منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
الأهلية القانونية الجزء الثاني Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
الأهلية القانونية الجزء الثاني Reg11
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  



منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباسالأهلية القانونية الجزء الثاني

FacebookTwitterEmailWindows LiveTechnoratiDeliciousDiggStumbleponMyspaceLikedin
شاطر | 
 

 الأهلية القانونية الجزء الثاني

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
avatar

MOOH
عضو فعال
عضو فعال

الأهلية القانونية الجزء الثاني 115810
تَارِيخْ التَسْجِيلْ: : 30/03/2010
العُــمـــْـــــر: : 52
المُسَــاهَمَـــاتْ: : 210
النـِقَـــــــــاطْ: : 5773

الأهلية القانونية الجزء الثاني Vide





مُساهمةموضوع: الأهلية القانونية الجزء الثاني   الأهلية القانونية الجزء الثاني Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 8:27 pm




[right] المرحلة الثالثة.... البالغ الرشيد:
ببلوغ الشخص سن الرشد وهو إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة ( ) متمتعاً بقواه العقلية ويكون كامل الأهلية أهلاً لمباشرة كافة أنواع التصرفات القانونية .

وتزول الولاية عن الصبي المميز ، بحكم القانون ، ببلوغه سن الرشد ، أما إذا آنس الولي على المولى عليه انه سيبلغ غير رشيداً أي بنقص في قواه العقلية فله أن يطلب إلى القضاء استمرار الولاية عليه حتى إلى بعد بلوغه سن الرشد ، فإذا استوثقت المحكمة من صدق قول الولي ، أي من قيام العارض أو عدم إيناس الرشد ، تقضي باستمرار الولاية على الصبي .

أما إذا بلغ الصبي رشيداً ، فإن الولاية تنتهي عنه ، فإذا قام به عارض من عوارض الأهلية ، فلا سبيل لعودة الولاية عليه مرة أخرى وليس هناك من سبيل سوى إتباع إجراءات الحجر عليه .

وكذلك تنتهي الوصاية على القاصر ببلوغ سن الرشد إلا إذا تقرر استمرار الوصاية عليه قبل بلوغ هذه السن، أما إذا بلغ الشخص وهو غير متمتع بقواه العقلية أو بلغ ثم أصيب بعاهة تفقده عقله أو تنقصه ، كان معدوم الأهلية أو ناقصها وهو ما يسمى بعوارض الأهلية.

المبحث الثاني

.. عوارض الأهلية ..

ما يعرض للأهلية من عوارض قد يعدمها أو ينقصها ، وهو قد يصيب العقل كالجنون والعته والسفه والغفلة وقد يصيب الجسم فيجعل الشخص غير قادر على القيام بأمر نفسه كإصابة الحواس ، وبعضها يحول بين الشخص والإشراف على أمواله وتصريف شئونه كالغيبة وسوف نتعرض لكل عارض من هذه العوارض على حده .

الجنون والعته والسفه :
المطلب الأول ... الجنون... وهو آفة تصيب العقل فتذهب به ، ويؤدي الجنون إلى فقد التمييز ، ولا يفرق القانون الوضعي ، مثل ما فعلت الشريعة الإسلامية ، بين الجنون المطبق والجنون المتقطع ( ) ، فتصرفات المجنون تقع باطلة بطلاناً مطلقاً متى صدرت بعد تسجيل قرار الحجر عليه ، دون تمييز بين ما يصدر منه في فترة الجنون وما يصدر في فترة الإفاقة .

المطلب الثاني ... العته ... فهو أيضاً آفة تصيب العقل فتجعله مختلاً فهي لا تذهب بالعقل كالجنون، فيكون تصرف المعتوه مختلاً يشبه تصرف العقلاء أحياناً وتصرف المصابين بالجنون أحياناً أخرى.

ولقد سوى المشرع بين المجنون والمعتوه في الحكم فأعتبرهما عديمي الأهلية ( )، ويحكم بالحجر على المجنون والمعتوه إذا كان بالغاً ، ولا يرفع عنه الحجر إلا بحكم ، أما إذا ظهرت علامات الجنون أو العته قبل بلوغ سن الرشد ، أي قبل انتهاء الولاية أو الوصاية ، فإنه يجوز الحكم في هذه الحالة باستمرار الولاية أو الوصاية .

حكم تصرفات المجنون والمعتوه: ـ
نصت المادة 114 من القانون المدني المصري على أنه... " يقع باطلاً تصرف المجنون والمعتوه إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر، أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر ، فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها ."( ) .

ويؤخذ من ذلك وجوب تسجيل قرار الحجر، وبطلان ما يقع بعد ذلك من تصرفات من المجنون أو المعتوه ولا فرق في ذلك بين ما إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو غير شائعة ، معلومة للطرف الآخر أو غير معلومة ، ولا بين ما إذا كان العته يذهب التمييز أو لا يذهب به مادام قرار الحجر لم يبين ذلك ، وقد أجازت المواد 1026 وما بعدها من قانون المرافعات المصري طلب الحجر ورتبت عليه إمكان الاحتجاج على الغير بقرار الحجر من وقت تسجيل الطلب ( ) ، أم التصرفات السابقة على تسجيل قرار الحجر ، أو على تسجيل طلب الحجر إن كان قد سجل ، فيشترط في بطلانها ثبوت حالة الجنون أو العته الذي يذهب بالتمييز وقت التعاقد وذيوع هذه الحالة أو علم الطرف الآخر بها (144) ، ويكتفي بثبوت أحد هذين الأمرين لإبطال التصرف ، ولا يشترط ـ كما هو الحال بالنسبة للسفيه وذي الغفلة ـ كون التصرف نتيجة استغلال أو تواطؤ ( ).

المطلب الثالث .... السفيه.... وهو من يبذر المال على غير مقتضى العقل والشرع ولو كان في سبيل الخير ( ).

وهما يشتركان بوجه عام في معنى واحد وهو ضعف بعض الملكات الضابطة للنفس ، إلا أن الصفة المميزة للسفه هي أنها تعتري الإنسان فتحمله على تبذير المال وإتلافه على خلاف مقتضى العقل و الشرع ، أما الغفلة فإنها تعتبر صورة من صور ضعف الملكات النفسية ترد على حسن الإدارة والتقدير ، وهي على هذا الوصف وغن كان يرجع في لإثباتها أو نفيها لذات التصرفات التي تصدر من الشخص إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من أن تستمد محكمة الموضوع أيضاً الدليل إثباتاً ونفياً من أقوال المحجور عليه في التحقيقات ومن مناقشتها له ( ) .

ويرى أبو حنيفة عدم جواز الحجر على السفيه وذي الغفلة ولكن الصاحبين والأئمة الثلاثة يرون جوازه .

وقد أخذ المشرع المصري بهذا الرأي الأخير حيث تنص المادة 113 مدني على أن " المجنون والمعتوه وذو الغفلة والسفيه تحجر عليهم المحكمة وترفع الحجر عنهم وفقاً للقواعد وللإجراءات المقررة في القانون " ، كما تنص المادة 65 من قانون الولاية على المال على أن يحكم بالحجر على البالغ للجنون أو العته أو للسفه أو للغفلة ولا يرفع عنه الحجر إلا بحكم.

ومتى أوقعت المحكمة الحجر عليهما صارا ناقصي الأهلية كالصبي المميز ، فيسري على تصرفاتهما التالية لتسجيل قرار الحجر ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام ( المادة 115 فقرة أولى ) أي تكون باطلة أو قابلة للإبطال دون حاجة إلى إثبات أن التصرف كان نتيجة استغلال وتواطؤ ( )، أما التصرفات السابقة على تسجيل قرار الحجر فلا تكون باطلة إن كانت من التبرعات ، ولا قابلة للإبطال إن كانت من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر، إلا إذا كانت نتيجة الاستغلال أو التواطؤ ( المادة 115 فقرة ثانية ) (152) ، ويزول حق التمسك بإبطال التصرفات الدائرة بين النفع والضرر إذا أجاز المحجور عليه التصرف بعد رفع الحجر عنه أو إذا صدرت الأجازة من القيم أو من المحكمة بحسب الأحوال وفقاً للقانون (153) ، وتكون أعمال الإدارة الصادرة من المحجور عليه لسفه أو غفلة المأذون له في تسلم أمواله (المادة 116 فقرة ثانية مدني مصري والمادة 67 من قانون الولاية على المال ) ( ) ويشترط في القيم ما يشترط في الوصي ( المادة 69 ) ( ) ويكون له ما للوصي من ولاية وتسري عليه الأحكام المقررة في شأن الأوصياء .

والعاهة الجسمية إما أن تكون مزدوجة كأن يكون الشخص البالغ العاقل أصم أبكم ( ) أو أعمى أبكم ، أو أعمى أصم ، ويتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته ، وإما أن تحدث بالشخص عجزاً جسمانياً شديداً يخشى معه من إنفراده بمباشرة التصرف في ماله .

وقد أجازت المادة 117 مدني في الحالة الأولى والمادة 70 من قانون الولاية على المال في كلتا الحالتين أن تعين المحكمة لهذا الشخص مساعداً قضائياً يعاونه في التصرفات التي يحتاج فيها الوصي إلى إذن المحكمة ( ) ويعتبر تعيين المساعد القضائي بمثابة الحجر على من عين له ولكنه حجر مقصور على التصرفات المذكورة ، ويكون قابلاً للإبطال كل تصرف من هذه التصرفات متى صدر من الشخص الذي تقررت مساعدته قضائياً بغير معاونة المساعد إذا صدر التصرف بعد تسجيل طلب المساعدة أو بعد تسجيل قرار المساعدة إن لم يكن الطلب قد سجل .

ولكن لا يجوز للمتعاقد الآخر أن يتمسك في دفع دعوى الإبطال بعدم تسجيل قرار المساعدة إلا إذا كان حسن النية أي إذا كان يجهل صدور هذا القرار ، وإذا انفرد المساعد بالتصرف يكون حكم تصرفه كحكم تصرف الولي أو الوصي خارج حدود ولايته أي أنه يقع موقوفاً على قبول من تقررت مساعدته قضائياً .

المبحث الثالث

الفرق بين الأهلية وأحكام الولاية علي المال( )

تقدم أن أهلية الأداء هي صفة تقوم بشخص تجعله صالحاً لأن يباشر بنفسه عملاً من الأعمال القانونية المتعلقة بحق أو التزام تكون لهذا الشخص بالنسبة إليه أهلية الوجوب ، أو هي بعبارة أخرى صلاحية الشخص للقيام بالأعمال القانونية باسمه ولحساب نفسه بقصد إحداث آثارها في شخصه أو في ذمته المالية .

أما الولاية فهي صفة تقوم بشخص تجعل له سلطاناً على غيره في نفسه أو ماله أو فيهما جميعاً جبراً عنه ( ) ، أو هي بعبارة أخرى صلاحية الشخص للقيام بالأعمال القانونية باسم شخص آخر يكون هو نائباً عنه بحكم القانون ولحساب هذا الشخص أي بقصد إحداث آثارها في شخص الأصيل أو في ذمته المالية ، وجدير بالذكر أن نيابة الولي عن القاصر نيابة قانونية ويتعين حتى ينصرف أثر العمل الذي يقوم به القاصر أن يكون هذا العمل في حدود نيابته ، أما إذا جاوز الولي هذه الحدود فإنه يفقد صفة النيابة ولا ينتج العمل الذي قام به أثره بالنسبة إلى القاصر ، ولا يجوز الرجوع على هذا الأخير إلا بقدر المنفعة التي عادت عليه بسببها ( ) .

ونكتفي بهذه الإشارة إذ أن الاستطراد سيأخذنا إلى عالم القانون المدني الواسع ويبعد بنا عن مقصد بحثنا.


الفصل الأول
تعريفات

وهي تتمثل في المسئولية الجنائية للشخص ، وقد أخذ المشرع المصري وغالبية التشريعات القائمة بفكرة المذهب التقليدي فالشخص الذي يلتزم بتحمل العقاب أو الذي يتحمل المسئولية الجنائية ليس هو كل آدمي فحسب ، بل هو الآدمي الذي تتوافر له صلاحية أو أهلية معينة ، وهي أهلية تتركب من العناصر التي يقوم منها أساس المسئولية الأدبية ، وهي الإدراك والإرادة .

وفي إشارة إلى هذه الأهلية ، تلجأ بعض التشريعات إلى النص عليها بطريقة إيجابية مباشرة ، كالقانون الإيطالي إذ نصت المادة 85 منه على أنه " لا عقاب على من يرتكب فعلاً يعده القانون جريمة إذ لم يكن وقت ارتكابها أهلاً للتكليف ، ولا يكون كذلك إلا إذا توافرت له القدرة على الإدراك والإرادة " .

كما لجأت بعض التشريعات الأخرى إلى النص عليها بطريقة سلبية بأن تحصر الحالات التي ترى أنها تمنع قيام المسئولية ، ومنها عدم توافر الأهلية للمسئولية ، كالقانون الفرنسي ، إلا أن المشرع المصري لم يسلك أحد السبيلين ، فهو قد تكلم عن حالة الضرورة في المادة 61 ، ثم وضع مبدأ عاماً في الفقرة الأولى من المادة 62 بقوله : لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، ثم نص في قانون الأحداث على أنه لا تقام الدعوى على الصغير الذي لم يبلغ من العمر سبع سنوات ولهذا يبدو أن المشرع المصري لم يشأ حصر موانع المسئولية ، بل وضع قاعدة عامة في المادة 62 تطبق على كل حالة مماثلة ، بيد أنه على الرغم من ذلك فإن مفهومه انه يشترط لتوافر المسئولية الجنائية بالنسبة للشخص أن يكون أهلاً لتحملها ، بأن يتوافر لديه الإدراك والإرادة ، ومن ثم فإذا انعدم أيهما امتنعت المسئولية لعدم الأهلية ، لذلك فإننا نعرض لكل منهما في مبحث مستقل .

الإدراك والعلم...
الإدراك باعتباره عنصراً من عناصر الأهلية للمسئولية ـ يقصد به ذات الملكة العقلية التي تؤهل الإنسان وتجعله قادراً على أن يعلم بالأشياء وطبيعتها ويعرفها ويتوقع الآثار التي من شأنها إحداثها ، أي تجعله قادراً على الإحاطة بالأمور والأحداث وتفهم الماهيات الحسية ، أي المعرفة بالمعاني والمفهومات الذهنية بحيث يستطيع التمييز بينها ويعلم بعواقبها ويقدر نتائجها ، وهذه الملكة أو هذا الاستعداد يتوافر لدى الإنسان ببلوغه سناً معينة من النضج العضوي والعقلي ، سنا قام المشرع بتحديدها في نصوص القانون ، يتميز بالعلم والمعرفة بالأحداث والوقائع وتطابق تلك المعرفة مع حقيقة موضوعها ، فهي عبارة عن ملكة الإدراك الذهني في حالة نشاطها وما عليها حيث يستعيض الإنسان في عقله عن المحسوسات برموزها ومعانيها ومفاهيمها أي بصورها الذهنية .

هذا العلم بمعناه السابق هو الذي يعتبر عنصراً من العناصر التي تتركب منها الصورة العمدية للركن المعنوي اللازم لقيام المسئولية الجنائية ، وليس عنصراً من عناصر الأهلية لتحمل التبعة الجنائية .

وفرق بين أمرين ، لأن الأهلية عبارة عن حالة أو وصف يقوم بشخص الجاني ، أي هي تكييف يتوافر بالشخص متى اتضح أن ملكاته الذهنية واستعداده العقلي قد خلقت فيه بحالة طبيعية وعادية وقت ارتكاب الجريمة ، ولهذا فإنه من المتصور أن يكون الشخص أهلاً لتحمل المسئولية بأن تتوافر فيه ملكة الإدراك والاستعداد للعلم ، ومع ذلك يثبت انه يجهل بتوافر عنصر من عناصر الجريمة ، وبذلك تمتنع مسئوليته لانعدام القصد الذي تتميز به الصورة العمدية لركنها المعنوي ، وعلى ذلك فالمجنون أو صغير السن يستطيع أن يرتكب القتل العمد أو القتل بإهمال ، وتمتنع مسئوليته الجنائية ، وذلك بسبب عدم توافر أهليته للالتزام بالعقاب ، ومن الأهمية بمكان تعيين أي السببين هو الذي حال دون قيام المسئولية ، فإذا كان هو انعدام العمد أو الخطأ ، فإن الفعل لا يدل على أن صاحبه يخشى منه خطر ، إنما إذا كان هو انعدام الأهلية ، فإن من الجائز اتخاذ التدابير الوقائية رغم امتناع المسئولية .

المبحث الأول
الإرادة وحريتها...
أما الإرادة باعتبارها عنصراً من عناصر الأهلية للمسئولية ، فيقصد بها ذات القوة أو القدرة النفسية التي يستطيع بها الشخص أن يتحكم في سلوكا إيجابياً معيناً أو يمتنع عنه أو يعدل فيه ، فهي قدرته على تحديد الوجهة التي تتخذها إرادته ، هذه القوة أو القدرة النفسية لا تتوافر أيضاً لشخص إلا إذا كان قد بلغ سن النضوج ـ العضوي والنفسي ـ الذي حدده المشرع في نصوصه ، والذي يمكنه من التحكم الشخصي في سلوكه ومن السيطرة الذاتية على أفعاله ، أما نفس عملية التحكم والسيطرة الذاتية على السلوك والاختيار في حرية ، فهي عبارة عن ذات القدرة النفسية في حالة نشاطها وفاعليتها بحيث تستطيع أن تتحكم مراكز الإدارة في مراكز الحركة العضوية فيختار الشخص أن يكف عن حركة أو يعدل فيها أو يخرجها إلى حيز الوجود الواقعي بعيداً عن كافة المؤثرات التي تعدم تلك الحرية في الاختيار الذاتي أو تضيق نطاقها ، حرية الإرادة أو حرية الاختيار هي إذن الحالة التي يتمثل فيها العنصر الأساسي التي تتركب منه كل صور الركن المعنوي للمسئولية الجنائية العمدي منها وغير العمدي ( ) .
المبحث الثاني
صغر السن في الشريعة الإسلامية

لما كانت الشريعة الإسلامية تعتبر أول شريعة في العالم ميزت بين الصغار والكبار من حيث المسئولية الجنائية تمييزاً كاملاً ، وأول شريعة وضعت لمسئولية الصغار قواعد لم تتطور ولم تتغير من يوم أن وضعت ولكنها بالرغم من مضي ثلاثة عشر قرناً عليها تعتبر أحداث القواعد التي تقوم عليها مسئولية الصغار في عصرنا الحاضر .

ولقد بدأت القوانين الوضعية تأخذ ببعض المبادئ التي وضعتها الشريعة لمسئولية الصغار بعد الثورة الفرنسية ، ثم أخذت تتطور باستمرار بتأثير تقدم العلوم الطبية والنفسية ، ولكن القوانين الوضعية بالرغم من تطورها تطوراً عظيماً لم تأت بعد بجديد لم تعرفه الشريعة الإسلامية .

ولا نستطيع أن نتصور مدى فضل الشريعة الإسلامية إلا إذا عرفنا ما كانت عليه حالة الصغار في القوانين القديمة التي كانت تعاصر الشريعة عند نزولها ، وأهم هذه القوانين القديمة هو القانون الروماني أساس القوانين الأوروبية الحديثة ، فهذا القانون كان بحق أرقى القوانين الوضعية كافة ، ولكنه لم يميز بين مسئولية الصغار والكبار إلا إلى حد محدود ، فقد كان يميز بين الطفل في سن السابعة وما بعدها ويجعل الصغير مسئولاً جنائياً إذا زاد سنه عن سبع سنوات ، ولا يجعله مسئولاً إذا قل سنه عن سبع سنوات إلا إذا كان قد ارتكب الجريمة بنية الإضرار بالغير ففي هذه الحالة يكون مسئولاً جنائياً عن عمله ، وشتان بين ما جاءت به الشريعة الإسلامية .

وتقوم المسئولية الجنائية في الشريعة الإسلامية كما بينا من قبل على عنصرين أساسيين : هما الإدراك والاختيار ، ولهذا تختلف أحكام الصغار باختلاف الأدوار التي يمر بها الإنسان من وقت ولادته إلى الوقت الذي يستكمل فيه ملكتي الإدراك والاختيار ، والإنسان حين يولد يكون عاجزاً بطبيعته عن الإدراك والاختيار ، ثم تبدأ ملكتا الإدراك والاختيار في التكون شيئاً فشيئاً حتى يأتي على الإنسان وقت يستطيع فيه الإدراك إلى حد ما ولكن إدراكه يكون ضعيفاً وتظل ملكاته تنمو حتى يتكامل نموه العقلي ، وعلى أساس هذا التدرج في تكوين الإدراك وضعت قواعد المسئولية الجنائية ، وفي الوقت الذي يكون فيه الإدراك ضعيفاً تكون المسئولية تأديبية لا جنائية ، وفي الوقت الذي يتكامل فيه الإدراك يكون الإنسان مسئولاً جنائياً .

ومؤدى ما سبق أن المراحل التي يجتازها الإنسان من يوم ولادته حتى بلوغه سن الرشد ثلاث مراحل كل منهما في مطلب مستقل :
الأولى: مرحلة انعدام الإدراك ويسمى الإنسان فيها بالصبي غير المميز.
الثانية: مرحلة الإدراك الضعيف ويسمى الإنسان فيها بالصبي المميز.
الثالثة: مرحلة الإدراك التام ويسمى فيها الإنسان فيها بالبالغ والراشد.

المطلب الأول
المرحلة الأولى... انعدام الإدراك...

تبدأ هذه المرحلة بولادة الصبي وتنتهي ببلوغه السابعة اتفاقا ، وفي هذه المرحلة يعتبر الإدراك منعدماً في الصبي ويسمى بالصبي غير المميز ، والواقع أن التمييز ليس له سناً معيناً يظهر فيه أو يتكامل بتمامه ، فالتمييز قد يظهر في الصبي قبل بلوغ السابعة وقد يتأخر عنها تبعاً لاختلاف الأشخاص واختلاف بيئاتهم واستعدادهم الصحي و العقلي ، ولكن الفقهاء حددوا مراحل التمييز أي الإدراك بالسنوات حتى يكون الحكم واحد للجميع ناظرين في ذلك إلى الحالة الغالبة في الصغار ، وقد كان هذا التحديد ضرورياً لمنع اضطراب الأحكام ، ولأن جعل التمييز مشروطاً بسن معينة يمكن القاضي أن يتعرف بسهولة إن كان الشرط تحقق أم لا ، لأن هذا الشرط وصف محسوس يسهل ضبطه والتعرف عليه .

ويعتبر الصبي غير مميز مادام لم يبلغ سبع سنوات ولو كان أكثر تمييزاً ممن بلغ هذه السن ، لأن الحكم للغالب وليس للأفراد ،وحكم الغالب أن التمييز يعتبر منعدما قبل بلوغ سن السابعة ، فإذا ارتكب الصغير أية جريمة قبل بلوغه السابعة فلا يعاقب عليها جنائياً ولا تأديبياً ، فهو لا يحد إذا أرتكب جريمة توجب الحد ولا يقتص منه إذا قتل غيره أو جرحه ولا يعزر .

ولكن إعفائه من المسئولية الجنائية لا يعفيه من المسئولية المدنية عن كل جريمة يرتكبها ، فهو مسئول في ماله الخاص عن تعويض أي ضرر يصيب به غيره في ماله أو نفسه ، ولا يرفع عنه انعدام التمييز المسئولية المدنية كما يرفع المسئولية الجنائية ، لأن القاعدة الأصلية في الشريعة الإسلامية أن الدماء والأموال معصومة أي غير مباحة ، وأن الأعذار الشرعية لا تنافي هذه العصمة أي أن الأعذار لا تهدر الضمان ولا تسقطه ولو أسقطت العقوبة .

المطلب الثاني
المرحلة الثانية ... الإدراك الضعيف...

تبدأ هذه المرحلة ببلوغ الصبي السابعة من عمره وتنتهي بالبلوغ، ويحدد عامة الفقهاء سن الخامسة عشر عاماً فإذا بلغ الصبي هذه السن أعتبر حكماً ولو كان لم يبلغ فعلاً .

ويحدد أبو حنيفة شخصياً سن البلوغ بثمانية عشر عاماً ، وفي قول بتسعة عشر عاماً للرجل وسبعة عشر عاماً للمرأة ، والرأي المشهور في مذهب مالك يتفق مع رأي أبي حنيفة إذ يحدد أصحابه سن البلوغ بثمانية عشر عاماً .

وفي هذه المرحلة لا يسأل الصبي المميز عن جرائمه مسئولية جنائية ، فلا يحد إذا سرق أو زنى مثلاً ، ولا يقتص منه إذا قتل أو جرح ، وإنما يسأل مسئولية تأديبية فيؤدب على ما يأتيه من الجرائم .

والتأديب وإن كان في ذاته عقوبة على الجريمة إلا أنه عقوبة تأديبية لا جنائية ، ويترتب على اعتبار العقوبة تأديبا أن لا يعتبر الصبي عائداً مهما تكرر تأديبه ، وإن لا يوقع عليه من عقوبات التعزير إلا ما يعتبر تأديباً كالتوبيخ والضرب .

ويسأل الصبي المميز مدنياً عن أفعاله ولو أنه لا يعاقب عليها بعقوبة جنائية للأسباب التي ذكرناها من قبل عند الكلام على الصبي غير المميز.

المطلب الثالث

المرحلة الثالثة... مرحلة الإدراك التام...

وتبدأ ببلوغ الصبي سن الرشد، أي ببلوغه الخامس عشر من عمره على رأي عامة الفقهاء، أو ببلوغه العام الثامن عشر من عمره على رأي أبو حنيفة ومشهور مذهب مالك ( ).

وفي هذه المرحلة يكون الإنسان مسئولاً جنائياً عن جرائمه أياً كان نوعها فيحد إذا زنى أو سرق ، ويقتص منه إذا قتل أو جرح ، ويعزر بكل أنواع التعازير .

تحديد سن البلوغ : الأصل عند الفقهاء جميعاً في تحديد سن البلوغ
قوله صلى الله علية وسلم
" رفع القلم عن ثلاثة : الصبي حتى يحتلم ، والنائم حتى يستيقظ ، والمجنون حتى يفيق " .
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومعنى رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم هو جعل الاحتلام غاية لارتفاع الخطاب، والأصل أن الخطأ بالبلوغ، فدل الحديث على أن البلوغ يثبت بالاحتلام، لأن البلوغ والإدراك عبارة عن بلوغ المرء كمال الحال، وذلك بكمال القدرة والقوة على استعمال سائر الجوارح السليمة ، وهذا يتحقق على الكمال عند الاحتلام .

وإذا كان البلوغ بالاحتلام فإن بلوغ الغلام يعرف بالاحتلام والاحبال والإنزال ، وبلوغ الجارية يعرف بالحيض والاحتلام والحبل ، فحدده أغلب الفقهاء بخمسة عشر عاماً للغلام والجارية جميعاً ، وحجتهم أن المؤثر في الحقيقة هو العقل وهو الأصل في المسئولية وبه قوام الأحكام ، وإنما جعل الاحتلام حدا للبلوغ شرعاً ولكن الاحتلام دليل على كمال العقل ، والاحتلام لا يتأخر عادة عن خمس عشرة عاماً ، فإذا لم يحتلم إنسان حتى هذه السن فذلك يرجع لآفة في خلقته ، والآفة في الخلقة لا توجب آفة في العقل ، فكان العقل دائماً بلا آفة ووجب اعتبار الشخص بالغاً تلزمه الأحكام .

وأما من يحددون البلوغ بثمانية عشر عاماً أو بتسعة عشر عاماً فحجتهم أن الشرع علق الحكم والخطاب بالاحتلام فوجب بناء الحكم عليه ، ولا يرتفع الحكم عنه ما لم يتيقن بعدمه ويقع اليأس عن وجوده ، وإنما يقع اليأس بهذه المدة ، لأن الاحتلام إلى هذه المدة متصور في الجملة فلا يجوز إزالة الحكم الثابت بالاحتلام عنه مع الاحتمال، أي أنه مادام الاحتلام مرجوا وجب الانتظار ولا يأس خمس عشرة سنة إلى ثماني عشرة أو تسع عشر بل هو مرجو فلا يقطع الحكم الثابت بالاحتلام عنه مع رجاء وجوده ، بخلاف ما بعد هذه المدة فإنه لا يحتمل وجوده بعدها فلا يجوز اعتباره في زمان اليأس عن وجوده ( ) .

المبحث الثالث
عقوبة الصبي غير المميز :

عقوبة الصبي غير المميز هي كما قدمنا عقوبة تأديبية خالصة وليست عقوبة جنائية ، لأن الصبي ليس من أهل العقوبة .

ولم تحدد الشريعة نوع العقوبات التأديبية التي يمكن توقيعها على الصبيان وتركن لولي الأمر أن يحددها على الوجه الذي يتراءى له ، ومن المسلم به لدى الفقهاء أن التوبيخ والضرب من العقوبات التأديبية .

وترك تحديد العقوبات التأديبية لولي الأمر يمكن من اختيار العقوبة الملائمة للصبي في كل زمان ومكان ، فيجوز لولي الأمر أن يعاقب بالضرب أو التوبيخ ، أو التسليم لولي الأمر أو لغيره ، أو بوضع الصبي في إصلاحية أو في مدرسة ، أو بوضعه تحت مراقبة خاصة ، إلى غير ذلك من الوسائل التي تؤدي إلى تأديب الصبي وتهذيبه ، وإبعاده عن الوسط الذي يعيش فيه .

واعتبار العقوبة تأديبية لا جنائية يؤدي إلى عدم اعتبار الصبي بعد بلوغه عائداً بما عوقب به من قبل البلوغ ، وهذا مما يساعده على سلوك الطريق السوي ويمهد لنسيان الماضي ( ).

المبحث الرابع

قصور الملكات العقلية والذهنية

المطلب الأول

قصور الملكات العقلية بسبب صغر السن :
يعتبر صغر السن من بين الأعذار القانونية المخففة للمسئولية، وهذا العذر القانوني له أهمية خاصة، إذ أنه يتعلق بفئة صغار السن الذين يتنكبون السبيل القويم في سن مبكرة، وليس هناك شك بأن الملكات العقلية والذهنية للإنسان هي التي يتوقف عليها وعيه كما تتوقف عليها إرادته ، كما أنه ليس هناك من يشك من ناحية أخرى في أن تلك الملكات لا تولد مع الإنسان في يوم مولده وإنما يتراخى ميلاد تلك الملكات فترة بعد الميلاد ثم تبدأ هذه الملكات في التطور والنضوج مع تقدم العمر وتعرض الطفل للخبرة والتجارب حتى يكتمل نضجها الطبيعي في سن معين ، وعلى هذا فإن صغر السن كما قد يكون سبباً في انتفاء الوعي كلية قد يكون سبباً في قصوره أو عدم كفايته ، والمسئولية الجنائية ينبغي أن تتعامل على أساس تلك الحقيقة ، ألا وهي أن الوعي والإرادة لا يتوافران للصغير دفعة واحدة وإنما تدرجا الأمر الذي يفرض ارتباط مسئولية الحدث الجنائية من حيث وجودها ومن حيث وجودها ومن حيث جوهرها وطبيعة الجزاء المترتب عليها بمدى نصيب الحدث من الوعي والإرادة وهو ما تسلم به كافة التشريعات .

المطلب الثاني

معاملة الأحداث في القانون المصري والكويتي :ـ

انتهج المشرع الكويتي نهجاً مطابقاً لنهج المشرع المصري فيما يتعلق بمعاملة الأحداث فقد تقررت معاملة الأحداث أو القصر في القانون المصري بمقتضى قانون رقم (31/1974) بشأن الأحداث ،كما نص القانون الكويتي في قانون الأحداث الكويتي رقم( 3/1983 ) وقد حددت المادة الأولى منه المقصود بالحدث بأنه " يقصد بالحدث في حكم هذا القانون من لم يتجاوز سنه ثماني عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة أو عند وجوده في إحدى حالات التعرض للانحراف ".

وهكذا دل القانون على أن العبرة في سن المتهم هي مقدارها " وقت ارتكاب الجريمة"( ) بصرف النظر عن وقت اكتشاف الجريمة أو وقت الإحالة أو المحاكمة .

الفرع الأول
سن الأهلية الجنائية ...

يعتبر الشخص راشداً متمتعاً بالأهلية الجنائية كاملة وأهلاً بالتالي لأن يسأل مسئولية تامة وأن توقع عليه العقوبات إذا كان قد أتم سن الثامنة عشر وقت ارتكاب الجريمة ، وتظل أهلية الشخص قائمة مهما بلغ به العمر طالما لم يصيبه عارض من عوارض الأهلية الجنائية ، وهذا معناه أن الشيخوخة لا تأثير لها على الأهلية الجنائية اللهم إلا إذا تسببت في انحطاط الملكات العقلية للشيخ وحتى في هذه الحالة فإن أهليته الجنائية تتأثر بذلك الانحطاط لا بالشيخوخة ذاتها .

وهذا معناه أن الشارع المصري قد افترض أن الشخص رجلاًُ كان أم أنثى يستجمع ملكاته الذهنية والعقلية في حالتها الطبيعية الكافية لقيام المسئولية الجنائية إذا أتم الثامنة عشرة.

الفرع الثاني

امتناع مسئولية القاصر الذي لم يتم السابعة من عمره:

كان المشرع المصري ينص في المادة 64 عقوبات قبل إلغائها بإصدار قانون الأحداث على أنه " لا تقام الدعوى على الصغير الذي لم يبلغ من العمر سبع سنين كاملة " ، ورغم أن النص لم يرد له في قانون الأحداث المعمول به مقابلاً ، لأن حكمها منطق تفرضه طبيعة الأمور دون نص ، إذ لا يتصور أن يكون الصغير الذي لم يبلغ السابعة أهلاً لتحمل المسئولية الجنائية دون أن يتوفر له التمييز ( ) ، ومن هنا نصت المادة الثالثة من قانون الأحداث على أن مثله يتعرض للانحراف " ... إذا صدرت منه واقعة تعد جناية أو جنحة " ، وهو ما فسرته المذكرة الإيضاحية بقولها " إن الحدث الذي تقل سنه عن سبع سنوات ويرتكب فعلاً مخالفاً لقانون العقوبات ينظر إليه بوصفه معرضاً للانحراف لا بوصفه مرتكباً لجريمة ، وذلك تمشياً مع سن التمييز الجنائي الذي أخذ به قانون العقوبات وهو السابعة " .

وهذا معناه أن الصغير الذي لم يتم السابعة من عمره وقت ارتكاب الفعل تمتنع مسئوليته العقابية فلا يجوز توقيع العقوبة عليه ، لأنه لا تجوز ملاحقة مثله جزائياً ، وترجع العلة وراء امتناع مسئولية هذا الصغير وعدم جواز ملاحقته جنائياً إلى غياب الملكات الذهنية والعقلية لدى الصغير منذ ميلاده إلى سن السابعة أو بالأقل انحطاطها انحطاطا ضخماً الأمر الذي يترتب عليه انتفاء الوعي والإرادة لدى مثلهم على نحو لا يسمح بإدراك معنى الجريمة ومعنى العقوبة والاختيار بين الأقدام عليها و الإحجام عناه ، وهو أمر مفترض افتراضاً لا يقبل إثبات العكس .

والعبرة في تقدير سن الصغير هي بوقت اقتراف الفعل لا بوقت اكتشاف الجريمة أو تقديمه للمحاكمة.

الفرع الثالث

مسئولية الولد بين السابعة والخامسة عشر :

لا توقع عقوبة في القانون المصري أو الكويتي على من لم يتم الخامسة عشر من عمره حين اقتراف الجريمة ، على ما نصت عليه قانون الأحداث " فيما عدا المصادرة وإغلاق المحل ، ولا يجوز أن يحكم على الحدث الذي لا يتجاوز سنه خمسة عشر سنة ويرتكب جريمة ، أية عقوبة أو تدبير مما نص عليه في القانون .

وهذا معناه أن القاصر الذي لم أتم السابعة من عمره ولم يتم الخامسة عشرة يجوز توقيع " العقوبة " عليه وذلك على أساس أن الملكات الذهنية التي تتوفر لمن في سنه لم تصل بعد إلى مرحلة النضوج التي تسمح له بإدراك مغزى العقوبة كألم مقصود من تذوقه زيادة مقاومته للجريمة ، كما أن توقيع العقوبة على مثله يحمل خطر التأثير السيئ على بنية الصغير وعلى نفسيته ، مما قد يؤدي إلى صيرورته بعد العقوبة على حالة صحية ونفسية مخربة والعبرة في تقدير سن الصغير هي بوقت اقتراف الفعل الجرمي ( )، ومع ذلك فإن هذا الصغير وإن أمتنع تطبيق العقوبة عليه إلا أنه يحكم عليه ـ على ما تقضي به المادة السابعة من قانون الأحداث بأحد التدابير الآتية:ـ
1ـ التوبيخ.
2ـ التسليم.
3ـ الإلحاق بالتدريب المهني .
4ـ الالتزام بواجبات معينة.
5ـ الاختبار القضائي.
6ـ الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية .
7ـ الإيداع في إحدى المستشفيات التخصصية .

كما انه إذا أرتكب الحدث الذي لا تزيد سنه على خمس عشرة سنة جريمتين أو أكثر وجب الحكم عليه بتدبير واحد مناسب ، ويتبع ذلك إذا ظهر بعد الحكم بالتدبير أن الحدث ارتكب جريمة أخرى سابقة ولاحقة على ذلك الحكم ، كما أن الحدث دون الخامسة عشر من عمره لا يسري عليه قانون العود للإجرام .

الفرع الرابع

مسئولية الفتيان بين الخامسة عشر والثامنة عشر ...

والوضع بالنسبة لهم مختلف عن الفئات السابقة حيث قرر المشرع أن ملكاتهم العقلية وإن اتجهت نحو النضوج إلا أنها لم تدرك بعد النضوج الكامل ، فقرر إخضاعهم لبدأ توقيع العقوبات العادية وإن خفضها وجوباً على نحو يتناسب مع النقص الذي لا يزال في ملكاتهم كما أجاز تطبيق بعض التدابير عليهم بدلاً من العقوبة .

وعليه فإذا أرتكب الحدث الذي يزيد سنه عن خمسة عشر عاماً ولم يتجاوز الثامنة عشر عام جريمة عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات وإذا كانت الجناية عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن ، تبدل هذه العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ، وفي جميع الأحوال لا تزيد على ثلث الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة ويجوز للمحكمة بدلاً من الحكم على الحدث بإحدى هذه العقوبات أن تحكم بإيداعه إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية مدة لا تقل عن سنة طبقاً لأحكام هذا القانون .

أما إذا ارتكب الحدث جنحة يجوز الحكم فيها بالحبس ، فللمحكمة بدلاً من الحكم بالعقوبة المقررة لها ،أن تحكم عليه بأخذ التدبيرين الخامس أو السادس من التدابير السالف الإشارة إليها .

وإيماناً من المشرع الكويتي بأهمية الأحداث ورغبة جازمة منه في الإفادة من معطيات التطور العالمي بهذا الشأن وحرصاً على رعاية مصالح هؤلاء الأحداث اللذين انحرفوا لظروف مختلفة ومتفاوتة ، فقد أفرد لهم قانوناً خاصاً مستقلاً وهو القانون رقم 3/1983 ، وقد جمع فيه كافة الأحكام الخاصة بالأحداث ، سواء كانت أحكام موضوعية أو إجرائية ، كما تبنى فيه أهم ما وصلت إليه التشريعات الجنائية المتطورة ، ولهدف معلوم وهو انتزاع الأحداث من الوسط المحيط بهم الذي جعلهم يصنفون كأحداث لتحيق الأمان الاجتماعي لهم وللمجتمع بأسره حتى يستقيم بهم الحال دون أن يؤثرون على مسيرة غيرهم من الأسوياء المحيطين بهم . ومن هذا المنطلق قسم المشرع الكويتي في القانون المشار إليه الأحداث إلى نوعين:
الأول.. الأحداث المعرضون للانحراف .
الثاني.. الأحداث المنحرفون.
وسنتناولهم بحثاً ثم نختتم البحث بتنظيم محاكم الأحداث .

الورقة الأولى

أولاً .. الأحداث المعرضون للانحراف ..
سنتناول في هذا المبحث تعريفهم وصور التعرض للانحراف وحكم الأحداث المعرضون للانحراف .

1ـ تعريف الأحداث المعرضون للانحراف ..

وهم صغار السن اللذين يوجدون في وضع يعرضهم للانزلاق في مهاوى الجريمة ، وبعبارة أخرى هم الأحداث المهددون بالوقوع في شباك الانحراف ، والأصل أن قوانين العقوبات لا تتدخل إلا بعد وقوع الجرائم ولكن الشارع الجنائي استفاد من تطور تشريع الأحداث الجنائي في عدد من البلاد الأجنبية والعربية ، كالقانون المصري رقم 31 لسنة 1972 ، والتشريع الفرنسي الحديث ، وقرر أن يخطو هذه الخطوة المتقدمة المتمثلة بأبعاد الحدث المعرض للانحراف ، قبل سقوطه في حماة الجريمة ، وذلك لم يعد بعد تدخل القضاء في شئون الأحداث تدخلاً جزائياً صرفاً بل أصبح رعائياً ووقائياً عندما يستدعي وضع الحدث العائلي أو الاجتماعي أو السلوكي اتخاذ تدابير معينة تبعده عن عوامل السوء المهيئة للانحراف وتخضعه إذا لزم الأمر لتدابير إصلاح وإن لم يرتكب فعلاً معاقباً عليه قانوناً ، وحسناً فعل المشرع الكويتي بهذا الإصلاح الهام .

2ـ صور التعرض للانحراف في التشريع الكويتي ..

صور التعرض للانحراف في التشريع الكويتي : ـ
نصت المادة الأولى من قانون الأحداث، فقرة (أ) على أن ...

الحدث يعتبر معرضاً للانحراف إذا وجد في أي من الحالات الآتية: ـ

أ‌-إذا وجد متسولاً أو مارس عملاً لا يصلح مورداً جدياً للعيش ، وقد عرفت محكمة النقض الفرنسية التسول بقولها " هو التقدم بطلب الإحسان من الغير بغية الحصول على مساعدة مجانية دون تقديم أي شيء مقابلها تكون لها قيمة تذكر "

وقررت في أحكام أخرى أن التسول يتحقق سواء كان طلب الإحسان قد وجد مباشرة ( صراحة ) أو أخفى تحت ستار عمل تجاري لاشيء فيه عن الجد والحقيقة ( ).

ويكون هذا المعنى أكثر وضوحاً عند المقارنة بالحالة الثانية حيث استعمل المشرع للتعبير عنها لفظ مارس التي تفيد التكرار.

ولعل سبب عدم اعتبار التسول جريمة والنص على اعتباره حالة من حالات تعرض للانحراف أو خطورته الاجتماعية أنه بطبيعة سنه وبنيته ف حاجة إلى من يرعاه وينفق عليه، ولا يدفعه إلى التسول في الغالب إلا حاجته الملحة للطعام ( ) .

ب‌-إذا قام بأعمال تتصل بالدعارة أو الفجور أو القمار أو المخدرات أو المسكرات أو نحوها أو قام بخدعة من يقومون بها.

وهذا هو ما قرره أيضاً مشروع قانون الأحداث الجديد في مادته الأولى منه ، فقرة [ج] ، ويؤخذ على هذا النص أنه فضفاض تعوزه الدقة والتحديد وهذه الصورة من صور التعرض للانحراف تثير كثيراً من الصعوبات و أول ما يصادفنا في هذا الصدد هو العمل على فصل الأعمال المتصلة بالجريمة عن الجريمة ذاتها .

ت‌-إذا خالط المتردين أو المشتبه بهم أو الذي أشتهر عنهم سوء السيرة أو فساد الأخلاق، وبذلك أدرك المشرع الكويتي أهمية المخالطة للانحراف، وأولى هذه الناحية عنايته، فخصص لها فقرة مستقلة.

ث‌-إذا اعتاد الهروب من البيت أو من معاهد التعليم أو التدريب وتشير الدراسات إلى أن الهارب له علاقة بالجنوح الصريح في المستقبل ، ولذلك أدخل المشرع الكويتي مشكلة الهرب من البيت أو من معاهد التعليم أو التدريب في قانون الأحداث كسلوك معرض للانحراف .

ج‌-إذا كان مارقاً من سلطة أبويه، أو ولي أمره، أو وصيه في حالة وفاة وليه أو غيابه أو الحكم بعدم أهليته، يعد في نظر القانون معرضاً للانحراف أو الانزلاق إلى الهاوية.

ح‌-إذا لم يكن له محل إقامة مستقر أو كان يبيت عادة في أماكن غير معدة للإقامة أو المبيت فيها.

وهذه الحالة ترشح لا شك تعرض الحدث للانحراف ، وذلك لأن عدم وجود المحل يعني فقدان الوسط الاجتماعي الذي يرعي الصغير ويوجهه ويقوم بالإنفاق عليه ، سواء كان هذا الوسط يتكون من والديه ، أم من أولياءه أو أوصياءه أو أحد أصدقاءه ، فغياب السكن المستقر يعني بالضرورة غياب هذا الوسط الاجتماعي ، والذي يكون الحدث في هذا السن أحوج ما يكون إليه إذ أنه في سن التلقي و بلوغ مرحلة الإدراك وتكوين الإرادة ، فما أحوجه لوسط اجتماعي ملائم ، وفيما سبق من صور عرضناها نجد أن المشرع الكويتي لم يختلف كثيراً عن المشرع المصري فقد شابهه لدرجة كبيرة ( )

3ـ حكم الأحداث المعرضين للانحراف ..

الحدث المعرض للانحراف لا يعرض مباشرة على نيابة الأحداث، بل يسلم عند ضبطه إلى الجهات المختصة بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، لاستضافته في مراكز الاستقبال لحين عرضه على هيئة رعاية الأحداث.

وللمحكمة أن تتخذ في حقه أحد التدابير الآتية :ـ

أ‌-تسليم الحدث لولي أمره مع أخذ التعهدات اللازمة بحسن رعايته.
ب‌-تسليم الحدث لعائل مؤتمن ـ إذا لم يكن لهولي أمر ـ مع أخذ التعهدات اللازمة بحسن رعايته.
ت‌-تسليم الحدث إلى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية .

ويجوز لهيئة رعاية الأحداث اتخاذ إحدى هذه التدابير دون قرار من المحكمة إذا وافق على التدبير ولي أمر الحدث ( )


الورقة الثانية

ثانياً .. الأحداث المنحرفون ..

نبحث على التوالي، أولاً، التعريف القانوني للحدث والحدث المنحرف، وثانياً، المسئولية الجزائية والتقويمية.

أولاً .. التعريف القانوني للحدث والحدث المنحرف .

حدد المشرع الكويتي في المادة الأولى ، فقرة (أ) من قانون الأحداث الجديد بقوله "كل ذكر أو أنثى لأم يبلغ من السن تمام السنة الثامنة عشر وارتكب فعلاً يعاقب عليه القانون".

ومن هذا يتضح أن المشرع قد جعل سن الثمانية عشر عاماً (بلوغها بتمامها ) ، حدا فاصلاً بين الحداثة ، والبلوغ أو فيما بين الأشخاص الذين ينطبق بشأنهم أحكام هذا القانون وبين غيرهم من البالغين الذين ينطبق عليهم أحكام القوانين العامة ، وهو ما أتفق علي تسميته سن الرشد الجنائي فيعد من لم يبلغ هذه السن قاصر الإدراك والتمييز بما يقتضي تخفيف المسئولية الجنائية قبله نظرا لهذا القصور ، ويعتبر من تجاوز هذه السن من الأشخاص البالغين الذين تطبق بشأنهم أحكام القوانين العامة ويسألون مسئولية جنائية كاملة .

وبناء عليه فأننا يمكننا استخلاص معنى الانحراف من المادة المشار إليها، و بالنظر في هذا النص يتضح أن الانحراف لا يتحقق إلا بتوافر عنصرين :

العنصر الأول:
هو، ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون.
العنصر الثاني:
هو، أن يكون مرتكب هذا الفعل شخص أتم السابعة من عمره ولم يبلغ بعد تمام الثامنة عشر

وبناء عليه لا يتحقق وصف الانحراف بمجرد نسب جريمة ما إلى حدث أي اتهامه بارتكابه و أنما يجب أن يثبت ذلك أمام المحكمة المختصة بحكم نهائي.

والعبرة في تحديد سن الحدث هي بلحظة وقوع الجريمة ، أو الوقت الذي وجد به في أحدى حالات التعرض للانحراف ، لا بتاريخ رفع الدعوى أو بوقت صدور الحكم وهذا أمر يكاد يكون مجمعا عليه ( ) وعلي هذا أستقر قضاء محكمة النقض المصرية ( ) والفرنسية ( ) وذلك لأن التمييز مطلوب توافره في الوقت الذي يوجه الجاني فيه إرادته إلى ارتكاب فعله .

ثانيا .. المسئولية الجزائية والتقويمية للأحداث المنحرفين : .

يقسم المشرع الكويتي الأحداث إلى ثلاث فئات وفقا لانعدام أو تدرج عنصر الإدراك ( التمييز ) ، وعلي أساس هذا الانعدام أو التدرج يضع المشرع أحكامه .

أ) الفئة الأولى: وهي، تتميز بفترة عدم المسئولية المطلقة.
أعتبر المشرع كل من لم يبلغ السابعة من عمره عديم التمييز وبالتالي منعدم المسئولية الجزائية بصورة كلية إذ قضت المادة 5 من قانون الإحداث علي أنه " لا يسأل جزائيا من لم يبلغ من العمر وقت ارتكاب الجريمة تمام السنة السابعة "
ولذلك لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية ضده عن الفعل الذي أرتكبه مهما بلغت خطورته ، ومع ذلك فأن إعفائه من المسئولية الجزائية لا يعفيه من المسئولية المدنية عن الجريمة التي أرتكبها ، فهو مسئول في ماله الخاص عن تعويض أي ضرر يصيب غيره في ماله أو في نفسه ، فأن لم يكن له مال يدفعه عنه وليه أو وصيه ( )

ب) الفئة الثانية :
خص المشرع الكويتي الحدث الذي أتم السابعة ولم يكمل الخامسة عشر من عمره وفقا خطة تنطوي علي محاولة تهذيبه وتأهيله لحياة شريفة ، عن طريق اتخاذ بعض التدابير التقويمية .

والتدابير التي يجوز اتخاذها في شأن الأحداث من الحداثة هي :

1)التوبيخ

وقد أخذ بهذا الإجراء التقويمي كثير من القوانين الجنائية الحديثة ، نذكر منها القانون الفرنسي ( ) والألماني ( ) والمصري ( ) وقد عرف المشرع الكويتي التوبيخ في المادة [ 7 ] من قانون الإحداث بقوله : " يكون التوبيخ بتوجيه اللوم والتأنيب إلى الحدث علي ما صدر منه وحفه علي السلوك القويم وسلطة القاضي في تطبيق هذا الإجراء تمتد إلى جواز فرضه من أجل أي جريمة أرتكبها مهما كان نوعها جناية أو جنحة .

2)التسليم:

ويقصد به ، تسليم الحدث المنحرف إلى أحد أبويه ، أو لولى النفس أو الوصي ، وكل شخص ضم إليه الحدث بقرار أو حكم من جهة الاختصاص والغرض من هذا الإجراء التقويمي ، تهذيب الحدث وتربيته ، وإصلاحه ، والاهتمام به ورعايته ومراقبته مراقبة جدية ومنعه من ارتكاب أفعال مخالفة للقانون ( ) الأمر الذي يؤدي إلى القول بأنه يجب على القاضي أن لا يأمر بتقرير هذا الإجراء إن لم ير من ظروف الحال ما يوصل إلى تلك النتيجة .










التوقيع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الأهلية القانونية الجزء الثاني

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طلاب جامعة جيلالي ليابس سيدي بلعباس :: قسم العلوم الانسانية والاجتماعية :: || منتدى الحقوق~-

 
©phpBB | منتدى مجاني | العلم و المعرفة | التعليم و التدريس | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع