وقد لحقته فعلاً بعد إكمال التنفيذ. فلماذا يحرم مثل هذا المدين من حق طلب معالجة اختلال التوازن الاقتصادي بعد إكمال تنفيذه التزامه التعاقدي. وهو الذي تحمل الإرهاق امتثالاً لعقده واحتراماً لالتزاماته. ومن العدل أن تقدم الحماية التي قصدتها النظرية لمن لحقته الخسارة الجسيمة فعلاً بسبب تنفيذ التزامه.
وربما نشترط عليه استئذان القضاء في الاستمرار في تنفيذ الالتزام الذي أصبح مرهقاً أو إعذار الطرف الآخر في العقد بما طرأ لأنه يحتفظ بحقه بالمطالبة تخفيض التزامه للظرف الطارئ وبذا نوفق بين مصلحة رب العمل في أن يستمر تنفيذ بنود العقد وبين مصلحة المقاول في الحفاظ على حقوقه وآمل من القضاء العراقي أن يتلافى بتطبيقاته هذا النقض فليس هناك ما يمنع من اتخاذه الموقف المتقدم.
ومن الله التوفيق

مراجع البحث
1. د. إسماعيل غانم, مصادر الالتزام, القاهرة, 1966.
2. د. هاشم الحافظ, تاريخ القانون, 1980 , بغداد.
3. زهير الزبيدي, الغبن والاستغلال بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية, مطبعة دار السلام, 1973.
4. د. حسن علي الذنون, النظرية العامة للالتزام, 1946, ج1.
5. د. صفاء الحافظ, نظرية القانون الاشتراكي.
6. د. صبيح مسكوني, القانون الروماني, ط1, بغداد, 1968.
7. عبد السلام الترمانيني, سلطة القاضي في تعديل العقود, القاهرة, 1961.
8. د. عمر ممدوح مصطفى, القانون الروماني, 1962.
9. د. عبد الرزاق السنهوري, الوسيط في شرح القانون المدني, ج1.
10. عدنان إبراهيم سرحان, الأوضاع الظاهرة ومدى حمايتها في القانون العراقي والمقارن, 1986.
11. د. عبد المجيد الحكيم, مصادر الالتزام, ج1, بغداد, 1963.
12. د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي, القضاء الإداري في العراق, 1965.
13. د. عبد الباقي البكري, المدخل لدراسة القانون والشريعة الإسلامية, 1972.
14. عبد الرحمن العلام, المبادئ القضائية لأحكام محكمة التمييز, 1957.
15. د. عصمت عبد المجيد بكر, نظرية الظروف الطارئة ودور القاضي في تطبيقها, بغداد, 1993.
16. د. عصمت عبد المجيد بكر, الغبن اللاحق وموقف القانون المدني العراقي منه, مجلة العدالة, 1978, ع1.
17. ميشيل فيليه, القانون الروماني, ترجمة د. هاشم الحافظ, بغداد, 1965.
18. د. محمد شريف أحمد, نظرية تفسير النصوص المدنية, 1979.
19. منير القاضي, شرح المجلة, ج1, 1949.
20. منير القاضي, شرح المجلة, ج4, 1949.
21. د. سليمان محمد الطاوي, الأسس العامة للعقود الإدارية, 1975, ط3.
22. سلمان بيات, القضاء المدني العراقي, ج1.
23. د. غازي عبد الرحمن ناجي, التوازن الاقتصادي في العقد أثناء تنفيذه.
24. فاضل شاكر النعيمي, نظرية الظروف الطارئة بين الشريعة والقانون.
25. الدوريات
- قضاء محكمة التمييز.
- النشرة القضائية.
- مجموعة الأحكام العدلية.
- مجلة القضاء.


الـــهـــوامـــش
1. د. عمر ممدوح مصطفى, القانون الروماني, 1962, ص4.
2. د . هاشم الحافظ, تاريخ القانون, 1980 , بغداد, ص73.
3. د. صبيح مسكوني, القانون الروماني, ط1, بغداد, 1968, ص232.
4. عبد السلام الترمانيني, سلطة القاضي في تعديل العقود,1961, ص6.
5. ميشيل فيليه, القانون الروماني, ترجمة د. هاشم الحافظ, بغداد, 1965, ص23.
6. فاضل شاكر النعيمي, نظرية الظروف الطارئة بين الشريعة والقانون, رسالة ماجستير, بغداد, 1960, ص25وص26.
7. ميشيل فيليه, المرجع السابق, ص25.
8. د.هاشم الحافظ, المرجع السابق, ص73.
9. زهير الزبيدي, الغبن والاستغلال بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية, 1973, ص52.
10. عبد السلام الترميناني, المرجع السابق, ص7.
11. د. عصمت عبد المجيد بكر, نظرية الظروف الطارئة ودور القاضي في تطبيقها, بغداد, 1993, ص10.
12. زهير الزبيدي, المرجع السابق, ص53.
13. د. عصمت عبد المجيد بكر, المرجع السابق, ص10.
14. د. عبد الرزاق أحمد السنهوري, الوسيط في شرح القانون المدني, مصادر الالتزام, ص707.
15. عبد السلام الترميناني, المرجع السابق, ص11, و د. عصمت عبد المجيد, المرجع السابق, ص10.
16. د. محمد شريف أحمد, نظرية تفسير النصوص المدنية, 1979, ص33.
17. فاضل شاكر النعيمي, المرجع السابق, ص157.
18. منير القاضي, شرح المجلة, الجزء الأول, 1949, ص78.
19. منير القاضي, شرح المجلة, الجزء الأول, 1949, ص81.
20. منير القاضي, شرح المجلة, الجزء الأول, 1949, ص89.
21. عدنان سرحان إبراهيم, الأوضاع الظاهرة ومدى حمايتها في القانون العراقي والمقارن, 1986, ص16.
22. د. عبد المجيد الحكيم, الموجز في شرح القانون المدني, ج1, مصادر الالتزام, بغداد, 1963, ص32.
23. د. غازي عبد الرحمن ناجي, التوازن الاقتصادي في العقد أثناء تنفيذه, منشورات مركز البحوث القانونية, 13, بغداد, 1986, ص29.
24. د. عبد الرزاق السنهوري, المرجع السابق, ص709.
25. المرجع السابق, ص711.
26. المرجع السابق, ص711.
27. المرجع السابق, ص713.
28. د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي, القضاء الإداري في العراق, القاهرة, 1965, ص3.
29. د. غازي عبد الرحمن, المرجع السابق, ص33.
30. د. سليمان محمد الطاوي, الأسس العامة للعقود الإدارية, 1975, ط3, ص627.
31. المرجع السابق, ص627.
32. د. عبد الباقي البكري, المدخل لدراسة القانون والشريعة الإسلامية, 1972, ص696.
33. د. عبد الباقي البكري, المرجع السابق, ص722.
34. د. صفاء الحافظ, نظرية التطبيق الاشتراكي, ص25.
35. د. عبد الرزاق السنهوري, المرجع السابق, ص716.
36. د. عبد الرزاق السنهوري, المرجع السابق, ص716.
37. د. عصمت عبد المجيد بكر, المرجع السابق, ص12, 13.
38. منير القاضي, شرح المجلة, الجزء الرابع, 1949, ص233.
39. زهير الزبيدي, المرجع السابق, ص37.
40. د. عصمت عبد المجيد بكر, الغبن اللاحق وموقف القانون المدني العراقي منه, مجلة العدالة, العدد الأول, السنة الرابعة, 1978, ص30.
41. د. حسن علي الذنون, النظرية العامة للالتزام, ج1, مصادر الالتزام, 1946, ص149.
42. قرار محكمة التمييز المرقم 259/هيئة عامة أولى/1971, النشرة القضائية, العدد الثاني, السنة الثالثة, ص66.
43. رقم القرار 244/مدنية ثالثة/1973, النشرة القضائية, العدد الثاني, السنة الرابعة, ص122.
44. رقم القرار 588/مدنية ثانية/73 في 22/4/1974, النشرة القضائية, العدد الثاني, السنة الخامسة, ص93.
45. رقم القرار 923/حقوقية/1966 في 24/11/1966, قضاء محكمة التمييز, المجلد الرابع, 1970, ص127.
46. رقم القرار 2240/56 أورده سلمان بيات في كتابه ( القضاء المدني العراقي ), ج1, ص149.
47. رقم القرار 109/مدنية أولى/74 في 11/9/1974, النشرة القضائية, العدد الثالث, السنة الخامسة, ص48.
48. د. عصمت عبد المجيد بكر, نظرية الظروف الطارئة, المرجع السابق, ص34.
49. د. إسماعيل غانم, مصادر الالتزام, القاهرة, 1966, ص316.
50. د. حسن علي الذنون, المرجع السابق, ص149.
51. رقم القرار 266/68 في 31/3/1968, قضاء محكمة التمييز, المجلد الخامس, ص309.
52. رقم القرار 1843/حقوقية/67 في 30/12/1967, قضاء محكمة التمييز, المجلد الرابع, ص393.
53. رقم القرار 754/مدنية أولى/79 في 25/4/1981 أورده غازي عبد الرحمن في المرجع السابق, ص81.
54. القرار أشار إليه د. عصمت عبد المجيد في المرجع السابق, ص38.
55. د. عبد الباقي البكري, شرح القانون المدني العراقي, ج3, بغداد, 1971, ص37.
56. رقم القرار 722/حقوقية/1969, قضاء محكمة التمييز, المجلد السادس, ص322.
57. رقم القرار 109/مدنية أولى/1974, النشرة القضائية, العدد الثالث, السنة الخامسة, ص48.
58. رقم القرار 923/حقوقية/1966 في 24/11/1966, قضاء محكمة التمييز, المجلد الرابع, ص128.
59. رقم القرار 1383/حقوقية/958 في 5/10/1958, منشور في القضاء المدني العراقي, ج1, سلمان بيات, ص159.
60. رقم القرار 511/حقوقية/58 في 14/4/1958, القضاء المدني العراقي, ج1, سلمان بيات, ص158.
61. فاضل شاكر النعيمي, المرجع السابق, ص135.
62. رقم القرار 1229/ح/967 في 27/1/1968, قضاء محكمة التمييز, المجلد الخامس, ص307, وانظر القرار المرقم 1558/م3/91 في 25/1/1992 (غير منشور).
63. رقم القرار 698/56, القضاء المدني العراقي, ج1, سلمان بيات, ص148.
64. رقم القرار 206/مدنية أولى/978 في 25/12/1987, الأحكام العدلية, العدد الرابع, السنة التاسعة, ص25. وانظر القرار المرقم 1307/م3/منقول/992 في 5/7/1992 (غير منشور).
65. رقم القرار 495/هيئة عامة/1978 في 19/5/1979, مجموعة الأحكام العدلية, العدد الثاني, السنة العاشرة, ص45. وانظر كذلك القرار التمييزي المرقم 1504/مدنية أولى/79 في 6/7/1981, المنشور في مجموعة الأحكام العدلية, العدد الثالث, السنة الثانية عشر, 1981, ص14.
66. رقم القرار 1501/حقوقية/59 في 18/8/1959, القضاء المدني العراقي, ج1, سلمان بيات, ص163.
67. رقم القرار 23/موسعة/989 في 4/4/1989, مجلس القضاء, العدد الثاني, السنة 45, 1990, ص216.
68. رقم القرار 1649/م/1994 في 19/3/1996, مجلة القضاء, الأعداد 1و2و3و4 لعام 1996, السنة الحادية والخمسون, ص24و25.
69. د. عبد المجيد الحكيم, المرجع السابق, ص344.
70. رقم القرار 891/مدنية رابعة/973 في 29/9/1973, النشرة القضائية, العدد الثالث, السنة الرابعة, ص103.
71. رقم القرار 451/مدنية رابعة/975 في 27/1/1976, مجموعة الأحكام العدلية, العدد الأول, السنة السابعة, ص38.
72. رقم القرار 327/ح/955 في 4/10/1955, منشور في المبادئ القضائية, القسم المدني, عبد الرحمن العلام, ص247.
73. د. حسن علي الذنون, المرجع السابق, ص150.
74. د. عبد الرزاق السنهوري, المرجع السابق, ص727.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]










التوقيع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
AliTilA

AliTilA
عضو مؤسس
عضو مؤسس

نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني 115810
تَارِيخْ التَسْجِيلْ: : 22/01/2010
العُــمـــْـــــر: : 40
المُسَــاهَمَـــاتْ: : 458
النـِقَـــــــــاطْ: : 5765

نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني Vide





مُساهمةموضوع: رد: نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني   نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 8:03 pm

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

نظرية الظروف الطارئة وأثر اختلال التوازن الاقتصادي في تنفيذ العقود الجزء الثاني

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس :: قسم العلوم الانسانية والاجتماعية :: || منتدى الحقوق~-

 
©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع